بثلاثة مليارات دولار أعلن عن استثمارها في باكستان، فضلًا عن توقيع مجموعة من الاتفاقيات الثنائية، أراد أمير قطر تميم بن حمد أن يضفي على زيارته إلى إسلام أباد طابعًا اقتصاديًا يغطي به على دوره كوسيط يعمل لصالح إيران. وكشفت مصادر دبلوماسية باكستانية لـ«عاجل» أن أمير قطر سعى، خلال هذه الزيارة، للحصول على وعد من رئيس الحكومة الباكستانية عمران خان، بإبقاء بلاده على الحياد، في المواجهة المحتدمة بين الولايات المتحدة وإيران، مضيفة أنه عمل على إقناع مضيفه بأن واشنطن تسعى فحسب إلى الضغط على طهران، تمهيدًا لفتح أبواب التواصل معها ثنائيًا. ووفق المصادر نفسها، فقد نقل تميم لرئيس الوزراء الباكستاني تقدير طهران لما وصفه بمواقف إسلام أباد الهادئة من تطورات الأزمة بالخليج، مشيرًا إلى أن الدوحة تأمل في مساعدة إسلام أباد لها في التقريب بين الولايات المتحدة وإيران، بما يحفظ لكليهما علاقة جيدة مع واشنطن، وفي نفس الوقت تعزيز فرص التعاون المستقبلي مع الجانب الإيراني، بعد خروجه من هذه الأزمة. وأشار تميم إلى أن مكانة باكستان، كقوة إسلامية ضاربة، تمنحها فرصًا كبيرة للقيام بدور إيجابي في كبح جماح الأزمة المشتعلة في المنطقة، لافتًا إلى أن إسلام أباد يجب أن تكون شريكًا في بناء الثقة بين طرفي الأزمة الرئيسين، دون أن يؤثر ذلك على علاقاتها الدولية. ولم يتسن لمصادر «عاجل» التعرف على رد رئيس الحكومة الباكستاني؛ لكن تسريبات إعلامية متداولًة أكدت أن خان عبَّر عن قناعة بلاده بأولوية التزام طهران بمقررات القمة الإسلامية الأخيرة، وأهمها التوقف عن تهديد الاستقرار الإقليمي ودعم الميليشيات المسلحة في كل من اليمن وسوريا، مشيرًا إلى أن السلوكيات الإيرانية الحالية كفيلة بإفشال أي محاولة لتطويق الأزمة. وأكد عمران خان أن رغبة بلاده في تنشيط دورها الخارجي، لا تعني تخليها عن التزاماتها التاريخية، لاسيما ما يتصل منها بعلاقاتها مع حلفائها الرئيسين. وكان خان أعلن، قبيل زيارة تميم، أن إسلام أباد تريد لعب دور مصالحة على الساحة العالمية وتعارض الانضمام إلى التحالفات العسكرية. وقال، في مقابلة مع وكالة «سبوتنيك»: «تعتقد حكومتي أننا نريد أن نكون دولة، تجمع بين الدول، وتلعب دورًا في تسوية الخلافات بين الدول؛ لكننا لن نريد أبدًا أن نكون جزءًا من أي دولة تنضم إلى أي تحالفات حرب». وأضاف: «نريد أن نلعب دورًا في الجمع بين الدول والسلام والتجارة، حتى نتمكن من تحقيق المزيد من الانسجام في هذا العالم. لذلك أنا مثالي وهذا ما أؤمن به». وحسب المصادر، فقد حاول الجانب الباكستاني إبقاء الزيارة في نطاقها الثنائي، وذلك من خلال التأكيد في البيان الختامي على أهمية تعزيز العلاقات بين البلدين، وسعيهما لتوسيع مجالات التعاون المشترك، دون أي إشارة واضحة للأوضاع الإقليمية والدولية. وجاء في البيان الختامي للزيارة أن باكستان وقطر اتفقتا على اتخاذ خطوات لتعزيز التعاون الثنائي وتوسيعه في مجالات الزراعة والغذاء، وحقول الغاز الطبيعي المسال والبترول واستكشاف وإنتاج النفط، وتشجيع استثمارات الطاقة والسياحة وزيادة عدد العمال الباكستانيين في قطر، والتعاون في مجال الطيران والشؤون البحرية والتعليم. وتأكيدًا لهذه الرغبة، قال مسؤول باكستاني، أمس الإثنين، إن إسلام أباد سوف تحصل على مساعدة مالية تقدر بثلاثة مليارات دولار من قطر من أجل تعزيز اقتصادها الضعيف. وأعلن المستشار المالي حفيظ شيخ عن هذه المساعدة في تغريدة، بعد يوم من انتهاء زيارة أمير قطر. وعلى الرغم من الحذر الرسمي في التعامل مع الحدث، قالت مصادر «عاجل»، إن زيارة أمير قطر قد تزيد من توتر العلاقة بين رئيس الحكومة من جهة وقوى المعارضة المعادية لإيران من جهة ثانية، كونها تمثل تحديًا للدول الحليفة لباكستان، وفي مقدمتها السعودية والإمارات. وعززت المصادر هذا التوقع بتزامن زيارة أمير قطر مع إعلان رئيس جمعية علماء الإسلام فضل الرحمن عن عقد مؤتمر الأحزاب المعارضة في السادس والعشرين من يونيو الجاري. وقال فضل الرحمن :«ستشارك في المؤتمر جميع الأحزاب بهدف وضع لائحة للتعامل مع الأحداث السياسية بما فيها التفكير في بدء حركة سياسية للإطاحة بالحكومة، وتغيير رئيس مجلس الشيوخ الباكستاني».
مشاركة :