ألكسندر بيل مخترع الهاتف و«نصير الصم»

  • 6/29/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

«من بين كل المشاريع التي عملت عليها طوال حياتي، علي القول: إنني لطالما اعتبرت نفسي معلماً للصم».. هكذا قال عن نفسه، إنه الأمريكي والأسكتلندي المولد «ألكسندر غراهام بيل» مخترع الهاتف، معلم الصم، الحاصل على 16 براءة اختراع. وعلى الرغم من عدم إكماله الدراسة الجامعية، فقد تلقى العديد من درجات الدكتوراه الفخرية، من عدة مؤسسات أكاديمية كهارفارد، وكامبريدج، وأدنبرة، وكوينز ودارتموث، مع تقديره بعشرات الجوائز والميداليات التي شملت المعالم الأثرية كالتماثيل، سواء له، أو ل «هاتفه» الذي اعتبر حينذاك فتحاً جديداً في عالم الاتصال. ولد «ألكساندر غراهام بيل» في ال 3 من مارس / آذار 1847 في أدنبرة، أسكتلندا، وتوفي في ال 2 من أغسطس / آب 1922 في جزيرة كيب بريتون، نوفا سكوتيا، كندا. والده هو «ألكساندر ميلفيل بيل» كان مدرساً وباحثاً في علم الصوتيات ومؤلفاً للعديد من الأعمال في تقويم النطق والخطاب، يعتبر مبدع الكلام المرئي الذي كان يستخدم لمساعدة الصم على تعلم التحدث، وهو الذي أثر في بيل، فتوجه لهذا التخصص، ومدفوعاً بحالة والدته «إليزا غريس سيموندز»، التي كانت صماء.. التحق في سن ال 11 بالمدرسة الثانوية الملكية في إدنبرة، لكنه غادرها في ال 15 من دون أن يتخرج. في عام 1865 رحلت عائلته إلى لندن، حيث اجتاز بيل امتحانات القبول في جامعة كلية لندن في عام 1868، والتحق بالجامعة، ولكنه تركها أيضاً في خريف ذات العام بسبب ارتحال العائلة في عام 1870 مرة أخرى إلى كندا، وهي السنة التي مات فيها شقيقه الأكبر «ميلفيل» وسبقت ذلك في عام 1867 وفاة شقيقه الأصغر «إدوارد» جراء مرض السل. استقرت العائلة في برانتفورد، أونتاري، في إبريل 1871 انتقل بيل إلى بوسطن، حيث درس في مدرسة بوسطن للصم. كما عمل في التدريس في مدرسة كلارك للصم في نورثهامبتون، ماساتشوستس، وفي المدرسة الأمريكية للصم في هارتفورد، كونيتيكت. كانت «مابل هوبارد» واحدة من طالبات بيل، وهي ابنة «غاردينر غرين هوبارد»، مؤسس مدرسة كلارك. أصيبت بالصمم في سن الخامسة، نتيجة لنوبة شبه قاتلة من الحمى القرمزية. بدأ بيل العمل معها في عام 1873، عندما كان عمرها 15 عاماً. وعلى الرغم من فارق العمر بينهما، فقد تزوجا في ال 11 من يوليو / تموز 1877، وأنجبا أربعة أطفال، وأثناء متابعته لمهنة التدريس، بدأ بيل يبحث عن طرق لنقل عدة رسائل تلغراف في وقت واحد عبر سلك واحد، وهو أساس ومرتكز ابتكار التلغراف في ذلك الوقت، والذي أدى في النهاية إلى اختراعه الشهير وهو «الهاتف». في عام 1868 ابتكر «جوزيف ستيرنز» ما يعرف ب «الدوبلكس»، وهو نظام يستطيع إرسال رسالتين في وقت واحد. كانت شركة «ويسترن يونيون تلغراف» الشركة المهيمنة على الصناعة المتعلقة بالتلغراف حينذاك، وقد حصلت على حقوق «دوبلكس» من ستيرنز، كما وظفت المخترع الشهير «توماس إديسون» لابتكار عدد كبير من وسائل نقل الصوت، لمنع المنافسين الآخرين من استخدامها والسيطرة على السوق. توجت أعمال إديسون باختراع «المكرر الآلي»، وهو نظام يرسل أربع رسائل تلغراف متزامنة عبر سلك واحد. سعى المخترعون للبحث عن أنظمة ترسل أكثر من أربع رسائل، وطور البعض، بما في ذلك بيل ومنافسه الكبير «إليشا غراي»، تصاميم قادرة على تقسيم خط التلغراف إلى 10 قنوات أو أكثر. استخدم بيل القصب والألياف في صناعة التلغراف في بداية الأمر، بعد مراحل من العمل ثبت عدم قدرة هذه المواد على التوصيل، فسعت مجموعة من المستثمرين بقيادة «غاردينر هوبارد» لتأسيس شركة تلغراف مستأجرة فيدرالياً للتنافس مع «ويسترن يونيون» من خلال التعاقد مع مكتب البريد لإرسال البرقيات