في حفل تكريم الفنان القدير الراحل خالد النفيسي - عن دوره في مسرحية حرم سعادة الوزير - اعتلى المسرح موشحاً بعلم الكويت لتسلم شهادة تقدير ودرع تكريمية من الراحلين الشيخ سالم صباح السالم وحمد الرجيب، ثم توجه راكضاً على الفور لتقبيل جبين الراحل زكي طليمات، قبل أن يعتلي المسرح مجدداً ليقف مع بقية المكرمين.هذا خالد النفيسي أهم مؤسسي الحركة الفنية في الكويت والخليج قاطبة، الذي يكتسب بين زملائه مكانة بمثابة يوسف بيك وهبي الكويت، وهذا أستاذه ومعلمه الممثل والمؤلف والمخرج المصري الذي أوفد من بلاده للإشراف الفني على المسرح العربي، للاستفادة من تجربته في تونس وقبلها وطنه الأم وهذه الكويت سنة 1979!بعد أربعين عاماً من الماضي المتقدم يتراجع حاضرنا في كل شيء، وتصبح مشكلتنا الوحيدة القضاء على الوافدين من دون وعي أو تخطيط أو دراسة، ومن دون بدائل واهتمام بالخسائر، فكل شيء يهون في سبيل القضاء على الوافدين ومنعهم من العلاج أو الولادة في مستشفياتنا المخصصة للكويتيين، الذين ما إن سيطروا على شيء حتى أداروه بطريقة: إن نجح يشرفنا وإن لم ينجح «ما يمثلنا»، كما في المسلسلات التلفزيونية على سبيل المثال البسيط من دون دخول في القضايا الكبرى والحساسة.كل المسلسلات الكويتية التي نفتخر بأنها تمثلنا منذ العام 1975 الى 1990 كتبها وافد فلسطيني يدعى طارق أحمد عثمان، ومنذ غادر البلاد في التسعين حتى غادر الحياة في العام 2004، عاقبنا أنفسنا بعدم الاستعانة به ولو في لجان التحكيم، ولا في الإشراف ولا في التدريب، إلى أن تراجعت الدراما، فعدنا للتباكي على الكحل المسكوب بعد خراب النصوص وأزمة الافتعال في الأداء مثل انفعالاتنا! والتي وصلت أمس، بحسب ما جاء في «مانشيت» «الراي» الرئيسي، إلى حد مضاعفة رسوم الولادة وتخصيص مستشفيات بعيدة للوافدين، وقريبة للكويتيين، منعا للاختلاط أو انتقال العدوى ربما!أخذتنا العزة بالنفس في الاعتماد على النفس، وكأنما في كوكب معزول للتضييق على الوافدين، بذريعة بقاء أصحاب الكفاءات فقط - وهم الأول انسحابا - فعزيز النفس يضحي بنصف قوته في سبيل كرامته، وأصحاب الكفاءات لا يجلسون في بيوتهم يوماً واحداً، ولا يبحثون عن عمل لا يرحم، رحم الله إمرء عرف قدر نفسه!أما نحن فلن يبقى لنا بعد مسلسل الهروب الكبير بين تطفيشنا واستقطاب غيرنا، إلا الحد الأدنى من الكفاءات والكرامات، والأدوات بيد المعازيب لضرب معازيب آخرين لا يستطيعون أن يواجهوا بعضا ويلجأوا إلى الحل الأمثل «قطها براس وافد وارجع سالم»!لا تستغرب إن وجدت وافداً يحارب الكفاءات الكويتية، ولكن فتش عن الكويتي الذي ليس لديه كفاءة، الواقف خلفه فـ«هيك كويتي بدو هيك وافد»، ولن تؤثر عليه زيادة الرسوم فالكويتي في هذه الحالة «دفيع جاد»!عندما كان لدينا خالد النفيسي الذي يقبل رأس معلمه، كان لدينا زكي طليمات، وعندما صار لدينا من يريدون أن يكسروا رؤوس خصومهم ومنافسيهم، صار لدينا وافدين من نوع «أبو الكتكات خد وهات»!رحم الله خالد النفيسي وزكي طليمات وطارق أحمد، والحمد لله أن رحمته وسعت الجميع كويتيين ووافدين.
مشاركة :