لندن – الوكالات: احتجز مشاة البحرية الملكية البريطانية ناقلة نفط إيرانية في جبل طارق امس الخميس للاشتباه في أنها تحمل نفطا خاما إلى سوريا بما يمثل انتهاكا لعقوبات مفروضة من الاتحاد الأوروبي في تطور قد يؤدي إلى تصعيد المواجهة بين إيران والغرب. ويأتي احتجاز السفينة العملاقة «غريس 1» البالغ طولها 330 مترا في وقت حساس في العلاقات الأوروبية الإيرانية فيما يدرس الاتحاد الأوروبي سبل الرد على إعلان طهران تخصيب اليورانيوم بمستوى يحظره الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بينها وبين الدول الكبرى. واحتجزت السلطات في جبل طارق التابع لبريطانيا بأقصى جنوب إسبانيا، الناقلة بناء على طلب الولايات المتحدة، وفق ما أعلنت مدريد. ولم تحدد السلطات مصدر النفط لكن النشرة المتخصصة في النقل البحري «لويد ليست» ذكرت أن ناقلة النفط ترفع علم بنما وتنقل نفطا إيرانيا. وتم إيقاف الناقلة «غريس1»، بينما كانت على بعد أربعة كيلومترات جنوب جبل طارق في مياه تعتبر بريطانية، رغم أن إسبانيا ترفض ذلك وتزعم أحقيتها في هذه المنطقة. واعترضت سلطات جبل طارق بمساعدة وحدة من البحرية الملكية البريطانية ناقلة النفط العملاقة فجر الخميس. وتم الصعود إلى الناقلة عندما تباطأت في منطقة مخصصة لوكالات الشحن لنقل البضائع إلى سفن عادية. وقال رئيس وزراء جبل طارق فابيان بيكاردو في بيان «لدينا كل الأسباب التي تدعو إلى الاعتقاد أن (غريس1) كانت تنقل شحنتها من النفط الخام إلى مصفاة بانياس التي يملكها كيان يخضع لعقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على سوريا». وأضاف «لقد احتجزنا الناقلة وحمولتها». بدوره، أعلن وزير الخارجية الإسباني جوسيب بوريل الخميس أن الولايات المتحدة طلبت اعتراض ناقلة النفط. وقال الوزير الإسباني «نحن في صدد درس الظروف التي رافقت هذه المسألة، لقد كان هناك طلب وجهته الولايات المتحدة إلى المملكة المتحدة» لاعتراض ناقلة النفط. وفي طهران، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي في بيان رسمي «إثر الاعتراض غير القانوني لناقلة نفط إيرانية في مضيق جبل طارق من جانب القوة البحرية التابعة لبريطانيا، تم استدعاء سفير هذا البلد إلى وزارة الخارجية». يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على سوريا منذ 2011، وتشمل العقوبات 227 مسؤولا سوريا بينهم وزراء في الحكومة بسبب دورهم في «القمع العنيف» للمدنيين. وتم تمديدها في مايو الماضي حتى الأول من يونيو 2020، وتشمل حظرا نفطيا وتجميد موجودات يملكها المصرف المركزي السوري في الاتحاد الأوروبي. وقال بيكاردو انه بعث رسالة «صباح اليوم (الخميس) إلى رئيسي المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي توضح تفاصيل العقوبات التي طبقناها». وقالت الخارجية البريطانية «نرحب بهذا العمل الحاسم من قبل سلطات جبل طارق التي عملت على تطبيق نظام عقوبات الاتحاد الأوروبي على سوريا». وبحسب نشرة «لويد ليست» فالناقلة التي شيدت عام 1997 هي الاولى المحملة بالنفط الإيراني تتوجه إلى أوروبا منذ أواخر 2018. وذكرت أنه تم تحميل الناقلة بالنفط قبالة إيران في ابريل وأبحرت حول رأس الرجاء الصالح في جنوب إفريقيا. ويأتي احتجاز الناقلة بعد أيام من إعلان إيران تجاوزها سقف اليورانيوم المخصب المحدد في اتفاق 2015 الذي يهدف إلى الحيلولة دون وصول إيران إلى مستوى التخصيب الكافي لإنتاج رأس حربية نووية. ويتزامن ذلك مع توتر شديد بين إيران والولايات المتحدة، وصل إلى ذروته في 20 يونيو حين أسقطت إيران طائرة أمريكية من دون طيار قائلة إنها انتهكت مجالها الجوي وهو ما نفته واشنطن. وكانت طهران قد تعهدت بموجب اتفاق فيينا عدم السعي لامتلاك السلاح الذري والحدّ من أنشطتها النووية مقابل رفع قسم من العقوبات الدولية التي تخنق اقتصادها. لكن الاتفاق بات مهددا بعدما انسحبت منه بشكل احادي في مايو 2018 الولايات المتحدة التي أعادت فرض عقوبات اقتصادية ومالية على الجمهورية الإسلامية، ما حرم إيران من الفوائد التي كانت تتوقعها من الاتفاق. وكانت طهران قد أعلنت في 8 مايو أنها لن تعود ملزمة بالحدّ من مخزونها من اليورانيوم المخصّب والمياه الثقيلة كما ينص عليه الاتفاق، وقد أمهلت الدول الاخرى الموقعة عليه (ألمانيا والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا) «60 يومًا» لمساعدتها على الالتفاف على العقوبات الأمريكية.
مشاركة :