كتب - إبراهيم بدوي: حققت الزيارة الرسميّة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، العديد من النتائج المهمّة والاستثنائيّة في تاريخ الشراكة الاستراتيجية الراسخة بين البلدين الصديقين. ويبرز بين هذه النتائج دلالات ضمنيّة غير مباشرة عن قوة ومتانة العلاقات القطرية الأمريكية وتجاوزها الأزمة الخليجية وتداعيات الحصار وهزيمتها للمخططات الفاشلة لعزل قطر عن حلفائها الاستراتيجيين، وغيرها من الدلالات التي لا تقل أهمية عن الاتفاقيات النوعيّة التي أثمرت عنها الزيارة لتعزيز التعاون في قطاعات حيوية مثل الدفاع والطاقة والاستثمار والنقل الجوي. ويتصدر نتائج الزيارة السامية، التأكيد على الدور والمكانة التي تحظى بها قطر وقيادتها الرشيدة، رسمياً وشعبياً، لدى كافة الأطياف والمؤسسات السياسية الأمريكية، بداية من البيت الأبيض، والرئيس دونالد ترامب، مروراً بمؤسسات الإدارة الأمريكية بلقاءات مكثفة مع وزراء الدفاع والخارجية والخزانة والتجارة وصولاً إلى رؤساء وكالات الأمن القومي والاستخبارات المركزية ورؤساء ونواب وممثلي الشعب الأمريكي في مجلسي الشيوخ والنواب، والذين أشادوا بجهود قطر في مكافحة الإرهاب ومنع تمويله فضلاً عن الإشادة بدور قطر في تنظيم ونجاح الحوار الأفغاني - الأفغاني للسلام والذي استضافته الدوحة وأثمر عن نتائج هامة لترسيخ السلام والاستقرار في أفغانستان. وأكدت لقاءات صاحب السمو مع الرئيس دونالد ترامب وكبار المسؤولين بالإدارة الأمريكية وأعضاء الكونجرس، أن العلاقات القطرية الأمريكية علاقات مؤسساتية راسخة قائمة على المؤسسات والتشاور الدائم والاحترام المتبادل وخدمة المصالح المشتركة لشعبي البلدين. كما أثبتت هذه الزيارة وهي الثانية لأول زعيم خليجي يزور واشنطن لعامين متتاليين، فشل حملات التحريض العبثيّة ضد قطر والتي استهدفت في أحد مخططاتها توتير العلاقات بين الدوحة وواشنطن باتهامات زائفة عن دعم الإرهاب لتخرج الولايات المتحدة رئيساً وإدارة ونواباً، ليثمنوا دور قطر كشريك وحليف استراتيجي في مكافحة هذه الآفة العالميّة. اقتصادنا القوي يضخ استثمارات جديدة بعثت نتائج الزيارة برسائل مهمّة حول قوة الاقتصاد القطري وقدرته على الانطلاق إلى آفاق أرحب للتجارة والاستثمار خارج البلاد رغم دخول الحصار عامه الثالث. ويتجسّد ذلك في إبرام مشاريع استثمارية للبلدين بمليارات الدولارات تعود بالنفع على شعبيهما في قطاعات حيوية مثل الطاقة والاستثمار والنقل الجوي. ويبرز بين هذه الاتفاقيات شراء الخطوط الجوية القطرية عدد ٥ طائرات للشحن الجوي من طراز بوينج ٧٧٧، وأيضاً اتفاقية بين شركة قطر للبترول وشيفرون فيليبس لتطوير مجمع بتروكيماويات على الساحل الأمريكي. وبلغ حجم الشراكة الاقتصادية بين قطر والولايات المتحدة ١٨٥ مليار دولار مع وجود فرص واعدة لمضاعفتها في السنوات المُقبلة. وهناك عدد ٦٥٨ شركة أمريكية في السوق القطري واستثمارات أمريكية تتجاوز 26 مليار دولار في قطر. وتوجد ٥٥ شركة أمريكية تحت مظلة مركز قطر للمال. وأكد مسؤولون أمريكيون خلال الحوار الاستراتيجي الأول في واشنطن ما أظهره الاقتصاد القطري من ثبات وصمود في وجه الحصار بل وتجاوزه إلى بدائل وخطوط تجارة وطيران جديدة تزيد من ثقة المستثمرين في ثباته وقدرته على مواجهة تقلبات السوق مهما بلغت التحديّات. تعزيز مكانة قطر كحليف موثوق عززت اللقاءات المكثفة التي عقدها حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى من مكانة قطر في دوائر النخبة الأمريكية عبر أحاديث مباشرة مع كبار مسؤولي الإدارة الأمريكية في وزارات الخارجية والدفاع والخزانة والتجارة ووكالات الأمن القومي والاستخبارات المركزية، ومؤسسات مهمة مثل مجلس الشيوخ والنواب الأمريكي. واكتسبت هذه اللقاءات أهميتها في طرح كافة القضايا والتساؤلات في حوار مفتوح ومباشر مع القيادة القطرية والاطلاع على رؤيتها لحاضر ومستقبل المنطقة وتبادل الآراء ووجهات النظر حول مختلف التطوّرات الإقليمية والدوليّة. دلائل تطوير قاعدة العديد الجوية يبرز خلال الزيارة تقدير كبير من الجانب الأمريكي لاستضافة قطر لقاعدة العديد الجوية لما تمثله من منصة أساسية لمكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن والسلم الدوليين. كما لعبت دوراً محورياً فى دعم جهود التحالف الدولي للقضاء على تنظيم داعش، حيث تتميّز بموقع جيوسياسي فريد لمسرح العمليات لا يتوفر بدول أخرى في المنطقة. ولا تنسى الذاكرة القطريّة كيف استهدف الحصار نقل هذه القاعدة الحيوية لأمن المنطقة والعالم من قطر إلى إحدى دول الحصار لتؤكد الدوحة وواشنطن أنه لا مساس بالشراكة الاستراتيجية بينهما في هذا الجانب، بالعمل على توسعتها واستدامتها، في ظل إشادة دولية وأممية بدور قطر في مكافحة الإرهاب، وأيضاً في ظل خبرات أمريكية واسعة يمكن معها تطوير وتعزيز القدرات القطرية في مواجهة أي تهديد خارجي. تحالف استراتيجي لمكافحة الإرهاب ساهمت الزيارة في تعزيز الشراكة الاستراتيجيّة القائمة بين قطر وأمريكا كتحالف لا غنى عنه في مكافحة الإرهاب، وهو ما أشار إليه صاحب السمو بأن قطر والولايات المتحدة تعملان معاً لاجتثاث الإرهاب. كما ثمن كبار المسؤولين الأمريكيين جهود دولة قطر في مكافحة هذا الخطر ودعم التعاون مع الولايات المتحدة لتحقيق الأهداف المشتركة في هذا الصدد. وتضع الدوحة وواشنطن هذا الملف على سلم الأولويات إضافة إلى تبادل المعلومات والاستخبارات المتعلقة بمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف والاتجار بالبشر بالمنطقة والعالم. وقد أثمر الحوار الاستراتيجي عن توقيع البلدين على إطار عمل لمكافحة الاتجار بالبشر وأصدرا بياناً يحدّد التعاون في المصالح الإقليمية والأمنية المُشتركة.
مشاركة :