أخذت وسائل التواصل الاجتماعي تشكل واقعًا موازيًا يحتل مكانة متسعة من الحياة اليومية للأفراد، وعلى الرغم من جميع المحاذير المتعلقة بالمصداقية والموثوقية، إلا أن وسائل التواصل الاجتماعي تحولت إلى مصدر رئيس للأخبار، ومدخلاً نشطًا لتشكيل الرأي العام، ومنبرًا مفتوحًا للنقاش المجتمعي والسياسي. ولذلك يتوجّب على صناع القرار والأكاديميين والمفكرين أن يضعوا ظاهرة التواصل الاجتماعي على طاولة البحث الجاد؛ لتفكيكها وتحليلها ودراستها للخروج بتصوّرات تتيح فرصة الاستثمار الايجابي والبناء لهذه التقنيات في خدمة المجتمع، وتنحية الآثار السلبية المترتبة عليه. وتوجهت مملكة البحرين للانحياز إلى حرية التعبير لمواطنيها ضمن الضوابط والأطر التي تراعي المصلحة العامة، في إطار الاستهداف المستمر الذي تتعرض له المملكة في خضم الصراعات الإقليمية والدولية، وانحازت المملكة للمعاصرة ولمتطلبات اللحاق بالحداثة لضرورتها للشعب البحريني، لا سيما جيل الشباب، ولذلك توسّعت أدوار التواصل الاجتماعي، وبدأت العديد من الظواهر المرتبطة بهذه التقنية تفرض نفسها. ولما كان القرار البحريني يسعى دائمًا إلى الاستناد إلى فهم حقيقي واستيعاب عميق وثقة مطلقة في خيارات وأولويات المواطن البحريني، فإن تنقية أجواء التوظيف الاجتماعي والسياسي لوسائل التواصل الاجتماعي لتكون رافدًا للإعلام الرسمي تتكامل معه وتحقق له غايات البحث عن الحقيقة، تصبح واجبًا ومهمة يضطلع بها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الطاقة «دراسات» الذي يؤمن بأن التشخيص المثالي يبدأ من المواطن نفسه للوقوف على الدور الذي تشكله في حياته اليومية، ومدى اعتماديتها مصدرًا لمعلوماته وموثوقيتها لتشكيل مواقفه وردود أفعاله. ويتيح الاستطلاع الفرصة لرصد الاستخدام السلبي الذي يسعى لبث الأخبار المضللة وغير الحقيقية والمواد الخبرية أو الفكرية التي من شأنها أن تغذي الظواهر والتوجهات السلبية، وعلى رأسها إثارة الفتنة وبث النعرات الطائفية، وكيف تتفشى هذه الممارسات بقصد أو دون قصد في وسائل التواصل الاجتماعي، ما يشكل ذخيرة من البيانات والمعلومات التي من شأنها أن تصبح مكونًا أساسيًا في وضع أي برامج توعوية لتحسين مخرجات عملية التواصل الاجتماعي، وبحيث يحصل المستخدمون في البحرين على الأفضل من هذه التقنية التي لا يمكن تجنبها لتوسّع دورها في جميع مناحي الحياة، مع تجنب الآثار السلبية التي يمكن أن تستغل رحابة الفضاء الإلكتروني لبث الرسائل الخبيثة والمضللة، سيئة النية وذكية الصياغة، بين البحرينيين.جرى سؤال أفراد عينة البالغ عددهم (600) فرد عن امتلاكهم لحساب في أحد مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أفاد غالبية المبحوثين بنسبة (91%) بأنهم يمتلكون حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، في مقابل (9%) لا يملكون. كما صرح (37%) من عينة الدراسة بأنهم يقضون من ساعة إلى 3 ساعات يوميًا في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، وأفاد (21%) بأن معدل تصفحهم لها من 3 إلى 5 ساعات يوميًا.وبشأن الغرض من تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، جاءت متابعة الأخبار والأحداث في مقدمة غالبية إجابات أفراد عينة الدراسة، وتبعها التواصل مع الأقارب والأصدقاء، ومن ثم التزود بالمعرفة والثقافة.وتم سؤال أفراد عينة الدراسة عن مدى اعتمادهم على مصداقية هذه المواقع في نقل الأخبار والحقائق، إذ جاءت غالبية الآراء بنسبة (77%) أنهم لا يعتمدون على مصداقية مواقع التواصل الاجتماعي، ويتقصون عن مصدر هذه الحقائق والأخبار في مقابل (22%) يعتمدون على مصداقيتها وعلى ثقة من صحتها.حول تأثير مواقع التواصل الاجتماعي خلال خمس السنوات القادمة، اعتقد غالبية المبحوثين بنسبة (85%) أن تأثير هذه المواقع ستزداد، مقابل (6%) فقط اعتقدوا أن تأثيرها لن يزداد، أما من اعتقد بأنه يصعب تحديد ما إذا كانت مواقع التواصل الاجتماعي ستزداد تأثيرًا أم لا فجاءت نسبتهم (9%) فقط.وشملت عينة الدراسة (600) فرد، شكل منها (68%) من الرجال و(30%) من النساء، من مختلف الأعمار، بحيث شكلت الفئة العمرية لعينة الدراسة ما بين (28-47) سنة نسبة (53%)، منهم (34) يحملون شهادة البكالوريوس، و(25%) من حملة الشهادة الثانوية.
مشاركة :