قبل سنوات ليست بعيدة لم يكن الازدحام المروري في الشوارع بالسيارات والشاحنات والمركبات بمستوى الازدحام الذي نراه هذه الأيام، وكما هو معروف لدى المهتمين بالتلوث البيئي، فإن أكثر من 700 ألف سيارة تستخدم شوارع البلاد، ما يعني معدل كل اثنين من المواطنين أو الأجانب لهما سيارة واحدة، وهذا العدد من السيارات قد فاق كل التصورات والتوقعات البيئية، فالتلوث الناتج من عوادم السيارات والمركبات والشاحنات قد وصل إلى مستويات خطيرة جدا على حياة الإنسان، فالغازات السامة التي تخرجها مئات الآلاف من السيارات والمركبات والشاحنات طوال اليوم، جميعها تشكل أسبابا للإصابة بأمراض مزمنة وخطيرة للغاية. نعتقد أن وزارة الصحة والمجلس الأعلى للبيئة لديهما العلم اليقين والأكيد بـ«النسبة الحقيقية» للأضرار التي تسببها تلك الغازات الصادرة من السيارات والمركبات والشاحنات، ولديهما علم كامل أن البيوت المطلة على الشوارع يكون قاطنوها أكثر من غيرهم تضررا بالتلوث وعرضة للأمراض الخطيرة، ولديهما العلم أنه كلما ازداد التلوث في البلاد تنوعت وكثرت الأمراض الخطيرة بين الناس.ومن غير الطبيعي، أن وزارة الصحة أكثر جهة رسمية مطلعة بصورة تفصيلية بعدد الأمراض الخطيرة المنتشرة بين الناس في السنوات العشر الأخيرة وبشكل لافت، فكل المستشفيات في البلاد تضج من كثرة المرضى المصابين بالأمراض المزمنة الخطيرة، والمجلس الأعلى للصحة يعمل على نشر الثقافة البيئية وزيادة مستوى الوعي البيئي لدى المواطنين والمقيمين، وتعزيز قيم البيئة الخضراء والتنمية المستدامة، وتشجيع استخدام التقنيات الصديقة للبيئة، وتعزيز المشاركة المجتمعية في مجال المحافظة على البيئة.والمجلس الأعلى للصحة والمجلس الأعلى للبيئة يمتلكان دراسات مستفيضة عن التلوث والأمراض التي تسببها، ولا شك أن لديهما تقارير عن مستوى خطورة التلوث الذي تحدثه عوادم السيارات والمركبات والشاحنات في مختلف شوارع وطرقات مدن وقرى البحرين، ناهيك عن التلوث الصادر من المصانع والصرف الصحي، الموجودة بالقرب من الأحياء السكنية، مثل توبلي والكورة وجدعلي والمعامير والعكر الغربي والشرقي والرفاع والنويدرات وسند وسلماباد، وغيرها من المدن والقرى. لابد أن تكون هناك استراتيجية واضحة المعالم في تقليل الازدحامات المرورية التي يستغيث منها أبناء جميع المحافظات الأربع، لماذا؟ لأن لها الدور الأكبر في تلوث البيئة الذي يؤدي بشكل مباشر إلى وجود الأمراض الخطيرة للمواطن والمقيم، نأمل أن يُلتفت إلى هذا الجانب المهم قبل فوات الأوان.] سلمان عبدالله
مشاركة :