منع نواب المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان) انعقاد الجلسة العامة، التي كانت مخصصة لمناقشة تقرير لجنة الشؤون القانونية، حول التحاق أسماء جديدة بالغرفة لاستخلاف حالات الاستقالة ورفع الحصانة. وجاء قرار المنع الذي اتخذه النواب لمنع الجلستين العلنيتين لنهار الاثنين واليوم الثلاثاء، احتجاجا على بقاء رئيس البرلمان معاذ بوشارب في منصبه، وعدم استجابته لمطلب التنحي المرفوع من طرف نواب ست كتل برلمانية قررت سحب الثقة منه. وتسود أروقة البرلمان الجزائري حالة من الفوضى غير المسبوقة، بسبب الخلافات بين الموالين للرئيس الحالي، وبين المعارضين له، مما يعرف بأحزاب الموالاة وبعض كتل المعارضة، حيث بات بقاء بوشارب غير مرغوب فيه تماشيا مع تطورات المشهد السياسي. ويلاقي الرئيس الحالي المنتمي إلى حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، سيناريو مشابها لذلك الذي عاشه سلفه سعيد بوحجة، لما انقلب عليه نواب البرلمان في العام الماضي، بإيعاز من جهات نافذة في السلطة آنذاك، ودُفع إلى التخلي عن منصبه بعد حادثة اقتحام مكتبه وغلق أبواب المبنى بالأقفال الحديدية والسلاسل. واستخلف حينئذ بوحجة الذي لم يقدم استقالته إلى حد الآن، بالنائب البرلماني معاذ بوشارب، الذي استخلف أيضا جمال ولد عباس في قيادة الحزب، بدعم من محيط الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، الذي كان آنذاك بصدد ترتيب الأوراق لتمرير الولاية الرئاسية الخامسة. ويشدد الغاضبون في الغرفة الأولى للبرلمان، على ضرورة رحيل بوشارب، قبل انقضاء مهلة الدورة البرلمانية الجارية الأربعاء، ليدخل المجلس في إجازة سنوية تمتد إلى غاية سبتمبر القادم، وأي فشل في ضغطهم سيمكنه من الاستمرار في منصبه إلى غاية الدخول الاجتماعي، مما قد يفوت الفرصة عليهم في ظل التطورات المتسارعة للمشهد السياسي في البلاد خلال الأشهر الأخيرة. ويرى متابعون للشأن الجزائري، أن السيناريو الأقرب هو إزاحة بوشارب، بنفس الطريقة التي أزيح بها سعيد بوحجة، في إطار ترتيبات داخل الحزب الحاكم، تحسبا للمرحلة المقبلة التي بات يهيمن عليها الجيش في ظل الفراغ المؤسساتي الذي تعيشه البلاد منذ تنحي الرئيس بوتفليقة في مطلع أبريل الماضي. ويرى هؤلاء أن المسألة لا تتعلق بكون معاذ بوشارب، يشكل رمزا من رموز نظام بوتفليقة، أو أحد المغضوب عليهم من طرف الحراك الشعبي، المطالب برحيل السلطة وعلى رأسهم الرموز والشخصيات الموروثة عن النظام السابق، بل لأنه لم يعد يدخل ضمن اهتمامات السلطة الفعلية لبناء النظام الجديد. وكانت ست كتل برلمانية، قد طالبت عبر بيان لها صدر السبت، باستقالة رئيس الغرفة النيابية معاذ بوشارب، تماشيا مع ما أسمته بـ”التطورات السياسية وإصرار الحراك الشعبي على تنحيه “.
مشاركة :