تمكن المجلس العسكري الانتقالي في السودان من تجاوز التجاذبات السياسية مع قوى المعارضة السودانية والتوصل إلى اتفاق حول ملامح الهيئة الانتقالية التي من المقرر أن تقود البلاد. وتجدر الإشارة أن رئاسة هذه الهيئة كانت محور جدل كبير بين الطرفين وأدت إلى فشل مباحثات سابقة تشبث فيها كل طرف بأحقيته رئاسة المجلس السيادي. ورحبت دولة الإمارات العربية المتحدة بالاتفاق في السودان بين المجلس العسكري الحاكم والمحتجين على هيئة حكم جديدة في البلاد، داعية إلى "تأسيس نظام دستوري راسخ". وأعرب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش عن أمل بلاده بأن تشهد المرحلة القادمة في السودان تأسيس نظام دستوري راسخ يعزز دور المؤسسات ضمن تكاتف شعبي ووطني واسع. وكتب في تغريدة على حسابه على موقع تويتر "نبارك للسودان الشقيق الاتفاق الذي يؤسس لانتقال سياسي مبشر".ونجحت الوساطة الإثيوبية الأفريقية في إعادة الأطراف السودانية إلى طاولة الحوار بعد تصاعد التوتر واحتقان الشارع السوداني في ظل دعوات دولية إلى وقف التصعيد من الجانبين وتفادي مزيد تورط البلاد في دوامة الفوضى والعنف. وبفضل وساطة إثيوبيا والاتحاد الإفريقي، استأنف الجانبان المفاوضات الحسّاسة لرسم الخطوط العريضة للمرحلة الانتقاليّة المقبلة. وقال وسيط الاتّحاد الإفريقي محمّد الحسن لبات خلال مؤتمر صحافي الجمعة، إنّ المجلس العسكري الحاكم و"تحالف الحرّية والتغيير" الذي يقود حركة الاحتجاج اتّفقا على "إقامة مجلس للسيادة بالتّناوب بين العسكريّين والمدنيّين ولمدّة 3 سنوات قد تزيد قليلاً". ولم يوضح الآليّة التي سيتمّ اعتمادها، لكن وفقاً للخطّة الانتقاليّة التي أعدّها الوسيطان الإفريقي والإثيوبي فإنّ "المجلس السيادي" سيرأسه في البداية أحد العسكريّين لمدّة 18 شهراً على أن يحلّ مكانه لاحقاً أحد المدنيّين حتّى نهاية المرحلة الانتقاليّة. وأضاف لبات أنّ الطرفين اتّفقا أيضاً على إجراء "تحقيق دقيق شفّاف وطني مستقلّ لمختلف الأحداث والوقائع العنيفة المؤسفة التي عاشتها البلاد في الأسابيع الأخيرة". كما "وافق الأطراف أيضاً على إرجاء إقامة المجلس التشريعي والبتّ النهائي في تفصيلات تشكيله، حالما يتمّ قيام المجلس السيادي والحكومة المدنيّة". وعلق مراقبون أن التوصل إلى اتفاق حيال معضلة رئاسة المجلس السيادي خطوة إيجابية من شأنها أن تشكل دفعة قوية لبقية التفاهمات، مشيرين إلى أنه ما لم يتم التوافق على رئاسة المجلس خلال المهلة المحددة سيكون من الصعوبة التفاهم على ملفات أخرى. وقال نائب رئيس المجلس العسكري السوداني الفريق محمد حمدان دقلو من جهته، "نود أن نطمئن كل القوى السياسية والحركات المسلحة وكل من شاركوا في التغيير، بأن هذا الاتفاق سيكون شاملا لا يقصي أحدا ويستوعب كل طموحات الشعب السوداني بثورته". وكان الطرفان التقيا أمس الخميس في الجولة الثانية من المفاوضات. وقال أحمد الربيع، أحد قادة "تحالف الحرية والتغيير" إن المحادثات تطرقت إلى إدارة "المجلس السيادي". وكانت تسببت هذه المسألة الحساسة في مايو بتعليق المفاوضات. وكان لقاء ممثلي الطرفين الأربعاء الماضي، في حضور وسيطي إثيوبيا والاتحاد الإفريقي، هو الأوّل منذ التفريق الدامي في الثالث من يونيو لاعتصام المتظاهرين أمام مقرّ القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم، والذي أسفر عن عشرات القتلى وأثار موجة تنديد دولية. وجاءت الوساطة الإثيوبية الأفريقية لتضع حدا لتصاعد الاحتقان والتوتر بين قادة الاحتجاجات والمجلس العسكري الانتقالي، حيث خيرت قوى المعارضة اللجوء من جديد إلى الشارع للضغط على المؤسسة العسكرية، وسط مخاوف من صدامات جديدة يمكن أن تسفر عن خسائر في الأرواح وتزيد من حدة التوتر في البلاد. وكان دعا قادة الاحتجاجات إلى تظاهرة كبيرة في 13 يوليو تليها حملة عصيان مدني، وأدى حراك مماثل نظم من 9 إلى 11 يونيو، إلى شلل في العاصمة.
مشاركة :