تحقيق: راندا جرجس تستهدف أمراض القلب التاجية، الأشخاص الذين يعانون تلفاً أو انسداداً في الشريان التاجي الذي يزود عضلة القلب بالكميات المناسبة من الدم، وتعتمد أسباب هذه الإصابة بشكل كبير على النظام الصحي غير المتوازن والتدخين وعدم ممارسة النشاط البدني، ولذلك تحتل هذه الأمراض المرتبة الثالثة في مسببات الوفاة عالمياً، وما يزيد الأمر سوءاً أن الأعراض لا تظهر من البداية، لكنها تفاجئ المريض بقوة بعد تطور الحالة، ما يتطلب ضرورة التوعية ضد هذه المشكلات وأهمية الكشف المبكر، وفي السطور القادمة، نتعرض إلى الأسباب المباشرة لهذه المشكلات ومضاعفاتها، والطرق العلاجية التي تحد من مخاطرها.يقول الدكتور عبد السميع شحاتة، استشاري أمراض القلب التداخلية إن جلطات الشرايين التاجية تعتبر من الأمراض التي تهدد حياة الإنسان بشكل حاد في السنوات الأخير، وخاصة بعد ابتعاد الكثير من الأشخاص عن اتباع العادات الغذائية والصحية الصحيحة، وفي الجسم يسري الدم بشكل طبيعي بانسيابية عالية داخل الشرايين الطبيعية للقلب، وذلك حتى يحدث تغيير نوعي في الخواص الطبيعية للجدار المبطن للشرايين التاجية، وهنا تصبح الشرايين أكثر عرضة لتخثر الدم ومن ثم حدوث ما يسمي بالجلطة، ويرجع ذلك إلى عوامل الخطورة التي تُحدث تغيير الخواص الطبيعية لجدران الشرايين التاجية مثل التدخين، ارتفاع ضغط الدم، داء السكري، ارتفاع نسبة الدهون بالدم، السمنة وزيادة الوزن، قلة ممارسة الرياضة والتعرض باستمرار لأشكال الضغط العصبي، وتتمثل أعراض الجلطة الحادة للشرايين التاجية، في شعور المريض بألم حاد مستمر في منتصف الصدر يمتد إلى الذراعين أو الرقبة والفك السفلي، وربما يصاحب الألم بعض الغثيان والقيء والشعور بالضعف العام، ولذلك ينصح المريض بالتوجه المباشر إلى أقرب مشفى أو طلب الإسعاف في الحال، وتجنب الإتيان بأي مجهود عضلي أو قيادة المركبات.حيث يقوم الطاقم الطبي في الطوارئ في المستشفيات أو الإسعاف، بعمل ما يلزم للتشخيص السريع لجلطة الشرايين التاجية عن طريق رسم القلب الكهربائي، وتحليل أنزيمات القلب مع إعطاء العلاج المبدئي، وخصوصا الأسبرين. فئات مستهدفة يشير د.عبد السميع، إلى أنه لم تعد هناك فئة عمرية تعاني حدوث هذه الإصابة دون غيرها، وأصبح من المعتاد أن نشاهد الكثير من الشباب في سن العشرينات والثلاثينات ممن يعانون قصور الشرايين التاجية، ويستقبل قسم الطوارئ العديد من هذه الحالات الأقل من 40 عاماً؛ حيث يأتي المريض متأثراً بآلام في الصدر، وبعد عمل التحاليل اللازمة للحالات تبين وجود أحد عوامل الخطورة (مثل ارتفاع ضغط الدم والكولسترول والسكري)، ويثبت تخطيط القلب وجود جلطة حادة بالشرايين التاجية، ما يستلزم التدخل العاجل خلال دقائق معدودة عن طريق القسطرة العلاجية، وإجراء عملية استخراج جلطة كبيرة الحجم، أدت إلى انسداد كامل بالشريان التاجي الأيمن مع تثبيت الدعامة العلاجية، ثم ينقل المريض إلى رعاية القلب المركزة لتلقي العلاج الطبي متضمناً منشطات عضلة القلب و الدورة الدموية. علاج تداخلي يذكر د.عبد السميع، أن معالجة حالة جلطة الشريان التاجي، تكون عن طريق القسطرة العلاجية التي تمكن الطبيب من الوصول إلى الشريان التاجي الذي يحوي الجلطة بشكل مباشر في غضون دقائق معدودة، ويتواصل العلم الحديث في مجهود مشكور من أجل التخلص من الجلطة الحادة في أسرع وقت عن طريق توسيع الشرايين التاجية، وتثبيت الدعامات الدوائية، واستخدام الأجهزة اللازمة لسحب الجلطات كبيرة الحجم من داخل الشرايين وحقن الأدوية المذيبة للجلطة داخل الشرايين بشكل مباشر.