التأويل بوابة العقل إلى الوجود

  • 6/27/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

هذه الدراسة التي أصدرتها الدكتورة فاطمة إسماعيل تحت عنوان «مقالات في فلسفة التأويل» خطوة على الطريق، ربما تفتح الباب لخطوات قادمة، تهدف إلى تعريف القارئ ببعض أصول التأويل، ومتطلباته وشروطه، ووظيفته، والكشف عن أهميته، بغية تحفيز عقل القارئ على ممارسته، خاصة داخل حقل النصوص التراثية، وعبر الخبرات التأويلية التي يعالجها هذا الكتاب، فإنه يضع على عاتقه تقديم نماذج استرشادية تمهد الطريق لبناء وعي بالكيفية التي يمكن أن نتعامل بها مع تراثنا الإسلامي العربي تعاملاً تأويلياً، حياً متجدداً لا نهائياً، مشمولاً بكل الأبعاد التي يمكن الاستفادة منها، من أجل تشكيل وعي تأويلي قوامه الحس التاريخي والنقدي في تناول موضوعات التراث. وكما توضح الكاتبة، فإن ظاهرة التأويل من أهم وأخطر الظواهر الإنسانية، لأنها ارتبطت بالإنسان كائناً من كان، إذ لو نظرنا إلى التأويل على أنه محاولات لاستكناه الغامض من اللغة، وإرادة الكشف عن معاني الكلمات، بل معنى الوجود ككل، قصد الفهم، ولو نظرنا إلى اجتهادات العقل البشري عبر عصوره بحثاً عن الحقيقة، وتوخياً للفهم، فسنجد أن الإنسان وهب القدرة على التأويل منذ أن علم الله آدم الأسماء كلها، فكل محاولات العقل وتجلياته لفهم الحقائق لا تخرج عن كونها تفسيراً أو تأويلاً، أي أن كل بحث أجراه فيلسوف ما أو مفكر ما، ما هو إلا محاولة لفهم حقائق الوجود. ظاهرة التفسير والتأويل ارتبطت أكثر بالنشأة الدينية حتى وسمت بأنها ظاهرة دينية، ارتبطت بمحاولات العقل لفهم النصوص الدينية، وبالفكر الديني على امتداد الأديان المنزلة كلها، لكنها عادت مرة أخرى في عصورنا الحديثة لتمتد خارج نطاق الدين، ليحلق التأويل في آفاق أوسع معلناً عن ميلاد الهرمنيوطيقا في الفكر الغربي الحديث، وليؤكد أن ظاهرة التأويل ترتبط بالإنسان، ما دام يسعى للفهم وللبحث عن المعنى والحقيقة في أي مجال. والتأويل باعتباره تفعيلاً للعقل في فهم النصوص الدينية أدى إلى بروز علوم تمحورت حول الدين، أو انبثقت منه كنتيجة طبيعية لآلية التأويل، ومحاولات العقل لفهم النصوص، وأهم هذه العلوم الإسلامية علوم القرآن، وأهمها علوم التفسير، وكذلك الفقه وأصوله وأصول العقيدة، والفلسفة والتصوف، جميعها علوم يدخل فيها التأويل.

مشاركة :