لا يصلح العطار ما أفسد الدهر

  • 7/1/2019
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

يطل علينا بين حين وآخر إعلاميون عرب، مطالبين بتحسين صورتنا (نحن العرب) أمام الإعلام الغربي أو أمام الغرب بشكل عام، وكأنما الغرب "أمُّنا" التي تعشقنا أو "أبونا" الذي يباهي بنا. بدلاً من هدر ملايين الدولارات لتلميع فاسد، أو تنظيف سمعة، أو سرقة أصوات انتخابية، أو كسب شعبية مزعومة، أو تعتيم على جرائم مطمورة، فإن هذا كله لا معنى له ولا قيمة، فسيظل الفاسد فاسداً والمجرم مجرماً مهما حاولنا ومهما دفعنا. لا يهم أن رضي الغرب أم غضب أم عتب، فهو في المحصلة لا يبحث إلا عن دولارات أو ثروات ينتزعها من "عرق جبين" أبنائنا لينقلها إلى بنوك مانهاتن أو باريس أو لندن أو برلين. الحلول موجودة حتى نغير نحن العرب تلك الصورة على وجه الخصوص، وهي لا تتطلب دفع أموال. وإن دفعنا، فلا ندفع لمن لا يستحق، بل لمن يحتاج. المهم هو أن ترضى الشعوب العربية، وهو مطلب يسعى كل الزعماء إلى تحقيقه، بل يحلمون بذلك، أما رضى الغرب، فلا جدوى منه. أثبت التاريخ أن هناك أموراً ترسخ في أذهان الشعوب ولا تضمحل مهما طال الزمن. على المستوى العربي مثلاً، عندما قاطعت الدول العربية، وعلى رأسها السعودية بقيادة الملك فيصل بن عبدالعزيز الدول الغربية موقفة ضخ البترول احتجاجا على دعم أميركا والغرب اللامحدود للكيان الصهيوني في عام 1973 في ضربة مدوية للغربيين لم ينسوها حتى الآن، وعليه فإن هذه المقاطعة غرست "تياجين" عرفان ووفاء في قلوب كل العرب، خاصة الفلسطينيين والمصريين والسوريين. وعلى المستوى المحلي، لا يمكن أن نبدأ الحديث عن انجازات قبل أن نشير إلى أكبر إنجاز "وحدوي" عربي أقامه الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود في ملحمة لا تنسى لتنشأ المملكة العربية السعودية، ولن نتحدث عن وزارات التأسيس في عهده، فإنجازه بالتأسيس "جبّ" ما بعده. كان الملك سعود بن عبدالعزيز سباقاً إلى التعليم، أولا للذكور ثم التعليم النسائي في عام 1956، وبعده إلغاء الرق في عام 1962، وهما إنجازان يخلدان بماء الذهب، جابها معارضة شديدة لم تعق الدولة آنذاك عن إقرارها وفرضها، وتخيلوا مصير بلادنا بلا تعليم للنساء أو استمرار للرق. وفي عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز، أعاد الملك النظر في الاتفاق مع شركة "أرامكو" التي كانت فيها العوائد مناصفة مع الدولة، واعتبرها مجحفة في حقنا وعدل ببعض بنودها، وكذلك منع استغلال الكنوز والتنقيب عنها إلا من خلال شركات وطنية. وفيما شهد عهد الملك خالد بن عبدالعزيز ارتفاعاً في الدخل وتحسيناً ملحوظاً لسلم الرواتب الحكومية وإنجازاً كبيراً تجلى في إنشاء صندوق التنمية العقاري، فإن عهد الملك فهد بن عبدالعزيز شهد عودة مجلس الشورى بحلته الجديدة، إضافة إلى قرار الاستعانة بالحلفاء في معركة تحرير الكويت. وفي عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز تم إحياء مشروع الابتعاث بشكل عملاق في مختلف التخصصات ودرجات التعليم العالي، ليصل عدد المبتعثين والمبتعثات إلى رقم ضخم لنصبح من الدول الأولى في العالم بعدد المبتعثين والمبتعثات، وتم أيضا اقرار الانتخابات البلدية وإضافة نساء إلى عضوية مجلس الشورى. وها نحن نعيش اليوم في عهد خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي وضع حدا للمخاطر التي كانت ستطوق البلاد بعد إطلاق "عاصفة الحزم" لدحر الحوثي، وإعلان التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، وكذلك وضع حد للتشدد الديني، ورسم إطار جديد لوقف تجاوزات هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وضبط منهجها، فضلا عن دراسة جادة لتطوير القضاء، وتفكير طموح برؤية مستقبلية كبرى يقود خطاها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من توطين للصناعات العسكرية والالكترونية وتعاقدات مع الشركات الكبرى لنقل كل ما يستطاع نقله إلى بلادنا من تكنولوجيا أو تقنية، إضافة إلى استعادة المرأة شيئا من حقوقها.. وما زلنا نطمح في الكثير والكثير. ما سبق وأمور كثيرة غيرها لا أستطيع حصرها في مقالة، هي ما يتطلع إليه الشعوب من تحسين في مستوى جودة الحياة، أما شركات الدعاية في أميركا أو التي يدعونا إليها.. فلنتركها لغيرنا ممن يحتاجون إليها.

مشاركة :