قال الشيخ حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ، إمام وخطيب المسجد النبوي، إن في تعاقب الأزمان معتبر وفي اختلاف الليل والنهار موعظة وذكرى، فقال تعالى: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُذكر أَوْ أَرادَ شُكُورًا».وأوضح «آل الشيخ» في خطبة الجمعة اليوم بالمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة، أن المراد بقوله تعالى: « خلفة» أي كونًا وقدرًا بأن أحدهم مخالف للآخر وكل منهما يخلف الآخر هذا بعد هذا يتعاقبان في الضياء والظلام والزيادة والنقصان.واستشهد بما قال جل وعلا: «فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً»، وكما قال جل وعلا: «وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ»، منوهًا بأن خلفة يأتي معنى شرعيًا وأنه سبحانه جعل أحدهما خلفًا من الآخر في أن ما فات فيه من عمل يعمل فيه لله جل وعلا أدرك قضاءه في الآخر.وأضاف أن المقصود بأية أن في اختلاف الليل والنهار وفي تغير أوصاف الأزمان إن في ذلك لعبرة عظيمة كبيرة جليلة تدعو الموفق إلى التفكر في قدرة الله العظيمة ومشيئته التامة وعظمته المتناهية بما يلزم المسلم بالخضوع لله جل وعلا والتذلل له عز شأنه، وبما يفرض عليه الإنابة الحقة والاستجابة لشرعة القويم لقوله سبحانه: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يُذكر أَوْ أَرَادَ شُكُورًا».وبين أن أهل الإيمان من الذين يتذكرون التذكر النافع ما يحدث لهم الخوف الحقيقي من خالقهم جل وعلا وخشية شديدة من عقابه وحذرًا جادًا من سخطه لقوله تعالى: (إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السموات وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ)، مؤكدًا أن أهل الإيمان هم الذين ينتفعون بآيات الله الكونية فيتعظون بها ويعتبرون حتى يثمر لهم ذلك إيمانًا صادقًا وعملًا خالصًا.ودعا المسلم إلى اتخاذ اختلاف الأزمان موعظة وذكرى وأن يكون في أحواله كلها لله شاكرًا وبطاعة عاملًا ولمعاصيه مجانبًا لقولة تعالى: «وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ»، لافتًا إلى أن من عبر واختلاف صفات الأزمان ما يجده العبد في فصل الصيف من شدة الحر فيبتغون السبيل إلى الظل والظليل والهواء العليل فيتذكر المسلم بذلك نار جهنم وحرها.وحث المسلمين بالمبادرة بكل عمل صالح يقرب إلى الله عز وجل، واجتناب المعاصي والموبقات، مشيرًا إلى أن للسلف الصالح في الاعتبار باختلاف الأزمان شأن أعظم فهذا عمر رضي الله عنه يوصي ابنه بخصال الإيمان، وذكر منها الصوم في شدة الحر، ولما مرض مرضَ وفاته قال: اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب البقاء في الدنيا لجري الأنهار ولا لغرس الأشجار، ولكن لظمأ الهواجر، ومكابدة اليل، ومزاحمة العلماء بالركب عند حِلَق الذِّكْر.
مشاركة :