سياحة الكهوف والمغارات تستقطب مغامرين من داخل المملكة وخارجها

  • 7/1/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

على امتداد تكوين أم رضمه الممتد من شمال المملكة إلى حدود الربع الخالي، تكثر الكهوف والمغارات الأرضية وتعرف محليا بـ"الدحول"، وتتنوع في أشكالها، ومن أبرزها الأنبوبية الناتجة من الانفجارات البركانية على مر آلاف السنين في مناطق الحرات، مثل حرة خيبر في منطقة المدينة المنورة. وتعد الكهوف أحد أهم وجهات الجذب لأنماط السياحة البيئية والجيولوجية في بعض دول العالم حالياً. وتتكون الكهوف في المملكة من طبيعة صخرية متفردة، لهوابط وصواعد كلسية، ونتيجة نحت المياه على الأسطح الداخلية للصخور، وتضفي تشكيلات الصفائح الصخرية حول محيط الكهوف مناظر خلابة. وتتميز بعض الكهوف في المملكة بوجود نقوش أثرية حولها أو داخلها يعود تاريخها إلى آلاف السنين، وتوفر بعضها بيئة مناسبة للحياة الفطرية والكائنات الحية، مثل الخفافيش وأنواع من الطيور والثديات. وبناءً على التعاون المستمر بين الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وهيئة المساحة الجيولوجية، اختيرت كهوفاً لتكون الانطلاقة لتفعيل سياحة الكهوف في المملكة، منها غار أم جرسان في حرة خيبر، ودحل الطحالب، وكهف الفندق، وكهف المربع في منطقة الصمان على بعد 220 كيلومتراً شمال شرقي مدينة الرياض، إضافة إلى كهف العقرب الأسود في منطقة الحدود الشمالية. وتتاح زيارة هذه الكهوف للسياح من داخل المملكة وخارجها، بشرط أن تكون من خلال منظم رحلات معتمد، وبرفقة مرشد سياحي مؤهل لهذا النمط ووفق المعايير المطلوبة لتوفير سياحة آمنة، تضمن سلامة السائح وسلامة بيئة الكهف. وأطلقت الإدارة العامة لتطوير المواقع السياحية في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، برنامج السياحة الجيولوجية، بالتعاون مع عدد من الشركاء، وأبرزهم هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، ويركز البرنامج على تطوير سياحة الكهوف في المملكة، استناداً إلى الأهداف الاستراتيجية لتنويع المنتج السياحي الوطني، وتنمية نمط سياحي جديد يراعي الاستفادة من المعالم الجيولوجية الطبيعية مع الحفاظ عليها، إضافة إلى فتح مجالات لفرص العمل والتنمية الاقتصادية الاجتماعية للمجتمعات المحلية. وكان أحد أهم مخرجات البرامج السياحية العمل على تفعيل سياحة الكهوف في المملكة، وإعداد برنامج لزيارتها ميدانياً للوقوف على جاهزيتها لاستقبال السياح، لتكون الخطة الأساسية مبنية على أسس واقعية، وأبرمت الهيئتان اتفاق عمل برامج تدريبية للمرشدين السياحيين، من خلال المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية السياحية، وعمل قسم دراسات الكهوف في هيئة المساحة الجيولوجية على تدريب دفعتين من المرشدين على سياحة الكهوف، استفاد منها 30 مرشداً ومرشدة، وتضمنت تلك البرامج كيفية استغلال الكهوف والمغارات باعتبارها ثروات وطنية يمكن الاستفادة منها كأحد الموارد السياحية الثمينة. ويجري التعاون بين الهيئتين على تطوير مواقع الكهوف ودراسة إمكانية عمل الاستدامة لهذه المواقع، إضافة إلى تنظيم رحلات ميدانية، لوضع مقترحات مشتركة، ويتضح الإقبال وزيادة الطلب على زيارة الكهوف في المملكة، التي تمتاز بطابعها الصحراوي