تحقيق: جيهان شعيب لا عذر لتقصير، ولا مبرر لإهمال يمكن قبوله من أي شخص كان، أمام صغار أبرياء تحصد أرواحهم، وتأتي على أجسادهم نيران الحرائق هنا وهناك. أطفال في عمر الزهور في مهب دخان وشرر لا يفرق بين كبير قادر على النجاة بنفسه، وصغير لا حيلة ولا حول ولا قوة له أمام وهجها؛ لانعدام قدرته على إنقاذ نفسه.حوادث الحرائق ومع قدوم الصيف بقيظه أصبحت الفزع الأكبر للأسر على اختلافها، لاسيما وفلذات الأكباد أضحوا من أوائل ضحاياها، وبالتالي هم الخسارة الأعظم لذويهم خاصة، وللمجتمع عامة؛ كونهم عماد إمارات الخير، والمكون الرئيسي لمستقبل أيامها، والسواعد المنتظرة؛ لاستكمال مسيرة تنميتها، والمحافظة على مقدراتها.ويتأجج الحزن مجدداً على طفلين بريئين (3 و4) سنوات قضت النيران على حياتهما، أمس؛ إثر احتراق منزل أسرتهما في منطقة مضب، كما لا يمكن بحال نسيان حادث الحريق، الذي وقع العام الماضي في فيلا بمنطقة بني ياس شرق 7 في أبوظبي، وراح ضحيته 8 مواطنين من أسرة واحدة؛ بينهم خمسة أطفال، تتراوح أعمارهم ما بين (2 و3 و4 و7) سنوات، فالنيران العمياء تأتي على الأخضر واليابس؛ حيث وفي حريق بني ياس قال رب الأسرة: إن الأطفال الضحايا كانوا نائمين في غرف المعيشة، وهم: ابنته، وثلاثة من أبناء شقيقته، وابنة أخيه، وإنه فوجئ بالحريق عند عودته من صلاة الفجر، وكان الحريق قد اندلع في الطابق الأرضي من الفيلا المكونة من طابقين، ثم تصاعدت ألسنة الدخان للطابق الثاني.هناك حادث الحريق الذي وقع خلال العام الماضي في منطقة دبا الفجيرة، وأثار ألماً مجتمعياً؛ لقضائه على حياة سبعة أشقاء في آن واحد، أصغرهم كانت طفلة في الخامسة من عمرها، وأكبرهم 15 عاماً، توفوا اختناقاً أثناء نومهم، عقب ماس كهربائي، اندلعت بسببه النيران في غرفتهم، ولم يتمكنوا من الهروب من ألسنة النيران، فيما حال تصاعد النار من وصول ذويهم إليهم، وفشلت محاولات إنقاذهم، وكانت الشرطة قد عثرت على 4 من الأطفال خلف باب حجرتهم، بما يدل على أنهم كانوا يحاولون فتح الباب، ويعد الحادث الأكثر مأساوية في سجل هذه الحوادث.ولطالما دعت مختلف إدارات الدفاع المدني على مستوى الدولة إلى ضرورة تأمينها، واختارت قيادتنا الرشيدة أن تأخذ زمام المبادرة، فصدرت توجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، بربط بيوت وفلل المواطنين السكنية بنظام الإنذار المبكر وغرف العمليات في إدارات الدفاع المدني؛ للمحافظة على أرواحهم.هذه الحوادث لن تكون الأخيرة؛ فالسبحة مستمرة وستطول، إلى حين التزام الجميع بمشروع «حصنتك» لوزارة الداخلية، الذي يهدف إلى ربط بيوتهم ومساكنهم وفللهم بمنظومة غرف عمليات الدفاع المدني، التي تحتوي على منظومة استشعار دخان، تعمل بشكل ذاتي من دون الحاجة إلى تمديدات، وصفارة إنذار داخلية؛ للإخلاء الفوري للقاطنين في حال وقوع أي حريق. تجهيزات ضرورية وفي هذا الصدد، يؤكد خالد عيسى المدفع الأمين العام المساعد في الهيئة العامة للرياضة، ورئيس اللجنة الشبابية الخليجية، بأن سلامة الأرواح تتصدر أجندة أولويات الدولة؛ حيث يمثل الإنسان ركيزة النهضة الحضارية، التي تشهدها، وتولي الإمارات اهتماماً كبيراً للدفاع المدني، ومعايير الأمن والسلامة، قائلاً: هناك محاضرات توعوية تنظم على مدار العام، إلى جانب التمارين التطبيقية للإخلاء والتعامل مع الحرائق؛ بغية تعزيز الجاهزية، والتركيز على البعد