حيث إنه يلزم التدخل السريع في مثل هذه الحالات من أجل تجنب حــــدوث بعض المضاعفات الحادة، مثل: توقف عضلة القلب، وحدوث ثقب في الحاجز الذي يقــــع بين البطين الأيسر والأيمن نتيــجة تلف ذلك الجزء من القلب، ويعد ضعف عضلة القلب من أهم المضاعفات المزمنة التي ربما تصيب المريض نتيجة التأخر في تلقي العلاج، ما ينجم عنه معاناة المــرض من انخفاض كفاءة القلب بصورة مزمنة.يضيف: تكمن الوقاية من تكرار تلك الأزمات فـــــي بعض النقــــاط، مــــــــــــثل: تعديل السلوكيات الخاطئة للمريض مثل التدخين، الالتزام بنظام غذائي صحي، وتجنب الأطعمة عالية الدهون، الإكثار من تناول الخضراوات، الفواكه، الالتزام بتناول الأدوية والعقاقير التي تساعد على السيطرة على عوامل الخطورة، ومضادات التجلط. قصور الشريان التاجي يوضح الدكتور محمد سالم، استشاري أمراض القلب، أن احتمالات الإصابة بقصور الشريان التاجي تزداد لأسباب مرضية وأخرى تتعلق بأنماط الحياة، مثل الأغذية غير الصحية والخمول وقلة الحركة، إضافة إلى عوامل أخرى مثل قلة وصول الدم والأكسجين إلى القلب، تضييق الشرايين التاجية، ما يؤدي إلى ضعف التروية لعضلة القلب، وأيضاً بسبب تراكم الكولسترول والدهون في جدران الشرايين، أو تدريجياً بسبب قصور في وصول الدم إلى عضلة القلب.كما يمكن أن تظهر هذه المشكلة نتيجة الإصابة ببعض الأمراض، ومنها السكري وارتفاع ضغط الدم والكولسترول، ويعتبر التدخين سبباً لا يمكن الاستهانة به في الإصابة بقصور الشريان التاجي، يضاف إلى ذلك كله التقدم في السن والعوامل الوراثية، وإصابة الأقرباء من الدرجة الأولى بالمرض. أعراض الإصابة يبين د.سالم، أن الشخص المصاب بقصور الشريان التاجي، تظهر عليه عدد من الأعراض التي تستوجب مراجعة الطبيب للتأكد من حدة المشكلة، والبحث عن العلاج الأمثل قبل تفاقمها، ومن هذه العلامات الألم أو الضغط في منطقة الصدر عند القيام بأعمال مجهدة، وضيق في التنفس، والدوخة أو الإغماء نتيجة اضطراب في ضربات القلب، إلى جانب ضعف عضلة القلب، ويمكن التأكد من الإصابة بقصور الشريان التاجي عن طريق الفحص السريري على يد طبيب متخصص؛ حيث يعتمد في هذا الفحص على تخطيط القلب بالخضوع إلى اختبار الجهد، كما يمكن تصوير الشرايين بالأشعة المقطعية. مضاعفات متوقعة يشير د.سالم، إلى أن الإصابة بقصور الشريان التاجي ينجم عنه مضاعفات خطيرة، يجب الحذر منها ومتابعتها بانتظام، لاسيما أن بعضها يشكل تهديداً فادحاً، ومنها احتمال إصابة الشريان التاجي بالجلطة، وفي الحالات المتقدمة يمكن أن تؤدي المشكلة إلى ضعف وفشل في عضلة القلب، وربما يرصد الطبيب اضطراباً في الإشارات الكهربائية للقلب، وإذا لم يتم اتباع نهج علاجي شامل، تكون الوفاة نتيجة حتمية مع استمرار تدهور حالة المريض.يضيف: عند اكتشاف قصور الشريان التاجي، يعمد الطبيب المختص إلى وضع استراتيجية علاجية مناسبة تناسب كل حالة على حدة، ومنها العلاج الدوائي الذي يهدف إلى ضبط السكر والكولسترول وضغط الدم، وتقليل الجهد عن عضلة القلب، ويتولى الطبيب المختص علاج الخلل عن طريق توسيع الشرايين من خـــلال القسطرة وتركيب الدعامات، وفي الحالات المتقدمة يمكن أن يلجأ الطبيب إلى العمل الجراحي، وذلك من خلال إجراء عملية تغيير للشرايين، ومن الأخبار السارة في هذا الشأن أن نسبة النجاح تكون عالية، خاصة إذا تم التشخيص مبكراً، وبدأ العلاج بصورة صحيحة، ما يمكن المريض من العيش حياة طبيعية. الذبحة الصدرية يوضح الدكتور فؤاد الرحال، مختص طب