د. ناجي صادق شراب هذا هو السؤال الرئيسي، الذي يبحث المحللون ومراكز البحث المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط الإجابة عنه. لكن لا توجد إجابة يقينية قاطعة، هناك احتمالات وسيناريوهات وتتفاوت الآراء والاجتهادات بين من يقارن بين قوة إيران و«إسرائيل»، وهم أنصار مدرسة القوة، الذين يرون أن فارق القوة، وخصوصاً تفوق «إسرائيل» في القوة النووية، والقوة الجوية بعد تسلحها بطائرات «إف 35»، ما يجعل الحرب خياراً «إسرائيلياً» قوياً، لكن وبالرغم من أن إيران دولة قوة أيضاً، فإنها قد لا تفكر في دخول الحرب المباشرة مع «إسرائيل». هنا تطرح الحجج التالية التي تدعم هذا الرأي: أولاً أن «إسرائيل» كدولة قوة تعتبر أن إيران تشكل بوجودها في سوريا تهديداً وجودياً لبقائها وأمنها، ومن ثم لن تسمح في كل الحالات بالوجود الإيراني هناك، خاصة بعدما باتت تعتبر مرتفعات الجولان السورية المحتلة، تدخل في مجالها الحيوي بعد قرار ضمها والاعتراف به أمريكياً. وثانياً تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، يعطيها قوة دفع للجوء للحرب، خصوصاً أن الولايات المتحدة أيضاً تعتبر الوجود الإيراني يشكل تهديداً لمصالحها في المنطقة.وثالثاً اعتقاد «إسرائيل»، أن العلاقات العربية- الإيرانية السلبية توفر لها عاملاً إضافياً في هذا الخيار، بسبب التمدد الإيراني والتدخل في الشؤون الداخلية العربية، كما في اليمن وسوريا والعراق. رابعاً العلاقات المميزة «الإسرائيلية» الروسية تسمح لها بالتلويح بخيار الحرب. كما أن «إسرائيل»، لن تسمح بأن تتحول إيران إلى دولة قوة نووية طالما هي وحدها تحتكر هذه القوة، وما يؤكد وجهة النظر هذه ان «إسرائيل» مستمرة في ضرب المواقع الإيرانية في سوريا.ومن جانبها إيران تذهب بعيداً بحرب الشعارات والتهديد، بإعلانها أنها تحتفظ لنفسها بحق الرد في الموعد والمكان المناسبين، وإن إيران قادرة على محو «إسرائيل». هذه التصريحات التي تخرج من قادة إيران ليست أكثر من حفظ لماء الوجه، لأنها تدرك أن لعبة الحرب والقوة لم تعد ثنائية، بل أن سيناريو الحرب بات قراراً دولياً، ويبدو أنها تريد أن توظف ذلك لتحقيق مزيد من المكاسب السياسية، والاحتفاظ ببعض مناطق النفوذ، أو تتقاسمها من خلال صفقة شاملة.فالأساس في السياسة الإيرانية هي السياسة النفعية التي تغلفها بعبارات دينية بعيدة عن الواقع، فما يعنيها في المقام الأول أن تحتفظ بمصالحها ولو كانت على حساب مواقفها المعلنة كالقضية الفلسطينية.وبالرغم من ذلك، تبقى الحرب خياراً قوياً، وكما أشار المحلل «الإسرائيلي» تسيفا يحزفيلي، إلى أن انسحاب أمريكا من سوريا قد يزيد من احتمال مواجهة «إسرائيلية»- إيرانية، إلا أن هذا القرار يبقى الدور الروسي في سوريا كابحاً له.ويقدم الكثير من الباحثين سيناريوهات متعدده لهذه الحرب، السيناريو الأول، أن تكون حرباً مباشرة بين «إسرائيل» وإيران، وفي هذه الحالة لن تكون محدودة، بل قد تتسع لتشمل أطرافاً إقليمية ودولية، ومشاركة قوى غير نظامية فيها كحزب الله وحماس والجهاد. ولكن هناك الكثير من العوامل التي تحول دون وقوعه لسببين مباشرين هما عدم رغبة روسيا وأمريكا في مثل هذا الخيار، وعدم رغبة الدول الإقليمية أيضا بالانزلاق في حرب ليست لها. والسيناريو الثاني، أن تنتقل ساحة الحرب إلى لبنان، وتشارك فيها قوات إيرانية تقدر بعشرين ألف مقاتل وقوات «حزب الله».أما السيناريو الثالث فهو أن تقع الحرب والمواجهة على الأراضي السورية، وهي الأرجح، وقد تكون سريعة ومحدودة بسبب التدخلات الخارجية بوقفها. وهدفها هنا واضح وهو تحقيق مكاسب سياسية؛ إذ إن «إسرائيل»، ستحاول الاحتفاظ بالجولان إلى الأبد، وإبعاد الوجود الإيراني عن الحدود، مع الإقرار ببعض مناطق النفوذ لإيران في سوريا ولبنان والمناطق الأخرى كالعراق. وأخيراً، من المتوقع أن يكون هناك دور روسيا كابح للدور الإيراني والتخفيف من الوجود الإيراني في سوريا، ودور أمريكي كابح ل«إسرائيل»، وصولاً إلى صفقة سياسية شاملة تحقق أهدافاً للحرب السياسية بدون الحرب، وهذا ما تسعى إليه «إسرائيل». وأخيرا، فإن إيران يحكمها نظام توتاليتاري ديني يسعى للبقاء، و«إسرائيل» تحكمها قوى يمينية متطرفة تسعى إلى البقاء أيضاً، والقاسم المشترك بينهما المصالح النفعية. لذلك تبقى الحرب خياراً مفتوحاً مؤجلاً، كما يبقى قرار حرب تشنها «إسرائيل» محكوماً بالموقف الأمريكي والروسي في الحالة السورية، فهو ليس قرارها، والبديل الضربات العسكرية الاستباقية. drnagishurrab@gmail.com
مشاركة :