برز اسم أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول الجديد، خلال الأيام الماضية بعد أن وجه ضربة انتخابية مؤلمة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في انتخابات الإعادة التي اعتبرت اختبارا للديموقراطية فى البلاد، فاز فيها أوغلو بفارق يزيد على 800 ألف صوت، على منافسه بن على يلدريم، مرشح حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه أردوغان. وتسلم صاحب الـ 49 عاماً -المنتمي لحزب الشعب الجمهوري وهو أكبر أحزاب المعارضة- رسمياً منصبه للمرة الثانية خلال ثلاثة أشهر بعد إلغاء نتيجة فوزه السابق في الانتخابات على خلفية طعون تقدم بها "العدالة والتنمية" بحجة حدوث وقائع تزوير. وفي كلمة له أمام حشد جماهيري في ساحة (سراتش خانه) قال أوغلو: إن أبناء المدينة لقنوا أعداء الديموقراطية الدرس اللازم، في إشارة منه إلى نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي حاول الانقلاب على الإرادة الوطنية في إسطنبول، والمراوغات التي قام بها بعد خسارته في الجولة الأولى من الانتخابات التي أجريت نهاية مارس. ويعتبر أوغلو من النجوم الصاعدين في سماء السياسة التركية، وبالرجوع للعام 1994م فقد بدأ أردوغان مسيرته السياسية من مدينة إسطنبول، عندما انتُخب رئيسا للبلدية مرشحا عن حزب الرفاه الإسلامي، وكذلك بدأ أوغلو مسيرته من ذات المدينة التي يمثل سكانها نحو خمس إجمالي سكان تركيا الذي يبلغ نحو 82.9 مليون نسمة، كما تستوعب ربع إجمالي الاستثمارات التركية العامة. درس أغلو الذي ولد في مدينة طرابزون شمالي تركيا، في كلية إدارة الأعمال في جامعة إسطنبول، وينحدر من أسرة متدينة ومحافظة من الناحية الاجتماعية لكن لها تاريخ طويل في العمل السياسي، فكان والده حسن إمام أوغلو هو المؤسس لأحد أفرع حزب الوطن الأم الذي كان يتزعمه رئيس وزراء تركيا الراحل تورغوت أوزال في طرابزون. وكان العام 2008م بمثابة الخطوة الأولى لأوغلو في العمل السياسي حين انضم إلى حزب الشعب الجمهوري، واستطاع بعدها انتزاع رئاسة بلدية حي بيليكدوزو في القسم الأوروبي من إسطنبول من حزب العدالة والتنمية بفارق أكثر من 11 % عن منافسه، واستغل حزب الشعب الجمهوري الأداء الجيد لأوغلو في حي بيليكدوزو، ومن هنا جاء قرار ترشيحه في انتخابات بلدية إسطنبول التي تضم 16 مليون نسمة منهم أكثر من عشرة ملايين لهم حق التصويت. عُرف عن إمام أغلو اتباع أسلوب مغاير تماما للنبرة الحماسية المعادية المسيطرة على لهجة أردوغان، فالمتابع لخطاباته يجدها أقل حدة وأكثر هدوء، واستطاع أن ينجح بحملته الانتخابية بجدارة وحكمة، متفاديا إثارة الانقسام واستفزاز الناخبين. اعتمد أوغلو على الزيارات الميدانية في الأحياء التي تعتبر معقل حزب العدالة والتنمية، وتجول في شوارعها، وتحدث إلى الناس في مشكلاتهم وآليات حلها خاصة بعد الأزمة الاقتصادية التي أثرت على جموع المواطنين الباحثين عن البديل لأوجه نظام أردوغان المنهار بعد أن شهدت السنوات الأخيرة ارتفاع معدل التضخم في تركيا مع انخفاض كبير في قيمة الليرة، حيث كان سعر الدولار في مقابل الليرة التركية 2.903 ليرة في يوليو 2016، ثم ارتفع إلى 3.873 ليرة في نوفمبر 2017، ثم وصل إلى 4.624 ليرة في يوليو 2018. بينما وصل سعره في يونيو إلى 5.774 ليرة، بينما سجل معدل البطالة في فبراير من العام الجاري 14.1 % مقارنة 10.1 % بنفس الفترة من العام 2018.
مشاركة :