تقطن في وسط جدة حكاية تاريخية قديمة، بقيت على مر القرون شامخة وصامدة في وجه تغيرات الزمن، ما جعل ملامحها لا تبدو غريبة على مرتاديها، في جدة التاريخية يرى الزائر بالعين المجردة التاريخ الأصيل دون تشويه وتحريف، ويشتم في طرقها الهوية العربية العريقة مع مزيج من عنفوان الحاضر، الذي شكّلَ قلب جدة النابض، حتى أثرت زائريها بعبق وطراز الماضي الممتد في أزقتها وبيوتها القديمة. وفي جذور التاريخ. تذكر المصادر التاريخية، أن مدينة جدة تعود إلى ما قبل الإسلام، وأما ما بعده فقد شهدت تغيراً كبيراً في تكوين المدينة، حينما جعل منها الخليفة عثمان بن عفان - رضي الله عنه - في عهده ميناءً لمكة المكرمة، ما أعطاها مكانة وبعداً عربياً وإسلامياً. يزهو وسط البلد في جدة بالبيوت القديمة المصممة بالطراز العمراني الفريد، وبعناية وجمال فائق النظير ليغازل الأنظار ويشدها إليه، ومن أشهر تلك المنازل القديمة "بيت نصيف" المتسم بالطراز الضارب في عمق التاريخ والتراث، ويعد من أهم الآثار المميزة في جدة التاريخية، كما تتسم المنازل آنذاك بنمط هندسي مميز، يخالطه بهاء وروعة في التصميم مثل بيت آل جمجوم ودار آل باعشن. وقد أطلق ساكنو جدة التاريخية القدامى مسميات على الحارات حسب موقعها الجغرافي لا تزال تحتفظ بها إلى يومنا هذا، فعلى سبيل المثال "حارة الشام"، وهي تقع في الجزء الشمالي من داخل السور في اتجاه بلاد الشام. حظيت "جدة التاريخية" على اهتمام وحرص الدولة السعودية، وأضحت اليوم متحفاً مفتوحاً للزائرين والسياح، تقام بها الفعاليات والأنشطة، كما يتم الترويج عن الكنوز التراثية المختزنة في وسط البلد من خلال جذب الزوار والمستثمرين، ويظهر الاهتمام بها جليا في توجيه ولي العهد بدعم مشروع ترميم 56 مبنى من المباني الآيلة للسقوط، بمبلغ 50 مليون ريال. وينتظر المدينة العريقة كثير من المشروعات والتطويرات، وامتدادا لاهتمام الدولة فقد تكللت الجهود باعتماد "جدة التاريخية" عام 2014 ضمن قائمة التراث العالمي بمنظمة اليونسكو.
مشاركة :