أفاد عضو الإفتاء وأستاذ الفقه بجامعة القصيم، الشيخ الدكتور خالد بن عبدالله المصلح، بأن المعصية في الزمن الشريف المحرم ليست كالمعصية في غيره من حيث الإثم والعقوبة. وقال: المعاصي لا تزيد عددًا لقوله تعالى: “وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا”، لكن يعظم عقوبتها من جهة أنه انضاف إليها جرم آخر وهو امتهان حرمة الزمان المبارك بخلاف الحسنات التي تضاعف في الزمن المبارك، فالحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة. وفي معرض رده على أسئلة برنامج “يستفونك” عن تساؤل يقول: هل تضاعف السيئات في الأشهر الحرم؟ أجاب “المصلح”: لقد اصطفى الله أربعة أشهر فخصها بالتحريم وجعل لها من الحرمة والمكانة ما ميزها عن سائر الأشهر وهي ثلاثة أشهر متواليات، ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ثم شهر رجب، واستدل بقوله تعالى: “إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ” ا بتحريمها فقال: “مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ” أي تصان النفوس عن امتهانها وعدم وأضاف: من ميزتها ما ذكره الله في قوله تعالى: “ۚفَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ” الإنسان منهي عن ظلم نفسه في العمر وفي العام كله، ومنهي على وجه الخصوص عن ظلم نفسه في هذه الأشهر لأن الله زادها تشريف حفظ حق الله تعالى في الواجبات والمحرمات وقال تعالى: “وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ”، فتعظيم هذه الأشهر من تقوى الله ، وتقوى الله تكون بفعل ما أمر وترك ما نهى عنه وزجر ، ولهذا فعل الطاعات وترك المعصية فيها يزيد أجره على سائر الزمان. وأردف: التورط في المعصية في الأشهر الحرم هو مما يعظم من جهة المعصية ذاتها، فالذي يسرق في الأشهر الحرم وفي غيرها عليه إثم السرقة لكن يزداد في الأشهر الحرم أنه لم يحفظ حرمة هذه الأشهر التي جعلها الله تعالى محرمة فيكون ذلك زيادة في الإثم، ولذلك فالمعصية في الزمن الشريف المحرم ليست كالمعصية في غيره من حيث الإثم والعقوبة. وتابع: يقتضي التحريم أن يجلّ الإنسان ما حرمه الله كما قال تعالى: “وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ” وحرمات الله هو كل ما جعله الله ذا حرمة ومكانة منزلة وحفظها من الامتهان سواء كان ذلك مكانًا كمكة أو زمانًا الأشهر الحرم أو شخصًا كالأنبياء والصالحين والشهداء أو وصفًا كالمحرمين المتلبسين بالإحرام، قاصدي السجد الحرام والهدي والقلائد. في سياق ذي صلة، قال الدكتور عمر بن عبدالله المقبل، أستاذ الحديث المشارك في كلية الشريعة بجامعة القصيم نائب رئيس الهيئة العالمية لتدبر القرآن في تغريدة بحسابه بتوتير أمس: إذا دخل شهر ذو القعدة فقد بدأت أول أيام الأشهر الحرم. وأضاف: مما تُعظّم به الأشهر الحُرم الكف فيها ظلم أنفسنا بالابتعاد عن المعاصي كلها والازدياد من العمل الصالح فيها، وأشار بأن جماعة من السلف كانوا يحرصون على كثرة الصيام في الأشهر الحرم. واستدل بقوله صلى الله عليه وسلم: “أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ”. ولفت في خطبة جمعة ألقاها سابقًا وأعادها في تغريدته عن فضل الأشهر الحرم والأحكام التي تتعلق بها بأن المعصية في الزمان الفاضل إثمها عند الله أعظم فالمعاصي تضاعف كيفية لا كمية. وأضاف: كثير من الناس وللأسف الشديد تمر عليه هذه الأيام وكأنها أيام وهذا لعمر الله من الحرمان. وأردف: لنعظّم أمرَ ربّنا؛ بالكف عن ظلم أنفسنا بالمعاصي، ولنكثر ما استطعنا فيها من الطاعات، فإن أجرَ الطاعة في الزمان الفاضل أكثر وأكبر، ولنتذكر جيداً أن تعظيمَنا لهذه الحرمات ومنها هذه الأشهر الحرم خير لنا، وعلامةٌ على تقوى القلوب.
مشاركة :