قال لـ "الاقتصادية"، مختصون نفطيون "إن دول "أوبك" قادرة على استيعاب زيادة صادرات النفط الإيراني في الوقت الذي تتأرجح فيه أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية بين الاستقرار والارتفاع النسبي بسبب تداخل مجموعة من العوامل دفعت الخام الأمريكي وخام برنت إلى تراجعات حادة نتيجة ارتفاع المخزونات وعودة تنامي الدولار الأمريكي وزيادة المعروض العالمي". وتوقع محللون استمرار التحسن النسبي لسوق النفط الخام في الشهور المقبلة بدعم من تقلص الإنتاج الأمريكي والكندي والأوروبي في مقابل زيادة الاعتماد على النفط التقليدي في الشرق الأوسط وذلك على الرغم مما تشهده المنطقة من توترات. ويقول لـ "الاقتصادية"، رالف فالتمان المحلل النفطي، "إن الاجتماع المقبل لوزراء النفط في دول أوبك في حزيران (يونيو) المقبل سيكون من الاجتماعات المهمة والمؤثرة في مسار الأسعار في سوق النفط العالمية نتيجة استمرار حالة وفرة المعروض مع تعافي الأسعار جزئيا وببطء نتيجة عوامل عديدة منها ارتفاع الإنتاج ووصول المخزونات إلى مستويات قياسية واستمرار ارتفاع الدولار الأمريكي أمام بقية العملات". ولفت فالتمان إلى إشارات إيجابية صدرت عن وزراء النفط في "أوبك" تؤكد وحدة الموقف ودعم استقرار السوق رغم أن هذا الاجتماع يجيء وقد حدث متغير مهم ومؤثر وهو العودة المرتقبة للصادرات النفطية الإيرانية بشكل موسع، إلا أن بيجن زنغنه وزير النفط الإيراني قال خلال زيارة حالية إلى بكين "إن منظمة أوبك ستنسق فيما بينها لاستيعاب عودة طهران إلى أسواق النفط دون أن يتسبب ذلك في انهيار السعر". واعتبر فالتمان هذه التصريحات إيجابية وتصب في اتجاه استيعاب أي خلاف في الآراء داخل "أوبك" واتفاق الجميع على دعم الاستقرار والنمو في السوق دون أن تنظر أي دولة إلى مصلحتها بشكل منفصل عن الآخرين، مشيرا إلى أنه من الصعب أن تفكر "أوبك" في العدول عن مستويات الإنتاج المستقرة منذ أكثر من تسع سنوات حول 30 مليون برميل يوميا. فيما أوضح لـ "الاقتصادية"، بيوتر فدفنسكي المحلل النفطي، أن الزيادة المستمرة في مستوى المخزونات النفطية الأمريكية تبطئ مسار الأسعار نحو التعافي وتعويض الخسائر السابقة، مشيرا إلى التقرير الأخير لوكالة الطاقة الأمريكية الذي أكد أن مخزونات النفط في الولايات المتحدة زادت 10.9 مليون برميل للأسبوع المنتهي 3 نيسان (أبريل)، لتتجاوز توقعات المختصين بزيادة قدرها 3.3 مليون برميل ليصل إجمالي المخزونات 482.4 مليون برميل وهو الأعلى تاريخيا. وقال فدفنسكى "إن تأثير الارتفاع المتواصل للدولار الأمريكي ما زال يلقي بظلاله بقوة على أضعاف أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية، لأنه من المعروف أن صعود الدولار يؤثر سلبا في أسعار السلع والمعادن بشكل كبير"، لافتاً إلى أن الإحصائيات والتقارير الاقتصادية تؤكد صعود العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات الرئيسية بنسبة 0.4 في المائة لليوم الرابع على التوالي بسبب تسارع عمليات شراء الدولار بدعم توقعات بقرب رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة. وأشار فدفنسكي إلى أن استيعاب "أوبك" للصادرات الإيرانية المتوقعة سيسهم إلى حد كبير في ضبط المعروض في السوق وعدم