وقربها من الآثار والبيئات الجميلة. وعملت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، من خلال فرعها في منطقة المدينة المنورة بالتعاون مع بلدية محافظة خيبر، على إعداد مخطط تطويري لتطوير غار أم جرسان الواقع في حرة خيبر على بعد 200 كيلومتر شمال المدينة المنورة طريق (المدينة – خيبر). ويعد الغار أحد أهم عناصر الجذب السياحي في حرة خيبر، ومن أكبر الكهوف الموجودة في الجزيرة العربية، ويبلغ طوله حوالى 1496 متراً. وحددت الهيئة الاحتياجات العاجلة للكهوف المستهدفة في المرحلة الأولى، ومنها عمل تصميم خاص للوحات التعريفية والإرشادية وتحديد العناصر اللازمة لتطوير المنطقة المحيطة في الكهف، بما يضمن عدم تشويه المنطقة بصرياً باستخدام الصخور والأشجار من طبيعة المنطقة. وتسعى الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني إلى أن تكون زيارة هذه الكهوف مع منظمي رحلات معتمدين، وبوجود مرشد سياحي مؤهل، بما يضمن الفائدة والمحافظة عليها. ويقف إلى جانب هيئة السياحة في تطوير سياحة الكهوف شركاؤها من هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، وأمانات المناطق، وزارة البيئة والمياه والزراعة، والهيئة السعودية للحياة الفطرية، وفروع السياحة في مناطق المملكة، التي توفر الدعم اللوجيستي والنقل والمعلومات المطلوبة وإعداد التقارير. واهتمت هيئة المساحة الجيولوجية بدراسة الكهوف وأنابيب الحمم البركانية منذ عام 2000، وكونت فريق من الجيولوجيين السعوديين لدراسة تجاويف أرضية في مختلف المناطق، بالتزامن مع الاهتمام بتطوير المواقع الجيو- سياحية المحتملة في أنحاء المملكة كافة، وتركز اهتمام هيئة المساحة الجيولوجية بالكهوف التي قد تحوي سجلاً تفصيلياً عن المناخ القديم، وبعض العمليات السطحية، التي يمكن أن تكون مصادر معلومات تستخدم في دراسات تغير المناخ. وتصدر الهيئة المساحة الجيولوجية السعودية منذ عام 2003، تقارير دورية حول دراسات واستكشافات الكهوف، وأصدرت كتاباً بعنوان "الكهوف الصحراوية في المملكة العربية السعودية". ويعود استكشاف الكهوف الصحراوية في المملكة إلى السكان المحليين، بحكم تنقلاتهم المستمرة في الأراضي الصحراوية الشاسعة، وبالنسبة لهم فإن الكهوف تعد ملاذاً آمناً يقيهم الحر والبرد والعواصف الرملية. ويدخل مستكشفو الكهوف حالياً إلى أعماق الفجوات المظلمة المدفونة تحت الرمال لأسباب عدة، فبعضهم تجذبه البيئة الغريبة والخلابة أحياناً، التي تتباين تماماً مع الصحراء العارية فوق السطح، وبعضهم يتوق للتحدي والمخاطرة والدخول الى عالم مظلم مجهول، ويسعى المستكشفون للوصول إلى مغارات كبيرة لم يسبقهم إليها أي إنسان من قبل. ويتضح اهتمام السائح المحلي والعالمي بهذا النمط السياحي من خلال ما ينشر من صور ومقاطع لعدد من الكهوف من خلال وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي المختلفة. ومن المتوقع أن يكون الإقبال كبيراً من السياح حال انطلاق الرحلات المرخصة، كون السياحة الجيولوجية بشكل عام، وسياحة الكهوف من الأنماط السياحية ذات الإقبال العالي، من الباحثين عن المغامرة والمتعة أو من الباحثين العلميين على حد سواء، فهناك أكثر من 5000 كهف مجهز للسياح ويقصدها حوالى 250 مليون سائح سنوياً حول العالم.

مشاركة :