يتعمد بعض الأزواج أن يفارقوا الحياة سويا. حدثت هذه أكثر من مرة في عدد من الدول الغربية، ومع التأكيد على أنه أمر محرم شرعا، فإن الفكرة نفسها غريبة لأسباب كثيرة. يبدو أن أهم الأسباب هو الخوف من الوحدة بعد وفاة شريك العمر، هذه التوقعات يسببها أسلوب الحياة الغربية، حيث تفقد الأسرة تماسكها بسهولة وتصبح العلاقة بين الآباء والأبناء مجرد لقاءات في أوقات الأعياد في أحسن الأحوال. هل يمكن أن يطول مثل هذا التغيير مجتمعاتنا الشرقية؟ سؤال مهم يجب أن نبحث عن إجابته ضمن عملية التربية المجتمعية والسلوك الديني الذي يتبناه المجتمع. رغم أن إهمال الآباء والأمهات، هو من كبائر الذنوب، تواجه كثير من الأسر هذا الخطر بسبب التربية البعيدة عن القيم الأصيلة في المجتمع. تحجيم دور ومسؤولية الأبناء تجاه والديهم، واحد من أهم عناصر التغير الذي طال المجتمعات العربية. كانت المسؤولية في المجتمع محددة ومفصلة دون أي اجتهادات، فالأبناء مسؤولون عن والديهم حال وصولهم سن البلوغ. يشمل هذا الاهتمام المساعدة في إيرادات الأسرة، والأعباء التي تتحملها. الواقع أن البيت الكبير الذي يعيش فيه الأبناء والآباء والأجداد، كان رمزا لوحدة الأسرة وتحمل كل فرد مسؤوليته المجتمعية والدينية. هذا البيت الكبير بدأ يفقد جاذبيته مع الدخول في الحضارة الأسمنتية، وفقد المزيد عندما تحولت الثقافة المجتمعية والوظيفية إلى تحصيل مستويات علمية أعلى تغير مسار حياة الأبناء، بل قد تنقلهم عن المنطقة التي تعيش فيها أسرهم بالكلية. عندما تزور كبار السن هذه الأيام، تكتشف هذه الحقيقة المؤسفة. ذلك أنه حتى الأبناء الذين يعيشون في المدينة نفسها، يتوجهون نحو السكن بعيدا عن بيت الأسرة الكبير الذي يحاول أن يستقطبهم بكل وسائل الراحة لكنهم لا يستجيبون. تذكرت هذه المفارقات الخطيرة وأنا أقرأ خبرا يجاور مقالي في هذه الصفحة عن قتل رجل تجاوز عمره 100 عام زوجته التي تصغره بأكثر من عشر سنوات. حارت الشرطة في تحديد السبب لأن الرجل قتل نفسه بعد أن فعل فعلته. قيل إنه "خرف" وقيل إنه كان في خلاف مستمر مع زوجته. الأكيد هو أن هذه الحادثة تحكي نهاية مؤلمة لا يريدها أحد لأي من والديه.. فانتبهوا يا رعاكم الله.
مشاركة :