عين تكتل قوى التغيير المعارض، الدبلوماسي والوزير السابق عبدالعزيز رحابي منسقا ومشرفا على الندوة المزمع عقدها في السادس من يوليو القادم، لتكون بذلك التجربة الثانية للشخصية المستقلة في إدارة محافل المعارضة، بعد ندوة تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي المنعقدة العام 2015. ويعقد تكتل قوى التغيير المؤيد للحراك الشعبي، والمكون من عدة أحزاب سياسية وشخصيات مستقلة، ندوته السياسية بعد إلغاء موعها السابق في التاسع والعشرين من يونيو الجاري، وينتظر أن يحضرها قطاع عريض من المعارضة ومن فاعلي ونشطاء الحراك الشعبي. وتسود المشهد الجزائري حالة غير مسبوقة من الانسداد السياسي، بسبب الاستقطاب الحاد بين مقاربة المخرج الدستوري التي تتبناها المؤسسة العسكرية وقوى سياسية موالية للسلطة، ومقاربة المخرج السياسي والمرحلة الانتقالية التي تتمسك بها المعارضة السياسية ونشطاء الحراك الشعبي. وجاءت مبادرة تكتل قوى التغيير، في أجواء يخيم عليها الغموض وتنامي الشكوك حول دور المؤسسة العسكرية في المشهد القادم، حيث تصاعدت أصوات داخل التكتل تقر بحاجة البلاد إلى حوار مباشر أو غير مباشر مع الجيش، مما يضعه في خانة السلطة الفعلية وراعي النظام القائم. وصرح رئيس جبهة العدالة والتنمية جاب الله جاب الله، الذي يعد أحد أطراف التكتل المعارض، بأن “الخروج من الأزمة بات يتطلب حوارا مباشرا أو غير مباشر مع قيادة الجيش” وهو ما يربط نتائج ومخرجات الندوة بموقف المؤسسة، التي أظهرت عدم تحمس للمبادرات السياسية التي طرحت من طرف عدة جهات حزبية ومستقلة على مر الأسابيع الماضية. وقال عبدالعزيز رحابي إن هدف الندوة يتمثل في “المساهمة في تشكيل مشاركة واسعة لأجل الخروج من الأزمة التي طال أمدها والتي لا يجد لها أحد مخرجا”. وأضاف “إن مهمتي، وكما قمت به في الماضي خلال اجتماع مزافران 2 العام 2015، تتمثل في تنسيق المشروع الشامل وإحيائه بهدف المساهمة في تشكيل مشاركة واسعة لأجل الخروج من الأزمة التي طال أمدها والتي لا يجد لها أحد مخرجا”. ولفت إلى أن المهمة جاءت استجابة لمبادرة قامت بها مجموعة من الأحزاب ومنها أحزاب تابعة لقوى التغيير، فضلا عن نقابات وفاعلين في المجتمع المدني وجامعيين ورؤساء مؤسسات وتنسيقيات الشباب التي تهتم بتشجيع إحلال توافق حول ضرورة الخروج من الأزمة عبر الحوار. مبادرة تكتل قوى التغيير، تأتي في أجواء يخيم عليها الغموض وتنامي الشكوك حول دور المؤسسة العسكرية في المشهد القادم وذكر رحابي في هذا الشأن بأنه “لا يعرف لقيادة الجيش نوايا غير التعبير عن إرادتها في البقاء في الإطار الدستوري، الذي لا يلقى مع ذلك الإجماع، والتوجه لانتخابات رئاسية”. وشدد في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية على أنه “لا يجب على قيادة الجيش التدخل في مسار المبادرات أو البحث عن توجيهها، وإنما يتوجب عليها دعمها برفع كل القيود المتعلقة بالحريات الفردية والجماعية، وحرية التظاهر والتجمع والوصول الحر وعلى قدم المساواة لوسائل الإعلام العمومية، لاسيما التلفزيون”. وكانت تسريبات أخيرة تحدثت عن إمكانية تولي عبدالعزيز رحابي، رئاسة حكومة جديدة تخلف حكومة نورالدين بدوي، المغضوب عليها والمطالبة بالرحيل من طرف الحراك الشعبي، في إطار خطوة جديدة تستهدف تقليص حدة الاحتجاجات المستمرة من شهر فبراير الماضي. وتغيب عن ندوة المعارضة القوى التي كانت تمثل الوعاء السياسي لنظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، كجبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي والحركة الشعبية وتجمع أمل الجزائر، التي أبدت حاليا دعمها لمقاربة الجيش في المخرج الدستوري للأزمة، رغم أن بعض قياداتها متواجدة في السجن في إطار الحرب المفتوحة على الفساد، كما هو الشأن لأحمد أويحيى، وعمارة بن يونس. ولا تزال المعارضة التقليدية في الجزائر وقوى الحراك الشعبي، تعتبر أحزاب السلطة جزءا من الأزمة وتطالب برحيلها، خاصة بالنسبة للحزب الحاكم، ولذلك تمت إزاحتها من لائحة المدعوين للندوة المنتظرة، وتم التركيز على أحزاب المعارضة والنقابات المستقلة والجمعيات والمنظمات والناشطين والشخصيات المستقلة والأكاديميين والإعلاميين. ولفت منسق الندوة إلى أن “الإجراءات الرامية إلى توفير جو يسوده الثقة والتهدئة، وفضلا عن كونها مؤشرات لقياس درجة إرادة الدولة، تشكل عوامل لتسريع وتعزيز ديناميكيات الحوار، والتي أضحت تتحقق بين مبادرات قوى التغيير، وقوى المجتمع المدني وكذا قوى البديل الديمقراطي”. وتابع “نحن نعمل على مقاربة ترمي إلى تحقيق التوافق الذي صار برأيي ناضجا، وأن اللحظة التاريخية للتوصل إلى الحل الوسط السليم قد حانت، وأن التوصل إلى هذا الحل قد صار ممكنا”. ولم يستبعد إمكانية عدم تحقيق الإجماع في الظرف الراهن، بسبب ما أسماه بـ”تفخيخ الساحة السياسية إراديا من قبل السلطة بهدف إضعافها”. وشدد على أنه “إذا كانت أطراف الحوار غير مسؤولة عن الأزمة، فإنها مسؤولة عن البحث عن حل لها، لاسيما وأن الجزائريين لطالما قدموا، تاريخيا وفي الأوقات الصعبة، التنازلات المتبادلة ليس جهلا بالأسباب وإنما كحتمية وطنية، وأن الجزائريين بتنوعهم يبحثون عن حل للخروج من المأزق الحالي لأنهم يدركون أخطاره ويعون خاصة أنهم أول من سيدفع الثمن كما حدث في الماضي”. وكان الجنرال أحمد قايد صالح، قد صرح في ثاني أيام الزيارة التي يقودها لمقر الأكاديمية العسكرية لمختلف الأسلحة بشرشال، الخميس، بأن “الحرب على الفساد مستمرة وستستمر بنفس الوتيرة، وأن الرئيس القادم سيكون شرسا في الحرب على الفساد”. وهو تطور جديد في خطاب المؤسسة العسكرية، يثير مسألة اختيار الجيش لرئيس البلاد القادم ما دام قد اختار له مبكرا مهامه، رغم التصريح الأخير الذي نفى فيه قائد الأركان الطموحات السياسية للعسكر.
مشاركة :