رغم سني العمر الفائت مع هذا الرجل لا أستشعر الخجل وأنا أداعبه كمراهقة تعرف الحب للمرة الأولى، أستعذب كلمات العشق والغزل، الدلال لا يعرف كم من العمر مضى. الحب لا يسقط بالتقادم، لا أستسيغ تلك الجملة المائعة التي يرددها كثيرون “كبرنا على الحب”، ولا الجملة السيئة، الشائخة “إحنا مش بتوع الحاجات دي” وبالطبع يقصدون بتلك الحاجات، كلمات الحب والغزل، والتعبير عن المشاعر. مع شمس الصباح.. لي موعد لا أخلفه، وما أرجوه من الله ألا تجبرني الظروف على ذلك، موعدي مع قهوتي وحديثي الصباحي الذي لا تنتهي صلاحيته منذ سنوات طوال، في اتفاق غير معلن أحرص على الحوار اليومي مع زوجي أثناء استمتاعنا بمذاق القهوة العربية بالهيل، نرتشف من الاثنين معا، حديثنا الرائع الموصول وقهوتنا. عادة ما أعد أنا القهوة، لكن في كثير من الأحيان يفاجئني هو بإعدادها، لا تهم مقاديرها، وإن اِختلف المذاق، ولا يعنيني أنها “بوش”، كم من ذرات السكر تذوب في فنجاني؟ هل تروقني؟ ما يعنيني هو مقدار الاهتمام والحب اللذين سكبهما في الفنجان، ما يهمني كيف عبر لي عن مدى حرصه على مشاركتي طقوسي الصباحية. نتجاذب أطراف الحديث بشكل يومي، فيما يشبه العادة أو الطقس الذي لا فكاك منه، أطلقنا عليه منذ زمن “حديث الصباح”، اعتدناه حد الإدمان، نناقش الأخبار السابحة في عالم الشبكة العنكبوتية، وما يتناثر مما تبثه الصحف والمجلات، حال الأسرة ومستقبل الأبناء، نتقلب في الحديث ما بين الخاص والعام، حتى مع الشجار واختلاف وجهات النظر في مناقشاتنا لا نتخلى عن حديثنا، فليس بالضرورة أن تتوحد نظرتنا للأمور، أو تتفق دائما، ربما نختلف وكثيرا ما يحدث، لكننا لا نسد قنوات الحوار. حين أقف أمام قبرها أدعو لها بالرحمة وأتمتم ببعض كلمات، سألني زوجي عنها، فقلت حين ألتقي أم زوجي في العالم الآخر، حتما سأسألها كيف أنجبت هذا الرجل الرائع؟ كيف علمته التعبير العملي عن حبه؟ لماذا تربى على أن كلمات الغزل من حظ النساء وحدهن؟ رغم طيبة قلبه، يفتخر بغلظته في الحب، وهل حقا الحب نقيصة للرجل؟ أم وحده الرجل الشرقي لا يجيد فن التعبير عما يختنق بقلبه من كلمات؟ تحتضن عيناي صورة الفتى المشاغب، لا أريدها أن تفارقني مطلقا، لا أتذكر سوى هذا المشهد الرائق لوجه باسم وضحكات من القلب، رغم سني العمر أراك شابا في الثلاثين يحتضن كفي، لا أريد لعينيَّ أن ترى رجلا أتعبه الزمن، مازلت في عينيَّ حبا باكرا، مازلت في قلبي في طزاجة شاب، ألبسني ثوب الأماني وهدهد مشاعري، ترفق بي في لحظات ظننتها بسذاجة نهاية العالم، هذان الشابان الرائعان ليسا سوى أخويك الصغيرين. ما أفعله قد تقوم به نساء كثيرات، لكن على فترات متباعدة ومتقطعة ولا يحرصن عليه، لكن ما أدعوهن إليه شدة الحرص على التواصل الفكري واللفظي مع الشريك، فتأثيره يفوق تأثير التواصل الجسدي والعلاقات الحميمة بين الزوجين، وهو غذاء فكري يدعم التشارك في التعاطي مع المشكلات وما يدور في الحياة العامة، وينبغي أن يجعلنه طقسا يوميا يقوي العلاقة ويفتح آفاقا جديدة. مد جسور التواصل الفكري وتبادل الرؤى والأفكار حول كافة نواحي الحياة يخلقان لذة تفوق أي شعور آخر، ويجعلان بين الزوجين اهتمامات مشتركة، وربما يوحدان وجهتي النظر حول حدث أو قضية ما. صف مشاعرك لها بالكلمات، في البدء كان الكلام، قلْ لها أحبك تَكُنْ لك ملكة رومانية فاتنة، الحب يزيدها بهاء وألقا لا يخبو مع الزمن، مشاعرنا ليست مدعاة إلى النقيصة والخجل والتخفي، اجعلها أيقونتك، فهي تستحق. دعوة إلى حديث الصباح، وقهوة الصباح، والمشاركة في أنشطة ثنائية تجمع الزوجين معا، وتخلق حالة من التفاعل الجاد، المثمر، ودعوة منفردة للرجل، همسة في أذنيك عزيزي الرجل، بعيدا عن تربية صارمة ودعوات قاتلة بأن الحب حديث النساء، تكلم، عبّر عن عشقك لزوجتك بكل الطرق، جرب أن تزرع في أذنيها الورود، فلن تحصد الشوك مطلقا.
مشاركة :