توقع مختصون نفطيون أن تسيطر التقلبات السعرية على الأسواق خلال تعاملات الأسبوع الجاري بعد أن سجل الخام خلال الأسبوع الماضي أعلى مستويات سعرية في سبعة أشهر ونجح في كسر حاجز الـ 50 دولارا للبرميل إلا أن صعود الدولار والمخاوف من استمرار وفرة الإمدادات ضغطت على الأسعار مرة أخرى وعرقلت مزيدا من المكاسب السعرية. وتترقب السوق بصفة خاصة هذا الأسبوع نتائج الاجتماع الوزاري لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" في فيينا الخميس المقبل في دورته 169 الذى يشارك فيه المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية لأول مرة رئيسا للوفد السعودي. ويجيء هذا الاجتماع في ظل ظروف مواتية نسبيا، وفي إطار ضغوط أقل على الدول الأعضاء نتيجة تحسن الأسعار تدريجيا بفعل انهيار المعروض من النفطين الأمريكي والكندي وصعوبات الإنتاج في نيجيريا وليبيا. وجاءت التصريحات الروسية لتسهل نسبيا مهمة المفاوضات في اجتماع وزراء "أوبك" حيث تحدث وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك عن تراجع الاهتمام تدريجيا بفكرة تثبيت الإنتاج في ضوء ارتفاع الأسعار وهو ما يقلص الضغوط على إيران على الرغم من سياساتها القائمة على التوسع الشديد في زيادة الصادرات النفطية لتعويض فترة العقوبات الاقتصادية السابقة. واعتبر مراقبون في السوق أن استمرار تناقص عدد الحفارات النفطية الأمريكية على الرغم من تحسن مستوى الأسعار يعكس رغبة المنتجين الأمريكيين في الحصول على مستويات أعلى للأسعار قبل البدء في استئناف عملية إنتاج النفط الصخري على نطاق واسع من جديد. ويقول لـ "الاقتصادية"، لاديسلاف جانييك مدير شركة سلوفاكيا للنفط "سلفونفط"، "إن تحسن مستوى الأسعار يؤكد صدق رؤية منظمة "أوبك" للسوق حيث راهنت منذ البداية على أن السوق ستتوازن تلقائيا دون تدخل للتأثير في مستوى الأسعار وهو ما يؤكد أن المنظمة ما زالت تتمتع بفاعلية وقدرة على رؤية تطورات السوق وأن محاولات التقليل من دورها باءت بالفشل". وتوقع جانييك ألا يطرح ملف تجميد الإنتاج خلال الاجتماع الوزاري المقبل خاصة أن التوافق عليه لم يتحقق عندما كانت الأسعار قرب 28 دولارا للبرميل وبالتالي فإنه من المنطقي ألا يتحقق التوافق عليه الآن حيث إن الأسعار تدور حول 50 دولارا للبرميل، منوها بأن التباين في مواقف السعودية وإيران يجعل من الصعب تحقيق تقدم في هذا الملف. وأشار جانييك إلى أنه من الواضح أن الإنتاج الأمريكي استفاد من الدروس السابقة في السوق فهو لا يتعجل استئناف الإنتاج على مستوى واسع إلا بعد وصول الأسعار إلى مستويات مرتفعة وبعد التيقن التام من تحسن واسع في مستوى الطلب حتى لا تنهار الأسعار مرة أخرى وهو ما يفسر استمرار تناقص الحفارات الأمريكية على الرغم من تعافي الأسعار ووصولها إلى مستوى قد يكون مناسبا لعدد محدود من الشركات الأمريكية. من جهته، أكد لـ "الاقتصادية"، ماركوس كروج كبير محللي شركة "إيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، أن اجتماع وزراء "أوبك" هذا الأسبوع سيكون أقل توترا وصعوبة وربما لا تكون المفاوضات مطولة ومعقدة مثل الاجتماع السابق مع ترجيح بقاء سقف إنتاج المنظمة عندى المستوى الحالي الذي يصل إلى 32 مليون برميل يوميا. وأعرب كروج عن اعتقاده بأن من أهم الملفات التي يجب أن تطرح على مائدة "أوبك" كيفية تأمين المنشآت النفطية في العراق وليبيا ونيجيريا ومساعدة الحكومات على تحقيق الاستقرار وتأمين الإمدادات، كما أنه من المهم التركيز على دعم الاستثمارات النفطية حتى تتجاوز تداعيات التراجعات الحادة السابقة التي يمكن أن تقود إلى انهيار المعروض ومن ثم حدوث تقلبات حادة في السوق تتنافى مع أهداف "أوبك" في حماية الصناعة ودعم استقرار الأسواق. إلى ذلك، قال لـ "الاقتصادية"، ريتشارد موريسون المدير الإقليمي لشركة بريتيش بتروليوم "بي بي" في خليج المكسيك، "إن التعافي النسبي للأسعار سيكون له مردود إيجابي واسع على الاستثمارات خاصة التي تم تأجيلها بسبب التكلفة العالمية وذلك خلال فترة ضعف الأسعار السابقة". وأضاف موريسون أن "بي بي" تقوم حاليا بمشاريع لإنتاج الطاقة التقليدية من المياه العميقة في خليج المكسيك وهو من المتوقع أن يسفر عن إنتاج 65 مليون برميل نفط مكافئ إضافيا، مشيرا إلى أن تطوير الحقول القائمة من الأولويات المهمة على أجندة استثمارات "بي بي" وهو ما يحدث بالفعل من خطة لتطوير أكبر الحقول في المياه العميقة في خليج المكسيك الأمريكي. ونوه موريسون بأن المشروع يعكس استراتيجية شركة بريتيش بتروليوم التي تقوم على دعم الاستثمار في خليج المكسيك وتطوير مراكز الإنتاج في المياه العميقة القائمة وتعزيز استخراج النفط والغاز الطبيعي، مضيفا أن "المشروع يجيء ضمن خمسة مشاريع منبع كبرى تقوم "بي بي" على تنفيذها خلال العام الجاري في إطار سعيها إلى إضافة 800 ألف برميل من النفط المكافئ يوميا من مشاريعها العالمية وفقا لخطة استثمارية للفترة بين عامي 2015 و2020". وشدد موريسون على أن الاستثمارات النفطية مطالبة في المرحلة الحالية بالتركيز على تنويع محفظتها الاستثمارية والتوجه نحو المشاريع الأقل تكلفة والأعلى ربحية، مشيرا إلى أن نشاط "بي بي" الاستثماري في خليج المكسيك سيضمن مستوى عاليا لإنتاج الشركة لعدة سنوات مقبلة مهما حدث من تعثر للسوق أو متغيرات أثرت في الاستثمار سلبا.
مشاركة :