الإرهاب لا يسقط بالتقادم - أمجد المنيف

  • 12/8/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

كما أن الحقوق لا تسقط بالتقادم؛ فإن الإرهاب لا يسقط بالتقادم أيضا، ولا البشاعة حتى، لأن التخريب والدمار والقتل ليس أمرا عفويا يمكن تناسيه بعد تجاوز حقبته الزمنية، وإنما عمل إجرامي يستحق الملاحقة والعقاب، حتى بعد عقود من حدوثه، ومهما كلف من موارد مالية وبشرية. ظهر لنا «داعش» فجأة، ولست متأكدا إذا ما كان فجأة أو بعمل استخباراتي مؤسساتي، وغطى بإجرامه من سبقوه، أو في ذهن اللحظة على أقل تقدير، وفي ذاكرة الصورة المتطورة في عهده، ما أنسى - ولو بشكل جزئي - ما عمل أسلافه، من المجرمين والإرهابيين، كالقاعدة وغيرها، وهو الأمر الذي استغله مريدو القاعدة - كمثال - وحاولوا تزيين عملهم، من خلال محاولة عقد مقارنات بين العملين، في خدعة عبثية صبيانية، اعتقدوا من خلالها أنهم قادرون على لف السواد «الداعشي» على ذواكرنا؛ لكي ننسى الأرواح البريئة، المزهقة من قبل تنظيماتهم، ونلغي عقداً من التحديات في مواجهة إرهابهم، والصور الدموية الباقية في ذاكرة التاريخ! حسنا فعلت «العربية»، القناة التي أخذت على عاتقها «ملف الإرهاب في السعودية»، كأحد أهم الملفات الرئيسة، في وقت مبكر من التاريخ الإعلامي، وكانت المنصة الأكثر وجعا للإرهابيين؛ بإنشاء ال»وثائقي»، المؤلف من ثلاثة أجزاء، بعنوان «كيف واجهت السعودية القاعدة»، والذي رصد لحظات مفصلية في هذا الملف، ونشر - ولأول مرة - بعض المشاهد الاستثنائية، والمعلومات الحصرية، وشهادات رجال الأمن الأبطال، ووصل لتسجيلات الإرهابيين، قبل وأثناء وبعد عملياتهم الجبانة، وفضح هوسهم الجنسي، وأمراضهم النفسية، وارتباكاتهم في تسجيلاتهم الخاصة، والتي طالما زعموا أنهم يقدمون على الموت بقلوب قوية، لا تعرف للتردد طريقا، حيث شاهدنا كيف رصد الفيلم «التلعثم» عندما واجهوا الكاميرا قبل عملياتهم، وكيف فشلوا في الإجابة عن أسئلتهم الذاتية؛ قبل مخاطبة المشاهد.. وسقطوا أكثر مما يعتقدون، لأنهم لا يفعلون ما يؤمنون به، وإنما حالات طارئة على قناعاتهم، يريدون من خلالها الخلاص، وشرعنة «الانتحار»، أو لأغراض محددة، كإشباع الغريزة الجنسية، وغيرها.. لقد بات المتلقي أكثر وعياً، يستطيع تمييز من يبرر الإرهاب، باختلاف أشكاله، ويفهم الرسائل المبطنة التي يقوم عليها أفراد وجماعات، ويعملون بشكل احترافي، لا يقل عن الذكاء «الداعشي»، من أجل التبرير، و»تلميع» صورة «القاعدة»، لذلك لا تثق بمن يقول (يا زين القاعدة.. عند داعش)، ولا تقبل أي دفاع عن أي عمل إرهابي، مهما كان التوقيت، أو المكان، أو الشريحة المستهدفة. المجتمع السعودي لا يزال بانتظار تنفيذ أحكام القصاص، في حق الإرهابيين، الذين عاثوا في الأرض إرهابا، وروعوا الآمنين، مستهدفين الأطفال والنساء قبل غيرهم، وهو حدث مهم بالتأكيد، يلقى قبولا كبيرا وترحيبا في المجتمع السعودي، وأي مراقب يقرأ المشهد - سواء من داخله أو من الخارج - يستطيع معرفة ذلك بوضوح، بعدما حان توقيت العقاب، لأولئك الذين تلطخوا بالدماء، لاجتثاثهم ونفيهم إلى «هامش التاريخ».. وفكرهم! والسلام

مشاركة :