إضافة تخمة جديدة تقود إلى انهيارات سعرية، موضحا أن ما يدعم تقلص المعروض النفطي هو استمرار توقف منصات التنقيب عن النفط والغاز الأمريكي التي بلغت 238 منصة خلال شهر آذار (مارس) فقط وهو معدل جيد ومتنام ويبشر بتقلص مقبل في المعروض وتحسن في الأسعار خلال النصف الثاني من العام الجاري. من جانبها، تقول لـ "الاقتصادية"، بيتيا ايشيفا المحللة الاقتصادية البلغارية، "إن مراكز الثقل في إنتاج النفط العالمي تتجه شرقا بعد تراجع الإنتاج في الولايات المتحدة وكندا وفي الأساس النفط الضيق سواء الصخري أو الرملي كما يواجه الإنتاج في بحر الشمال صعوبات كبيرة بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج بشكل يفوق أسعار البيع، ما يجعل الإنتاج عملية خاسرة". وأشارت ايشيفا إلى أن الشرق الأوسط يستعيد حاليا حصته الكبرى من حجم الإنتاج العالمي بعد وصول الإنتاج السعودي إلى مستويات مرتفعة والعودة المرتقبة لإنتاج وصادرات إيران النفطية مع محاولات جادة لتعافي الإنتاج في ليبيا والعراق لاستعادة المستويات السابقة قبل اندلاع الاحتجاجات الشعبية في عام 2011. وذكرت ايشيفا أنه من المفترض أن المعروض لا ينمو بشكل كبير لأن هناك تناقصا كبيرا في الإنتاج الغربي مع نمو في الإنتاج في الشرق الأوسط ما يعني زيادة الاعتماد من جديد على النفط التقليدي وإذا واكب ذلك نمو حقيقي وملموس في الطلب العالمي وهو أمر متوقع فسيؤدي ذلك إلى تحسن كبير في مستوى الأسعار في الفترة المقبلة وتعويض كثير من الخسائر السابقة. وأكدت ايشيفا أن التوترات السياسية في المنطقة والضربات العسكرية تعرقل بعض الشيء النمو الاقتصادي في المنطقة، ولكن هناك جهودا واسعة من دول المنطقة لاحتواء تأثير المشكلات السياسية على النمو الاقتصادي وتأمين توفير إمدادات الطاقة بشكل أساسي. على صعيد الأسعار، ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 2 في المائة أمس لتعوض بعض خسائرها التي بلغت 6 في المائة في الجلسة السابقة التي نتجت عن قفزة مفاجئة في مخزونات النفط الأمريكية وبلوغ الإنتاج السعودي مستويات قياسية، لكن محللين قالوا "إن معنويات السوق لا تزال ضعيفة". ووفقاً لـ "رويترز"، فقد تضررت العقود الآجلة للنفط أمس الأول بقفزة 10.95 مليون برميل في المخزونات الأمريكية لتصل إلى 482.4 مليون الأسبوع الماضي في أكبر زيادة منذ 14 عاما فضلا عن ارتفاع الإنتاج السعودي إلى 10.3 مليون برميل يوميا في آذار (مارس). لكن متعاملين ذكروا أن موجة البيع كان مبالغا فيها ومن الطبيعي حدوث بعض التعافي وإعادة التوازن في المراكز بعد مثل هذا الهبوط الحاد. وارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت 1.37 دولار إلى 56.92 دولار للبرميل بينما زاد الخام الأمريكي 1.03 دولار إلى 51.45 دولار، وانخفض كلا الخامين القياسيين نحو 3.50 دولار أمس الأول. وقال بنك سوسيتيه جنرال في مذكرة للعملاء "إن مخزونات الخام الأمريكية تواصل التحليق فوق أعلى مستوياتها في خمس سنوات لتسجل ارتفاعات قياسية جديدة كل أسبوع". وأظهرت بيانات في صناعة النفط أن المنتجين الرئيسيين في منظمة أوبك يضخون أكثر من احتياجات السوق وربما تزيد إيران إنتاجها بشكل كبير إذا تمكنت من إبرام اتفاق نهائي لرفع العقوبات.
مشاركة :