التوعوي؛ لترسيخ منظومة للوقاية من أخطار الحرائق في البيوت والمنشآت، كما تم إدخال أنظمة متطورة؛ لمقاومة وإخماد الحريق إلا أنه كثيراً ما تنشب الحرائق لاسيما في البيوت؛ بسبب خطأ ما في التعامل مع الأدوات الكهربائيّة، أو عدم مراقبة الأهل لأطفالهم الذين ربّما يتعاملون بأدواتٍ خطِرةٍ أثناء لعبهم؛ لذلك لا بُدّ من التنبّه لتلك النقطة الحساسة، واتخاذ الاحتياطات والتدابير المُناسبة؛ لتحقيق السلامة من الحرائق، وعدم الاستهانة بها مهما كانت ضئيلة.ومن الأهمية بمكان مراقبة الأطفال في المنزل بشكل دائم، وخاصّةً عند ذهابهم للمطبخ؛ لتجنّب العبث بالكهرباء، وأدوات إشعال النار والأفران، وتحذيرهم من خطورة مس أدوات إشعال النار أو العبث بها، وعدم تركهم في المنازل وحدهم دون مراقبة ومتابعة لهم، ولابد من تثقيف أفراد الأسرة وتوعِيتهم بكيفية التعامل مع الحرائق عند نشوبها، ويفضَّل تنظيم دورات في مراكز متخصّصة في هذا المجال؛ فربما يكون الحريق صغيراً في البداية ويكبر ليحرقَ المنزل كاملاً؛ بسبب قلة الدراية؛ لذا لابد من تزويد المنازل بمطافئ حرائق وفحصها بشكلٍ مستمرٍ؛ للتأكد من جاهزيتها وفاعليتها عند اللزوم، إلى جانب أهمية تركيب أجهزة إنذار، وأنظمة للحماية من الحرائق متصلة مع الدفاع المدني مباشرة في البيوت كافة، بما يساهم بشكل كبير في الحد من الحرائق وآثارها، فضلاً عن إطلاق وزارة الداخلية خدمة «حصنتك»؛ حيث تعمل على متابعة المنازل في الدولة على مدار الساعة، وطوال أيام الأسبوع، والاستجابة لأي حادث يتعلق بالحريق. شراكات للتثقيف وقال جاسم المازمي رئيس مجلس أولياء أمور الطلبة والطالبات في الشارقة: تندلع الحرائق لأسباب متعددة، وتكثر في فصل الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة؛ لكن ما يهمنا هنا هو حرائق المنازل على وجه الخصوص، والتي تنتج عن الأخطاء البشرية غير المتعمدة أو بسبب الإهمال، والتي بدورها تسببت في السنوات الأخيرة في إزهاق أرواح الكثيرين، لاسيما الأطفال.والمسؤولية الرئيسية في حماية الأطفال تقع على عاتق أرباب الأسر، وأولياء الأمور إن صح التعبير، فهم الذين ينبغي عليهم الاعتناء بسلامة أطفالهم الجسدية، والذهنية، والفكرية، والنفسية، ولا تقتصر المسؤولية على توفير الاحتياجات الأساسية، والتربية الصحيحة، والغذاء الصحي، والتعليم المتميز، والتطبيب وغيره، وإنما هي أبعد من ذلك، فعليهم أن يبعدوا أبناءهم عن كل ما يضرهم، ويحمونهم من المحيط الذي حولهم، والبيئة التي يعيشون بها.ومن جملة مهام أولياء الأمور بما يخص حماية أبنائهم من الحرائق والاختناق؛ اختيار السكن الملائم والمناسب، وتزويده بجميع مرافق السلامة، والأمان كأجهزة الإطفاء، وأجهزة كشف الدخان، واستخدام الشواحن الأصلية، وتغطية ومعالجة الأسلاك الكهربائية المكشوفة، واتخاذ جميع إجراءات أمن وسلامة المنازل، والتي تدعو لها الجهات الرسمية والمعنية المتخصصة؛ عبر النشرات الدورية والتلفاز وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي.كما أوجه دعوة إلى كافة أولياء الأمور وأبنائهم البالغين لحضور ورش عمل، ومحاضرات في مجال الوقاية والسلامة، كالورش التي تعنى بالإسعافات الأولية، وطرق إطفاء الحرائق المنزلية الصغيرة، وكيفية استخدام طفاية الحريق وغيرها من البرامج والأنشطة المفيدة.