لأكثر من عشرين يوماً، انعزل السودانيون، القليل منهم، عن العالم، بسبب قطع خدمة الإنترنت منذ فض الاعتصام من أمام القيادة العامة للجيش، صبيحة الثالث من يونيو الجاري، ليحرم الملايين من المشتركين في خدمة الإنترنت عبر الموبايل، والذين يقدر عددهم وفق معلومات رسمية بنحو من 11 مليون مشترك، إلا أنّ شريحة الإعلاميين والصحافيين تظل الفئة الأكثر تضرراً وفق إفاداتهم، مشيرين إلى تضاعف معاناتهم عبر الحرمان من الحصول على المعلومة. «رجعنا للعصور الوسطى»، أول ما ابتدر به الصحافي سيف جامع إفاداته لـ «البيان»، لافتاً إلى أنّ قطع خدمة الإنترنت مثّل كارثة حقيقية للكل لاسيّما العاملين في الحقل الصحافي، إذ إنّ الحصول على المعلومة ومواكبة المستجدات بات أمراً عسيراً. ويضيف: «إذا أردت إرسال رسالة إلكترونية، فإنّ هذا الأمر يتطلب منك جهداً كبيراً بالذهاب من منزلك إلى مقر العمل حيث تتوفر خدمة الإنترنت عبر الكوابل الأرضية، المسألة في غاية المشقة». تأثير وشكّلت معاناة قطع الإنترنت في السودان، عقبة كبيرة وعائقاً أمام إنتاج وإرسال المادة الصحافية والإعلامية بشكل كبير، وفق ما يرى الإعلامي في شهادته لـ«البيان». ويضيف: «هذا سيؤثّر بالتأكيد على الإنتاج الصحافي في عصر يعتمد بشكل أساسي على السرعة والمواكبة من خلال الشبكة العنكبوتية، وبدلاً من أن يفكر الإعلامي في إنتاج مادة صحافية تهم القارئ، ينصب تفكيره في البحث عن الإنترنت». ويلفت عبد الغني، إلى أنّ خدمة الإنترنت متوقفة تماماً عدا في بعض المكاتب التي تعمل بالمحطات الأرضية، موضحاً أنّ الصحافي الذي كان يظل في مكانه وينتج مادته الصحافية، أصبح يبحث عن المكاتب التي تتوفر بها خدمة الإنترنت الأرضية لإنتاج مادته. انتهاك بدورها، تذهب الصحافية، هند رمضان، إلى أنّ حرمان السودانيين من خدمة الإنترنت يمثل انتهاكاً لحقهم في التعبير والحصول على المعلومة، وهي من الحقوق الأساسية المنصوص عليها في القوانين والمعاهدات الدولية، مضيفة:«كصحفية كان الإنترنت بالنسبة لي مصدر أساسي للمعلومات، ومعظم عملي يتم عبرها، حالياً عدنا للطرق التقليدية فإما أن تصل للمصدر عبر المهاتفة أو أن تذهب إليه في مكانه، وهذه الوسائل أكثر كلفة بالنسبة للصحافي الذي يتقاضى راتباً لا يحتمل زيادة التكاليف، في ظل توفر خدمة الإنترنت يمكنك أن تتواصل مع مصدرك بأي شكل كان، الآن أصبح ذلك في منتهى الصعوبة». قرار سياسي من جهته، اعتبر مدير مركز الخرطوم لحقوق الإنسان، د. أحمد المفتي، أنّ قرار وقف خدمات الإنترنت قرار سياسي لمنع توظيف التكنولوجيا الرقمية في الاحتجاجات السياسية، مشيراً إلى إمكانية الطعن في قرار قطع الإنترنت أمام الجهات القانونية، باعتبار أنه يتضمّن حقين الأول يتمثّل في حق تعاقدي بين المستخدم وشركات الاتصالات، فيما يتعلّق الحق الثاني بحرية التعبير التي كفلتها المواثيق والقوانين الدولية والدستور السوداني، وذلك عبر كل الوسائل من بينها الإنترنت.طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :