على رغم مرور نحو 5 أشهر على انطلاق بثها في 20 أيار (مايو) الماضي، إلا أن قناة «تلاقي» السورية لم تستطع أن تخرج عن عباءة الإعلام الرسمي السوري، فبدت نسخة مكررة عن الفضائية السورية بطريقة تغطيتها وطروحاتها ومعالجاتها. رومانسية الاسم «تلاقي» لم يشفع للقناة وللعاملين فيها، بل كان مجرد ذر للرماد في العيون، في محاولة لكسب المشاهد السوري خصوصاً والعربي عموماً، بعدما اتجه لمتابعة القنوات الفضائية العربية الأخرى لمعرفة كل ما يتعلق بالشأن المحلي مبتعداً عن الإعلام الرسمي منذ سنوات. فمتابع القناة وبرامجها لن يشعر بأي فارق عن قنوات الإعلام السوري الرسمي الأخرى وبرامجها، ولن يجد تفرداً في الضيوف الذين تشاركت القناة استضافتهم مع الفضائية السورية والإخبارية و»الدنيا» و»سما». وشهد الشهران الأولان من بث القناة وقف برنامجين نتيجة عزوف الضيوف عن المشاركة، إضافة الى انقطاع متكرر في البث، ومشاكل فنية في الصوت والديكور والصورة. وعلى رغم تغلب طاقم القناة على بعض هذه الصعاب في الأشهر اللاحقة، لكنها بقيت مترددة في مضمونها وبعيدة عن الواقع السوري المعاش، علماً أن مدير القناة ماهر الخولي قال في بداية انطلاقها معرفاً برامجها في أحد الحوارات أنها «ذات بعد إنساني ووطني يعيد وصل المشاهد بتاريخه الحضاري والإنساني والثقافي من دون المساس بالشروط الفنية اللائقة لتقديم هذه المضامين». لكنّ القناة في واقعها افتقدت البعد الانساني والوطني، ولم تستطع وَصل المشاهد السوري بتاريخه الحضاري والإنساني والثقافي بل العكس، إذ ناقشت قضايا لا تمت له بصل، وأتى ذلك تزامناً مع مستوى فني متواضع يفتقر للحرفية والمهنية. وتناولت القناة واقع المسرح والمطبات التي تعوقه، وعرضت مشاكل الأوركسترا الوطنية وخفاياها، وأبحرت في حيثيات الدراما وتبعات الإنتاج الفني وتأثيره على الواقع الثقافي، كما عرّجت على غياب الجمهور عن صالات السينما، في حين غابت عن مشاكل المواطن السوري اليومية وحاجاته ومتطلباته. حتى عندما تطرقت في بعض الحالات النادرة الى مشاكل الداخل المعيشي أبرزته بخجل، ومرّت عليه مرور الكرام، وكأنه لا يمثل الهمّ الأساسي في البلاد في ظل الأحداث الجارية منذ ما يقارب ثلاثة أعوام. وعلى رغم أن القناة استعانت بعناصر شبابية معتبرةً أنهم من الوافدين الجدد الى الإعلام ويحملون أفكاراً وتطلعات وطروحات جديدة وخلاقة وُدرّبوا قبل انطلاقها بطريقة احترافية ومهنية، لكنّ المتابع لأسماء العاملين فيها، يكتشف أن معظم العاملين «الشباب» من طواقم الفضائية السورية والإخبارية السورية و»سورية دراما» و»الدنيا» و»سما»، وهم تدربوا وتلقوا خبراتهم في المؤسسة الحكومية، وتشربوا آلية العمل البيروقراطية للهيئة العامة للتلفزيون السوري التي تسير بهذا الطريق منذ عقود. تأسيس قناة «تلاقي» ضمن ما وصفته «وزارة الإعلام السوريّة» بخطّة تطوير وتحديث، حاملةً شعار «نلتقي لنرتقي»، لم يكن مطابقاً لأدنى التطلعات المرجوة، بل على العكس، أفرز نسخة مكررة شاهدناها في الإخبارية السورية و»الدنيا» و»سما» عن أصل مشوّه هو «الفضائية السورية» التي استخفت لسنوات بعقل المواطن السوري ومشاعره، واستسهلت مشاكله وهمومه.
مشاركة :