ناشد القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي أمس التنديد علنا بأفعال إيران المعادية والانضمام لجهود بلاده في تشديد الخناق على إيران ودراسة المشاركة في خطة لا تزال قيد الإعداد لضمان سلامة الممرات المائية الاستراتيجية في الخليج.وناقش وزراء دفاع الحلف الأزمة أثناء اجتماعهم خلف الأبواب المغلقة بمقر الحلف في بروكسل؛ حيث قال إسبر إنّ بلاده تسعى «لتدويل» قضية إيران، بعد أن دعا وزير الخارجية الأميركي الأسبوع الفائت لتشكيل «تحالف دوليّ» للتعامل مع إيران.وقال القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر إنّه حضّ حلفاء بلاده على «النظر في (إصدار) بيانات تدين سلوك إيران السيئ وإبراز أننا نحتاج إلى حرية الملاحة في مضيق هرمز».وأبلغ إسبر حلف شمال الأطلسي أمس بأن واشنطن «لا تريد خوض حرب مع إيران لكنها لن تتهاون مع أي حوادث قد تقع في المستقبل»، لكنه طالب دول الحلف بدعم عبر إدانة إيران علانية ودراسة تشكيل تحالف بحري لحماية حرية الملاحة في المنطقة.ودعا إسبر كذلك إلى المساعدة في منع التوتر مع إيران من اتخاذ مسار عسكري وتحويله إلى المسار الدبلوماسي. وقال في بروكسل، أمس: «لا نسعى لصراع مسلح مع إيران لكننا مستعدون للدفاع عن القوات والمصالح الأميركية في المنطقة. يجب ألا يظن أحد أن ضبط النفس ضعف».وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية فإن أسبر مارس ضغوطا أيضا لدراسة تشكيل تحالف قال إنه يمكنه «النظر في كل شيء من مراقبة الحدود البحرية بما في ذلك المراقبة الجوية إلى تتبع سير السفن لحماية الممرات المائية الدولية وقد يتضمن حتى مواكبة السفن».وسيحتاج أي تدخل للحلف الأطلسي في الخليج دعما بالإجماع من أعضائه الـ29، وبالنظر إلى عدم الارتياح الأوروبي حيال الأمر يبدو تحقيق ذلك صعبا للغاية.وقال دبلوماسي في الحلف إنّ «التحالف كان حذرا من البداية محاولا الابتعاد عن المسائل المختلفة» المتصلة بإيران. وتابع: «نوّد أن نرى مزيدا من الهدوء من الطرفين لكننا حقا لا نريد أن يصبح ذلك مسألة مرتبطة بحلف الأطلسي».وقال إسبر إنّ «معظم الحلفاء» في الاجتماع أقروا بالخطر الذي تشكّله إيران، لكن «عددا» منهم أعربوا سابقاً في جلسات خاصة عن اهتمامهم بالمضي أبعد من ذلك.وعقب حديث دام دقائق مع وزراء دفاع الحلف في جلسة مغلقة، حذرت فرنسا إسبر من إشراك حلف الأطلسي في أي مهمة عسكرية في الخليج. ودعت فرنسا إلى جانب ألمانيا وحلفاء أوروبيين آخرين إلى التمسك بالاتفاق النووي مع إيران.في المقابل، رد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن قدرة الجيش الأميركي على حسم الحرب سريعا.وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية عن ظريف قوله على «تويتر» إن فكرة «الحرب القصيرة مع إيران هي مجرد وهم»، معتبرا تصريحات ترمب الأخيرة «تهدد السلام». وكتب أنّ «العقوبات ليست حلاً بديلاً عن الحرب، إنها بحد ذاتها الحرب»، كما كتب: «محو (إبادة) جريمة حرب».ولم يجد ظريف حرجا في اقتباس أقوال سابقة لقادة «الحرس الثوري» في مخاطبة ترمب عندما قال: «من يبدأ الحرب ليس من ينهيها»، و«لا يمكننا في الوقت ذاته التفاوض والتهديد».وتشهد العلاقات المأزومة بين الولايات المتحدة وإيران منذ 40 عاماً توتراً شديداً منذ نحو شهرين على خلفية التصعيد في الخليج وإسقاط إيران طائرة أميركية مسيّرة في 20 يونيو (حزيران).وزادت حدة التصريحات بين الجانبين، إذ توعد ترمب هذا الأسبوع «بمحو أجزاء» من إيران بعدما وصف الرئيس حسن روحاني أفعال البيت الأبيض بأنها «متخلفة عقليا». وأمر ترمب بشن ضربات جوية انتقامية لكنه تراجع عنها في اللحظة الأخيرة، وقال لاحقا إن الضربات كانت ستؤدي إلى سقوط أعداد كبيرة من القتلى.