الاكتئاب يثقل كاهل أطباء السرطان

  • 6/27/2019
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

ليست خسارة مريض حالة نادرة في أوساط الأطباء، لا سيما عندما يتعلّق الأمر بالمتخصصين في أورام الدماغ إذ إن 90 في المئة من المرضى يخسرون المعركة في وجه هذا النوع من السرطان، غير أن آشلي سومرال لن تنسى يوما حالة عالجتها في بداية مسيرتها. وقد أثّرت فيها حالة ديفيد تأثيرا بالغا. فهذا المعاون السابق في البيت الأبيض قصد عيادتها بعد سنوات طويلة من العلاجات غير المجدية. وورمه الدبقي كان قيد التفشي. في بادئ الأمر، لم يكن ديفيد مريضا ليّن الجانب. وهو رفض بداية العلاج الستيرويدي الذي وصفته له لأنه يتلف عضلاته. لكن على مرّ الأيام، باتت الطبيبة صديقة مقربة ليس فحسب من ديفيد لكن من عائلته أيضا. وتروي آشلي سومرال الأستاذة المحاضرة في معهد ليفين لعلوم السرطان في كارولاينا الشمالية لوكالة فرانس برس "إنها صورة نمطية بعض الشيء لكن المرض يؤثر على العائلة برمتها. فنحن نعالج الشخص وشريكه أو الشخص الذي يرعاه أو أولاده... وفي نهاية المطاف، ننسج علاقات مع الأسرة بأكملها". قليلة هي الدراسات التي تطرّقت إلى حالات القلق والاكتئاب والإجهاد في أوساط الأطباء. وكلّ يوم يُقدم طبيب على الانتحار في الولايات المتحدة، بحسب تقرير صدر سنة 2018 عن الجمعية الأميركية للأطباء النفسيين، أي 28 إلى 40 لكلّ 100 ألف، وهو أكثر من ضعف المتوسّط السائد في أوساط العامة. ويقول بيل إيلي طبيب الأورام ونائب عميد كلية الطب في جامعة إموري في أتلانتا إن "الأطباء يتأخّرون عموما في طلب المساعدة في ما يخصّ مسائل الصحة العقلية والبدنية مقارنة بالبقية". ويضيف "عندما يعالج الطبيب حالات السرطان، يشهد على وفاة مرضى رافقهم في مسارهم. ونحن لسنا محضّرين كما يجب لتحمّل الضغوط الجسدية والنفسية والروحانية التي تولّدها حالات كهذه". ويشكّل العبء الملقى على كاهل الأطباء محور دراسات عدة، خصوصا في إطار نظام قياس الأداء المستخدم في المستشفيات الأميركية. غير أن عوامل الضغط التي يعاني منها أطباء الأورام هي أكثر شدّة بعد مقارنة بأصحاب الاختصاصات الطبية الأخرى، بحسب ميشال ريبا عالمة النفس ومديرة برنامج "سايكوأونكولوجي" في مركز السرطان التابع لجامعة ميشيغن. وهي توضح "نقيم معهم علاقات طويلة ونشكّل في أحيان كثيرة أملهم الوحيد في البقاء على قيد الحياة. ولا يحقّ لنا أن نخطئ. والضغوط الملقاة على كاهلنا كبيرة جدا". ويقول بيل إيلي "تتوالى المآسي مع توالي المرضى ولا نعير اهتماما كبيرا لطريقة تعاملنا مع الموت والحزن والمعاناة في داخلنا". وما يزيد الطين بلة المعاناة التي يقاسيها المرضى بسبب العلاج الكيميائي. ولا تغيب عن بال بيل إيلي ذكرى شابة في الثامنة والعشرين من العمر مصابة بسرطان نادر من نوعه هو الورم العضلي الخبيث (ساركوما). وبسبب العلاج، بات يصعب عليها ابتلاع الطعام وكان اللعاب يسيل باستمرار من فمها. ولا يزال العلاج الكيميائي حتى اليوم ركنا أساسيا من أركان علاج السرطان، لكن علاجات أخرى بدأت تشقّ طريقها، مثل العلاج المناعي، هي أقلّ قساوة وتتيح إطالة أمد العيش. غير أن هذه المعادلة الحديثة تعقّد علاقة الطبيب بالمريض بعد أكثر، إذ بات في الإمكان أن تمتدّ الروابط سنوات طويلة، بحسب إيلي الذي لم يعد يبالي بشيء في فترة من مسيرته المهنية. وهو يروي "كنت فاقدا للإحساس والحيوية لسنوات طويلة. لكنني تخطيت هذه المحنة بفضل زميل ساعدني على استعادة طعم الحياة". أما آشلي سومرال، فهي لا تزال على اتصال بأرملة ديفيد. وهي تخبر "لا مجال للمقارنة بين ألمنا وما يقاسونه... لكننا ننتهز الفرصة لمساعدة الآخرين في محنتهم".

مشاركة :