في وقت لم تحرز فيه القوات العراقية بمساعدة العشائر تقدما واسعا في أنحاء محافظة الأنبار ومركزها مدينة الرمادي، على الرغم من بدئها عمليا قبل نحو ثلاثة أيام، فإنه واستنادا لما أكده شيوخ عشائر بارزون في المحافظة فقد تلقى شيوخ العشائر وعودا من العبادي بدعمهم، فيما تعهدوا هم من جانبهم بدعم عملية تحرير المحافظة من سيطرة تنظيم داعش. وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي بوصفه القائد العام للقوات المسلحة قد زار أول من أمس الأربعاء قاعدة الحبانية العسكرية شرق الرمادي، والتقى قيادات عسكرية وعشائرية، بالإضافة إلى الحكومة المحلية فيها، معلنا من هناك بدء عمليات تحرير الأنبار. وبشأن ما دار في الاجتماع، أكد عضو مجلس محافظة الأنبار عذال عبيد الفهداوي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «العبادي كان حريصا على معرفة التجهيزات والاستعدادات سواء من قبل القيادات الأمنية هناك أو العشائر أو الحكومة المحلية من أجل أن يتخذ قراره ببدء العمليات أو استمرار عمليات نوعية من دون الإعلان الرسمي»، مبينا أن «العبادي وبعد اطلاعه على مجريات الأمور وتعيينه قادة عسكريين كبارا بمستوى قادة فرق من أهالي المحافظة، فقد عزز مبدأ الثقة الذي كان مفقودا فقرر إعلان العملية رسميا». وأوضح الفهداوي أن «التطور المهم الذي حصل خلال الاجتماع هو أن العبادي قرر البدء فورا في تسليح العشائر، بعد أن كان هناك عدم ثقة بسبب ما قيل عن تسرب أسلحة لتنظيم داعش على عهد الحكومة السابقة». من جهته، أكد شيخ عشائر الدليم ماجد العلي السليمان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «على الرغم من أن الأنظار كانت تتجه نحو الموصل من قبل أطراف كثيرة، فإن العبادي وخلال لقائنا به قبل نحو أسبوعين في بغداد كان وفي ذروة عمليات صلاح الدين يريد أن تكون المحطة التالية هي الأنبار وليس نينوى»، مشيرا إلى «أننا شجعناه على ذلك، وأكدنا استعداد عشائر المحافظة للوقوف إلى جانب الحكومة بكل ما نملك من إمكانيات، ولكن شرطنا الوحيد وهو من فقرتين: الإسراع بتجهيزنا على غرار السرعة التي جرى بها تسليح الحشد الشعبي.. وعدم زج الحشد الشعبي في معارك الأنبار لأن عشائر المحافظة تكفي وتزيد ولأننا لا نريد مشاكل نحن وإخوتنا في الحشد الشعبي وقياداته في غنى عنها». وأشار الشيخ السليمان إلى أن «الأنبار جاهزة حاليا لطرد تنظيم داعش مثلما طردت تنظيم القاعدة في الماضي، لكن الأمر يحتاج إلى إجراءات ثقة مع الحكومة من أجل البدء بعملية التحرير، لا سيما أن أهالي المحافظة يملكون الخبرة الكافية في التعامل مع هذا التنظيم. يضاف إلى ذلك، وهو ما أبلغناه للعبادي، أن تحرير الأنبار واستقرارها أمنيا سوف ينعكس على كل العراق». إلى ذلك، أبلغ مسؤول أمني عراقي «الشرق الأوسط» شريطة عدم الإشارة إلى اسمه أو موقعه بأن «قرار العبادي بإطلاق عمليات تحرير الأنبار جرى اتخاذه بعد زيارته إلى إقليم كردستان ولقائه القيادات الكردية هناك وإطلاعه على مدى استعداد إقليم كردستان لعملية تحرير نينوى، وما إذا كانت هناك شروط أو اشتراطات من قبل مسعود بارزاني، خصوصا أن هناك مناطق متنازع عليها حتى خارج المادة 140 من الدستور». وأضاف المصدر أن «القضية المهمة الأخرى أن العبادي تجنب أي لقاء مع آل النجيفي الذين يقيمون معسكرات في الموصل بمشاركة مستشارين أتراك لغرض تحرير الموصل، وهو ما يعني وجود أزمة صامتة على هذا الصعيد حتى إن النجيفي كان قد طلب من رئيس الجمهورية فؤاد معصوم تخويله عملية الإشراف على تحرير نينوى، بينما هذا الأمر يدخل في نطاق صلاحيات العبادي بوصفه قائدا عاما للقوات المسلحة»، موضحا أن «العبادي اتخذ قرار إطلاق عملية تحرير الأنبار بعد أن أدرك أن الاستعدادات في الموصل لم تكتمل بعد، بالإضافة إلى ما فيها من محاذير سياسية». إلى ذلك، كشفت وزارة الدفاع عن توجهها لتسليح أكثر من 10 آلاف مقاتل في الأنبار للمشاركة في العملية العسكرية لتحرير المحافظة. وقال المتحدث باسم الوزارة العميد تحسين إبراهيم، في تصريح صحافي أمس الخميس، إن «وزير الدفاع خالد العبيدي وحكومة الأنبار المحلية سبق أن اتفقا على تسليح مقاتلي العشائر والحشد الشعبي في الأنبار». وأضاف إبراهيم أن «عملية التسليح لا يمكن أن تجري بسهولة كما يتصور البعض، لأن هناك ضوابط أعدتها وزارة الدفاع بالتنسيق مع وزارة الداخلية ووفق الأسس التي حددها القائد العام للقوات المسلحة»، متابعا «وفق هذه الضوابط سيتم احتواء أبناء العشائر وتسليحهم وفق سندات خاصة أعدت مسبقا، وإدخال أسمائهم في البيانات ووفق آلية انضباط معينة». وأشار المتحدث باسم وزارة الدفاع إلى أن «عملية تسليح أبناء العشائر في الأنبار قد تشمل أكثر من عشرة آلاف مقاتل في المدة القريبة»، موضحا أن «هدف وزارة الدفاع هو جعل مسك الأرض بيد أهل المناطق المحررة وبإشراف الحكومات المحلية». من جهة أخرى، وفي السياق ذاته، اجتمع رئيس أركان الجيش العراقي الفريق الأول بابكر زيباري في مقر وزارة الدفاع أمس مع وكيل وزير الدفاع الألماني ماركوس كروبل والوفد المرافق له الذي يزور العراق حاليا. وذكر بيان لوزارة الدفاع أن الجانبين عقدا «اجتماعا ثنائيا للتباحث في العلاقات بين البلدين لا سيما الأمنية منها وسبل زيادة الدعم الدولي المساند للعراق، وكيفية إيقاف تدفق الإرهابيين الأجانب إلى العراق ومشاركة ألمانيا في عملية إعادة أعمار المناطق المتضررة من الإرهاب».
مشاركة :