وفي هذا السياق من التوتر المحموم، أشار ترمب إلى احتمال اندلاع حرب مع طهران لا يتوقع «أن تطول كثيراً» وقال: «نحن في وضع قوي للغاية (...) ولن تطول (الحرب) كثيراً». وأضاف: «لا أتحدث هنا عن إرسال جنود على الأرض».وعاد في وقت لاحق الأربعاء للقول إن قادة إيران سيكونون «أنانيين و(أغبياء) إذا رفضوا التفاوض من أجل التوصل لاتفاق يجنبهم التعرض للعقوبات التي فرضتها واشنطن». وصرح: «يمكن لإيران أن تفعل ما تشاء، هذا سيان بالنسبة إلي، لدي كل الوقت اللازم. لكن بلادهم (القادة الإيرانيون) في وضع اقتصادي خانق (...) على قادتهم أن يهتموا بالشعب. إذا أرادوا سيتوصلون إلى اتفاق، وإذا كانوا لا يريدون ذلك فسيكونون أنانيين وأغبياء، لا يفكرون إلا في أنفسهم».من جهته حذر رئيس البرلمان علي لاريجاني أمس الولايات المتحدة من انتهاك حدودها مجددا، وهدد برد أقوى وذلك بعد أسبوع من إسقاط طهران طائرة أميركية مسيرة مما تسبب في تصاعد حدة التوتر بين البلدين.ونقلت وكالة «تسنيم» التابعة لجهاز استخبارات «الحرس الثوري» عن لاريجاني قوله: «إسقاط طائرتهم المسيرة كان تجربة جيدة لهم لتفادي أي اعتداء على حدودنا»، مضيفا: «رد فعل إيران سيكون أقوى إذا كرروا خطأهم وانتهكوا حدودنا».وفسرت تصريحات ترمب عن تفادي نشر قوات على الأرض على أنها إشارة إلى احتمال شن عملية جوية ضد إيران، وهي الاستراتيجية التي نجحت ضد عدد من أعدائه، ولكنها تنطوي مع ذلك على مخاطر التصعيد مع إيران الجيدة التسليح.ويرى الخبير السياسي البارز في «راند كوربوريشن» مايكل مازار أن «الاعتقاد المرتبط بالحروب السريعة نسبياً لعب دوراً في التسبب بالحرب العالمية الأولى وحرب فيتنام والغزو السوفياتي لأفغانستان والعملية الأميركية في أفغانستان، وبالطبع في العراق».ورأى مازار أن «أي حديث عن أن النزاع مع إيران سيكون سريعاً ومضبوطاً بشكل كبير، سيعكس - كما حدث في مسألة العراق - رغبة قوية في التصديق أنه يمكن شن حرب بثمن بخس». وتابع: «هناك حالات تنتهي فيها الضربات المحدودة بشكل سريع نسبياً، كما حدث في عملية (ثعلب الصحراء) الأميركية على العراق». وتدارك: «ولكن هناك الكثير من القضايا الأخرى التي كان فيها افتراض عمليات عسكرية سريعة وسهلة، خاطئا بشكل كارثي» بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.ورغم أن الولايات المتحدة ربما تستهدف القيام بحملة محدودة، فإن «سوء الفهم» يشكل خطراً، بحسب مازار.وقال: «لا يمكن لإيران أن تعرف أن الضربات الجوية الأميركية ستتوقف بعد يوم أو اثنين أو ثلاثة. إنهم يعلمون أن الكثير من المسؤولين الأميركيين يتحدثون عن ضرورة تغيير النظام. لماذا سيفترضون أن الحملة ستكون محدودة؟».وردا على سؤال الاثنين حول استراتيجية الخروج في حال اندلاع حرب مع إيران، رد ترمب: «لن نحتاج إلى استراتيجية خروج. لا أحتاج إلى استراتيجيات خروج».وقال المحلل البارز في معهد واشنطن مايكل نايتس: «أعتقد أن الإدارة ستتحدث بصوت عال ولكنها ستحمل عصا صغيرة للغاية»، موضحا أنه في حال شن ضربة أميركية قريباً فإنها ستكون «عملية جوية محدودة ستستهدف قوات الحرس الثوري الإيراني البحرية وبطاريات الدفاع الساحلية ومثل هذه الأمور». وأضاف أن الضربات المحدودة لن تتطلب «ردا كاملا من الإيرانيين».وبحسب نايتس فقد يشمل الرد الإيراني محاولة إسقاط طائرة أميركية، أو محاولة استهداف البحرية الأميركية أو شن هجمات على الأميركيين في العراق.
مشاركة :