لم تتمكن ناقلة النفط الإيرانية "غريس 1" من الوصول إلى وجهتها الأخيرة وهي سواحل سورية المتعطشة للوقود والموارد التي تفتقرها بسبب ظروف الحرب والعقوبات على الشريك الإيراني، حيث احتجزت سلطات جبل طارق الأسبوع الماضي بمساعدة البحرية البريطانية الناقلة الإيرانية قبل إتمام رحلتها. وبينما كانت المدن الكبرى في سورية والخاضعة لسيطرة النظام مثل حلب ودمشق تشكل المراكز الاقتصادية الحيوية للبلاد، باتت هذه المدن تواجه أقسى موجات الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار وقلة المناطق الصالحة للسكن، الأزمات التي تزداد حدة مع عزم أميركي على إبقاء نظام الأسد معزولاً، حيث أعلن المبعوث الأميركي إلى سورية جيمس جيفري، في مؤتمر هرتسليا في إسرائيل الأسبوع الماضي أن الولايات المتحدة أطلقت مؤخراً حملات ضغوطات "قصوى" على نظام الأسد لحجب أموال إعادة الإعمار عن النظام، وإطلاق عملية تحول سياسي "بعيداً عن الأسد". وقال جيفري "الأسد ليس منتصراً، ويخطئ كثيرون بهذا الاعتقاد حيث أنه يسيطر على 60 ٪ فقط من البلاد، في حين أن 50 ٪ من السكان قد فروا - إما خارج البلاد أو إلى المناطق السورية التي لا تخضع لسيطرة النظام". وتحرص الولايات المتحدة على تنفيذ هدفين أساسيين من البقاء في سورية حيث أكد جيفري في المؤتمر أن الولايات المتحدة أبقت بعض قواتها لضمان عدم عودة تنظيم "داعش المتطرف" إلى المنطقة، وعدم السماح لمليشيات إيران بالاستفادة من اقتصاد المناطق الشمالية والشرقية الغنية بالموارد، والتي حررها التحالف الدولي بالشراكة مع "قوات سورية الديموقراطية" من التنظيم المتطرف. شرق سورية ينهض تركز الولايات المتحدة على توجيه أموال إعادة التأهيل وإنشاء مراكز سكنية حيوية في شرق سورية، وتحديداً المناطق التي اتخذ منها تنظيم "داعش" مقرات له، حيث تسببت الحرب على التنظيم بنزوح الآلاف من بيوتهم. وتنهض مدينة الرقة "عاصمة داعش سابقاً" بنشاطات لإعمار مؤسساتها من حدائق وساحات عامة ومدارس دمرتها "داعش"، حيث افتتحت في الرقة الأسبوع الماضي حديقة "جواد أنزور" التي بنيت بطراز حديث ميزه تنوع الألوان والتوجه الجديد الذي تبنى وفقاً له مدينة الرقة بعد أن تم تحريرها من "داعش". ويقول خالد العبو، المهندس المشرف على الحديقة التي أهّلتها المؤسسة السورية للتنمية المستدامة لـ"الرياض": إن التركيز يتم بشكل خاص على تغيير وجه المدينة بعد سنوات الرعب تحت حكم داعش، ويتم على أساس بناء طابع مختلف للمدينة يتمتع بالتنوع والألوان وتحويل مدينة "الخلافة" إلى مدينة مشرقة وملونة. مضيفاً "عملية إعادة تأهيل المدينة جارية على قدم وساق، حيث لا يكاد يمر يوم دون أن يرتفع حجر في الرقة سواء في بناء المدارس أو الحدائق أو محطات المياه أو تأهيل الشوارع، وهذا كله مترافق مع أعداد كبيرة من النازحين الذين يعودون بشكل كبير". ويقول العبو "افتتاح حديقة جواد أنزور رسم السعادة في قلوب العشرات من أطفال الرقة، وهو أحد أهداف اعادة الإعمار من نشر ثقافة الترفيه وإشغال الأطفال بنشاطات تمت بصلة لطفولتهم، وهي أحد أهم الأدوات لتحقيق هدف التحالف بمنع عودة التنظيم المتطرف سواء فكرياً أو على الأرض".
مشاركة :