ونحن في مجلس أولياء أمور الطلبة والطالبات في الشارقة بصدد فتح شراكات عدة مع الجهات المعنية؛ مثل: هيئة الوقاية والسلامة، ومعهد التدريب الوقائي للتعاون في تنظيم محاضرات، وأنشطة وورش عمل لأولياء الأمور، ورفع مستوى التثقيف لديهم في مجال الأمن والسلامة. مسؤولية الأسر وقال خالد الغيلي عضو لجنة الأسرة في المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة: لابد من تنظيم ورش ومحاضرات توعوية للأسر عن كيفية حماية صغارهم من التعرض لمثل هذه الحوادث التي ترتبط بفصل الصيف؛ لارتفاع درجات الحرارة، ومن الأهمية توعيه الأطفال أيضاً بتجنب العبث بالأسلاك الكهربائية، والتوصيلات.ولابد أن تدقق الأسر على مصادر الكهرباء كافة يومياً قبيل خلود الجميع للنوم، وعلى أزرار الإنارة الداخلية، والمكيفات، حتى لا تنبعث شرارة من أي منها تؤدي إلى ماس كهربائي، يؤدي بالتالي إلى اندلاع حريق، ومن الضروري كذلك تنبيه المستخدمين في المنازل إلى التبليغ عن كل ما يثير القلق من أسلاك كهربائية غير مغطاة في ساحة المنزل أو في المطابخ وغيرها.وفي كل عام وقبل دخول فصل الصيف، ينشط الدفاع المدني في العين كسائر الإدارات في مختلف إمارات الدولة في إطلاق حملات الوقاية من حرائق الصيف، والتي تركز على تعزيز السلامة للأسر في المنازل، وإرشاد وتوعية المجتمع بمخاطر الحرائق عموماً، وكيفية الوقاية منها، وإرشادات السلامة العامة الضرورية، والإجراءات الواجب اتخاذها في حالات الطوارئ، بإصدار نشرات توعية وإرشاد عملي باشتراطات السلامة العامة، مستهدفاً أماكن تجمعات الجمهور، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة وموسم العطلات الصيفية، وتوزيعها على المصلين في مساجد العين وضواحيها. وتستمر حملة «سلامة دارك» التي تعد من الحملات الرئيسية بفعاليتها وأنشطتها على مدار ثلاثة أشهر متتالية هي مارس وأبريل ومايو، وتندرج تحتها حملات فرعية عدة، تتمثل في حملة ثقافة التعامل مع الحريق، وتشمل إجراءات السلامة في المنزل، والتعريف بأنواع طفايات الحريق وكيفية استخدامها. تمديدات عشوائية حذرت شركة العين للتوزيع من تجاهل المخاطر الناجمة عن التوصيلات الكهربائية العشوائية التي ينفذها بعض الأهالي، موضحة أن التمديدات غير الآمنة تعد سبباً رئيسياً لحدوث التماس الكهربائي، الذي قد ينتج عنه اندلاع الحرائق، وأيضاً الانقطاع المتكرر للكهرباء، وهو ما يمكن تجاوزه من خلال اتباع الإجراءات البسيطة والمحددة من قبل الشركة المزودة للطاقة، والتي تضمن توفر كافة عوامل الأمان والسلامة في الخيمة.وأكد محمد بن عمير الشامسي، مدير عام شركة العين للتوزيع، أن التمديدات العشوائية والأحمال الكهربائية الزائدة تعمل على تبديد وهدر المال والجهد وأيضاً وإلحاق الأذى بالجيران؛ حيث إنها غالباً ما تتسبب بانقطاعات متكررة في المنزل وتمتد أحياناً إلى المنطقة السكنية المحيطة نتيجة الماس الذي يتعرض له الكيبل، وهو ما يتطلب ساعات من العمل المتواصل لاستبدال القطع التالفة وإعادة التيار الكهربائي، إلى جانب ذلك فإنها تسهم بدرجة عالية جداً في تعريض الأجهزة الكهربائية الموجودة في المنزل للتلف.وكانت الإدارة العامة للدفاع المدني بالتعاون مع بلدية العين، قد أنجزت الخريطة التفاعلية الخاصة بالمدينة، التي توفر معلومات وبيانات وإحداثيات للمواقع بكل دقة، بما يسهم في حماية الأرواح والممتلكات، وذلك من خلال دمج ثلاثة برامج أساسية في برنامج واحد وفي موقع واحد.
مشاركة :