منخفضة التكلفة. خمن هوبارد أن يكون هناك مستقبل لما يعرف بالتلغرف، ودعم تجارب بيل. كان اهتمام بيل منصباً على الصوت البشري أكثر من اهتمامه بالرسائل، وأخيراً توصل الاثنان هوبارد وبيل إلى اتفاق، يكرس بموجبه بيل معظم وقته للتلغراف التوافقي، مع مواصلة تطويره عبر الهاتف. اشتغل بيل على تلغراف توافقي ينقل نغمات موسيقية، كانت خطوة على طريق نقل الصوت البشري، سجل هذا النجاح خطوة مبكرة في اكتشافاته، وبراءة اختراع تصف طريقة نقل الأصوات، وذلك في ال 14 من فبراير / شباط 1876. في ال 7 من مارس / آذار 1867 منح مكتب «غراي وبيل» ما اعتبر أكثر براءات الاختراع قيمة في التاريخ، وهو الذي كان ثمرة لاختراع الهاتف. ومع ذلك، أثيرت زوبعة من الجدل بين الاثنين حول أولوية الاختراع، وعلى الرغم من براءة الاختراع، لم يكن لدى بيل أداة تعمل بكامل طاقتها. بدوره ألقى خطاباً واضحاً للمرة الأولى في ال 10 من مارس / آذار 1876، عندما استدعى مساعده «توماس إديسون» قائلاً: «السيد واتسون، تعال إلى هنا، أريد أن أراك». على مدى الأشهر اللاحقة واصل بيل تحسين الأداة التي يعمل عليها، وكيّفها لتكون مناسبة للمعارض العامة، وفي يونيو / حزيران من 1876 عرض هاتفه أمام محكمي معرض فيلادلفيا المئوي، وهو معرض شهده الإمبراطور البرازيلي بيدرو الثاني، والفيزيائي الأسكتلندي الشهير السير «وليام طومسون». في أغسطس / آب من ذلك العام، كان يستقبل للمرة الأولى مكالمة بعيدة المدى في اتجاه واحد، تم إرسالها من برانتفورد إلى باريس، وأونتاريو، عبر سلك التلغراف. في يولو 1877، اتفق هوبارد مع مجموعة من المستثمرين، لتأسيس شركة «بيل كومباني تلغراف» التي عين بيل مستشاراً فنياً لها، ومهمتها تسويق هاتفه، غير أنه بعد ثلاث سنوات فقد اهتمامه بالهاتف. وعلى الرغم من أن اختراعه هذا جعله مستقلاً مادياً، إلا أنه باع معظم ممتلكاته في الشركة، مع احتفاظه بأسهمه، وبحلول منتصف 1880، كان دوره في صناعة الهاتف هامشياً. في ذلك الوقت، بذل اهتماماً متزايداً بتقنية تسجيل الصوت وتشغيله، تزامن ذلك مع ابتكار «الفونوغراف» من قبل إديسون، لكنه سرعان ما وجه اهتمامه لتقنيات أخرى، وخاصة الطاقة الكهربائية والإضاءة. في 1880 منحته الحكومة الفرنسية جائزة «فولتا» لإنجازه في مجال العلوم الكهربائية، وقد استخدم بيل أموال الجائزة لإنشاء «مختبر فولتا» الذي كرسه لدراسة الصم، وتحسين حياتهم في واشنطن العاصمة، كما تفرغ أيضاً لتحسين الفونوغراف، وبحلول 1885 كان بيل وزملاؤه قد توصلوا إلى تصميم تجاري من الفونوغراف عبارة عن أسطوانة من الورق المقوى قابلة للطي ومطلية بالشمع المعدني. أطلق بيل وشركاؤه على هذا الاختراع «الجرافوفون»، وتقدموا للحصول على براءة اختراع، ومنحوا البراءة في 1886. بيع الاختراع لشركة «أمريكان جرافوفون» التي تطورت فيما بعد، وتغير اسمها إلى «كولومبيا فونوغراف كومباني»، حيث استثمر بيل عائداته من هذا الاختراع في تطوير «مختبر فولتا»، ومن خلاله أنشأ مشروعين جديرين بالملاحظة، ففي عام 1880 بحث في استخدام الضوء وسيلة لنقل الصوت. كما استخدم الموصلات الضوئية لعنصر السلينيوم، لتطوير مكبر الصوت، وهو اختراع اعتبره مساوياً لهاتفه، وكان قادراً على إثبات أن «مكبر الصوت» كان مجدياً تقنياً، لكنه لم يتطور إلى منتج قابل للتطبيق تجارياً. وأيضاً، فقد بحث في التأثير الكهروضوئي الذي كانت له تطبيقات عملية، كما طور مسباراً رصاصياً كهربائياً للاستخدام الجراحي. ابتكر آلة لكشف المعادن بواسطة توازن الحث التي كان لها الفضل في إنقاذ الأرواح خلال حرب البوير (1899-1902) والحرب العالمية الأولى (1914-1918). ابتداءً من عام 1891، جرب تصاميم لها علاقة بالطيران، وواصل تجاربه حتى بعد أن نفذ «ويلبر وأورفيل رايت» أول رحلة ناجحة تعمل بالطاقة في عام 1903. في عام 1907 أسس بيل جمعية التجارب الجوية، والتي حققت تقدماً ملحوظاً في تصميم الطائرات ومراقبتها، وطوال حياته، سعى لتعزيز تقدم المعرفة العلمية، وقد دعم مجلة العلوم التي أصبحت فيما بعد المنشور الرسمي للجمعية الأمريكية للتقدم العلمي، وكان أحد مؤسسي الجمعية الجغرافية الوطنية في عام 1888 وخلف غاردينر هوبارد، رئيساً للجمعية بين عامي 1898 و1903. في الكتب «ألكسندر بيل» هو كتاب يروي مؤلفه إدوين غروسفينور، ناشر سلسلة «أمريكان هيريتدج» ما يسميه القصة الدرامية للسباق من أجل اختراع الهاتف، وكيف ستصبح براءة اختراع ألكسندر بيل الخاصة بهذه القصة هي الأكثر قيمة على الإطلاق. يكتب أيضاً عن اختراعات بيل الاستثنائية الأخرى: أول انتقال للصوت على موجات الضوء، وكاشف المعادن، وأول تسجيل صوتي عملي، والطائرات المبكرة، ويدقق الكتاب في الجهود الإنسانية التي بذلها بيل، بما في ذلك دعم حقوق المرأة في التصويت، والحقوق المدنية، وخطاباته المتكررة حول النتائج المتوقعة لتأثيرات الاحتباس الحراري، ومنه التلوث والاحترار العالمي. «حياة ألكسندر بيل».. إضاءة على تاريخ بيل، موجه للأطفال.. يستهله مؤلفه تشارلز ريفر بقول لألكسندر بيل: «لا يمكن أن يكون هناك ضمور عقلي لدى أي شخص يواصل الملاحظة، ويتذكر ما يلاحظه، ويبحث عن إجابات عن أفعاله المتواصلة، ويسأل عن أسبابها». والكتاب عبارة عن سلسلة ممتعة ومشوقة تمكن الأطفال من التعرف إلى أهم الأحداث والشخصيات التاريخية بطريقة سهلة.. جاء فيه: «اليوم، تذكرت فقط، واحداً من الأشياء القليلة التي لم تكن لدى بيل في مختبره: الهاتف.. هذا الإنجاز الذي حاز بيل بموجبه على شهرة كبيرة، وهو نتاج إصرار علمي وأسطوري طويل، جعلت بيل يسهم في عدد كبير من المجالات، بدءاً من الجيولوجيا إلى علم الطيران». مثل العديد من العلماء والمخترعين العظماء، كان لدى بيل فكر نير وموهبة علمية ثاقبة وغير عادية، ومنذ سن مبكرة، دفعه فضوله للالتحاق بورشة عمل مارس فيها عدداً من التجارب، كان متعدد المواهب، اهتم بالمجال الموسيقي والفني، مروراً بإبداعه لشكل من أشكال لغة الإشارة، وهو الذي بدأ من تجربة شخصية عاطفية نحو والدته الصماء لكي يتواصل معها، هذه الحادثة لعبت دوراً مؤثراً لتطويره عدداً من مجالات الاتصال. اختراعات متواصلة أسس ألكسندر «شركة بيل للهاتف»، ومنها انطلق لمواصلة اكتشاف مجموعة متنوعة من المجالات، من السرعة إلى علم الوراثة، وآلات الطيران. لقد رفض بيل الاحتفاظ بهاتفه في مكتبه، رأى في ذلك إلهاء يحول بينه وبين مواصلة اختراع أشياء جديدة، قال ذات مرة: «لدي عمل أفعله، ولدي من الموضوعات ما يحتاج إلى سنوات عديدة للعمل عليها واكتشافها». المخترع الذي غير العالم هو جزء من سلسلة «هاميري» للسير التي هي جزء من 30 عنواناً، من السير الذاتية المصممة لتعزيز مهارات الطلاب في جمع المعلومات بميزات نصية غير تخييلية، أثناء التعلم عن الرواد المؤثرين من الماضي. أشار الكتاب إلى أن بيل كان مدرساً للطلاب الصم، وكان مسؤول مدرسته محامياً ساعد المخترعين في براءات اختراعهم؟ والكتاب يسلط الضوء على حقائق مثيرة للاهتمام حول مخترع الهاتف مع سيرته الذاتية. العديد من الاختراعات الأخرى كانت ملحوظة في حياة بيل، بما في ذلك عمله الرائد في مجال الاتصالات البصرية والقارب المحلق (الهايدروفويل) وعلم الطيران. وعلى الرغم من أنه لم يكن من مؤسسي جمعية ناشيونال جيوغرافيك، إلا أنه كان ذا تأثير كبير في المجلة، حيث أصبح ثاني رئيس لها، حيث خدم في الفترة من ال 7 من يناير / كانون الثاني 1898 حتى 1903.. يوصف بيل بأنه أحد أكثر الشخصيات تأثيراً في تاريخ البشرية.

مشاركة :