الطوارئ، أن الذبحة القلبية، تحدث نتيجة نقص تروية العضلة القلبية بسبب انسداد تام أو جزئي في الشرايين المغذية العضلة القلب، ويعد المرضى المصابون بالسكري، وارتفاع ضغط الدم، الذين لديهم ارتفاع في مستويات الكولسترول وشحوم الدم، والمدخنون والمصابون بالسمنة، والذين يقل لديهم النشاط الجسدي، وكذلك الذين لديهم قصة عائلية للإصابة بأمراض القلب، أكثر الفئات عرضة للإصابة، وتتمثل أعراض هذا المرض في الشعور بألم ضاغط عاصر خلف عظم القص في منتصف الصدر يمتد إلى العنق والفك السفلي، وأحياناً الأسنان، كما يمتد إلى الكتف والذراع اليسرى، ويكون مصحوباً بحدوث تعرق غزير، وأحياناً غثيان وقيء، وربما يشكو المصاب من آلام في الظهر أو أعلى البطن، ويمكن أن يكون صامتاً بدون ألم يذكر عند مريض السكري، الذي ربما يشعر بالدوخة و التعب الشديد غير المفسر، ويتم تشخيص الذبحة الصدرية عن طريق:- تخطيط القلب الكهربائي، الذي ربما يكون طبيعياً في الساعات الأولى من الأزمة.- عيار أنزيمات القلب.- القسطرة القلبية والتي تعتبر علاجاً للحالة في نفس الوقت.- التصوير بالموجات الصوتية، وتتطلب دقة ومهارة وخبرة من الطبيب الذي يقوم بهذا الفحص.- التصوير بالنظائر المشعة وتكون عالية الدقة. تشخيص مبكر يؤكد د.فؤاد، أن الإصابة بالذبحة الصدرية، يمكن أن تؤدي إلى الوفـــــاة أو إلى قصور في عضلة القلــب نتيـــــــــجة مــــوت جزء منها، ويعتمد العلاج على زمن وصول المصاب من لحظة بدء الأعراض، فكلما تم تشخيص الإصابة مبكراً كانت النتائج أفضل والضــــرر لا يكاد يذكر، أما في حال وصول المصاب متأخراً فتكون العضلة القلبية تعرضت للضرر بالفعل، ويتم تعويض أليافها العضلية لنسيج ليفي لا يؤدي المهمة، ومن أهم خطوات العلاج إزالة الخيرة الدموية والانـــسداد وتوســـيع الشـــــريان المتــــــضيق، مع وضع دعامة الشريان عن طريق إجراء القسطرة القلبية، وفي حال عـــــدم توفرها أو وجود المصاب في أماكن تبعد أكثر من ساعتين عن أقرب مركز قسطرة، يمكن استعمال أدوية الحالة للخثرات. نسبة الشفاء يشير د.فؤاد، إلى أن نسبة الشفاء تعتمد على عوامل عدة أهمها وصول المصاب في المرحلة الأولى للإصابة، وكذلك مدى إصابته بالأمراض المصاحبة كالسكري وارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين، والجدير بالذكر أن نسبة الشفاء أصبحت عالية بفضل استعمال القسطرة والعلاجات التداخلية، مع تأكيد أن المريض معرض للإصابة مرة أخرى إذا لم يغير نمط حياته.ويأخذ أدويته بانتظام ويراجع طبيبه المختص بشكل دوري، وبشكل عام ننصح الجميع بالحفاظ على صحتهم عن طريق تناول المأكولات الصحية وتناول كمية كافية من الماء وممارسة الرياضة، ما يقلل فرص الإصابة بالأمراض، كما تجب مراجعة قسم الطوارئ في حال الشعور بألم في الصدر استمر لأكثر من عشر دقائق؛ حيث إن أمراض القلب لم تزل القاتل الأول في معظم بلاد العالم. أرقام صادمة في الماضي كانت أمراض القلب تداهم كبار السن نظراً لتقدم العمر وتدهور حالتهم الصحية، إضافة إلى إصابتهم ببعض المشكلات كالسكري وارتفاع ضغط الدم، لكن في الآونة الأخيرة، أصبحت آفات القلب المزمنة التي تعد المسبب للوفاة عالمياً، تستهدف الشباب تحت سن الأربعين، وأشارت إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى وفاة 17.5 مليون شخص تقريباً في عام 2014، وهو ما يشكل ثلث مجموع الوفيات حول العالم، كما أشارت إلى أن هذه الظاهرة تنتشر في البلاد العربية وتحتل تونس المرتبة الأولى بنسبة 50%، تليها السعودية 45% والإمارات 30%.
مشاركة :