أرجو أن تشعل كلمتي شمعة أو تطفئ فتنة

  • 7/12/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

r نرحب بك في مجلة «اليمامة» التي نشرت ذات يوم مقالاتك الأولى، ولنذهب إلى أول كتاب من كتبك الذي كان عبارة عن مقالات بعنوان بتونس بيك .. حوى ما يقارب 212 مقالاً في 511 صفحة حدثينا عن قصة هذا الكتاب؟ - استغرق إعداد كتاب «بتونّس بيك» أكثر من عامين ومسيرة وعُمراً، تشعر الكاتبة أحياناً أن الحس المقالي يخبو وكأن حكماً بالعدم يصدر في كلمات ضد كلمات، آثرت التوقف عن الكتابة الأسبوعية، وتوثيق ما تناثر في الصحف والمجلات في إصدار يضاف للمكتبة العربية كشاهد إثبات وتسجيل حالة، وكعادة الكاتب الصحفي يعلق الجرس لقضايا منسية أو حقوق مسكوت عنها، وددت من خلال «بتونس بيك» أن أعزز قيمة الكتاب والكتابة المقالية على وجه الخصوص، لأنني أؤمن أن اقتناءه وقراءته ورقياً أسهل على كثيرين من البحث في أروقة جوجل عن مساهماتي، علاوة على أن عديداً من المقالات ليست متوافرة على النت لصدورها في التسعينيات ولم تحاول بعض الصحف جمع الأعداد القديمة وتوثيقها، ما اضطرني لإعادة طباعتها وفهرستها بالتاريخ التسلسلي وفقاً لنشرها. r مقالاتك المتنوعة كيف تحضرين لها، وكم من الكتب التي تقرئين لتخرجي بمقال جيد؟ - كتابة المقالات تحديداً فن تراكمي قابل للتطوير مع اكتساب الخبرات ومسؤوليتها عن التحولات الشخصية والفكرية، وتنوع الاهتمامات والقراءة في كل شيء، من جانب آخر اتخذت كتابة المقالات لديّ مراحل وأطواراً، جميع ما كتبت يمثلني في مرحلة ما، إجادة كتابة المقالات تأتى بشيئين: الأول: جودة ما تقرأ، وقدرتك على تمييز جودة ما تقرأ، والثاني: الحدس، وهنا لا أقصد التنبؤ فحسب وإنما القدرة على قراءة ما وراء الحدث. r أغلب مقالات الكتاب تتسم بالطول فهل ذلك متعمد في وقت أمة إقرأ لا تقرأ؟ - انقضى عشرون عاماً على مقالتي الأولى «الطريق إلى القمر» المنشورة في اليمامة، وعمودي «عناقيد العنب» في صحيفة البلاد، صدقاً لم أغير في محتوى الكتاب، وربما لاحظتِ أن المقالات ذات الطول الحر تكاد تتسم بها مرحلة البدايات، حيث تشعر الكاتبة أنها بحاجة إلى شرح أفكارها وتحليل رؤاها وتبسيطها كي تصل للناس، خاصة إذا كانت بعض الأفكار غير مطروقة، وفي مراحل لاحقة وبعد تكوّن علاقة من الثقة والاحترام بين الكاتبة وقرائها، تتخلى عن الإسهاب لأنها تدرك أن العوامل والظروف في حالة تغير مستمر، وأن القراء يتغيرون أيضاً وسيدركون المغزى من بضعة سطور. r قراءتك لواقع المقال اليوم الذي تكتبه المثقفة في الوطن العربي والسعودي، وهل أنت مع وجود تصنيف اسمه كتابة نسائية؟ - بالنسبة لي، كتبت في البدايات عن التربية والأسرة والعنف، كتبت عن الحقوق للطفل والمرأة والولاية وقيادة المرأة للسيارة وللشباب وذوي الاحتياجات الخاصة ومشكلات الخادمات اللانظاميات قبل وقوع عديد من الحوادث المؤلمة للخادمات المخالفات، لم أصنّف نفسي لا كحقوقية ولا كناشطة وأترك التاريخ يسجل، كتبت للجمال والثقافة والفنون وحرية الفكر والذوق العام ودور الإعلام والوطنية الحقة، ناديتُ على الموسيقى والأغنيات والشعر قبل أن تكون هناك حفلات ومسارح، لذلك لا تعنيني مطلقاً التصنيفات «كتابة نسائية»، التصنيفات تخنق. r لمن تقرأ رحاب اليوم خاصة من كتاب المقال، وكيف حال المقالة الصحفية بالذات؟ - المقالة الصحفية كالصاعقة تضرب الأرض والسماء لكنها لحظية، تموت بموت الحدث، الكتابة التحليلية التفكيكية سواء في الثقافة أو السياسة أو الاقتصاد أو الاجتماع كالبحيرات تعتمد على الأمطار لتجديد مياهها وتنتظر المعلومات ومصداقيتها وترابطها، الكتابة الإبداعية كمصابّ الأنهار تخلق الكهرباء وتترك الأرض خضراء، تعيش مدى الدهر. r الصحف الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي منحت كتاب (المعاريض) شرعية كاتب مقال فما رأيك في ذلك؟ - حسب نوع المقالة تحدد مدة دوام تأثيرها، الاكتفاء بالإنشاء للخروج بنص يشبه الكتابة سينتج مقالة مسطحة لا تصيب نقطة عمق، في حين أن هناك نصوصاً تأخذك في مجرّات وأفلاك، وتشكّل مقالة لولبية ومقالة بيضاوية وأخرى حلزونية، حسب الأسلوب في طرح الفكرة وليس الفكرة بحد ذاتها. r متابعو كتاب المقال في الصحف الإلكترونية يتخطى عدد سكان الكرة الأرضية في رأيك ذلك مقياس نجاح؟ - هناك أُناس لا يهمهم الأسلوب وقيمة المحتوى بقدر شهرة الكاتب والضجة الفضائحية التي سيُحدثها.. «لكل شرايٍ بضاعة وسوقِ». r أريد أن أصبح كاتب مقال فهل الدورات والورش تخلق مني مبدعاً في ذلك المجال وإن لم أكن أمتلك موهبة؟ - الإصرار يفعل المستحيل ويحقق المستحيل، فلو التحقت شابة بدورة «كيف تصبحين كاتبة مقالة» ولم تملك الإصرار فلن تكمل المشوار الطويل من التعلم، وإذا انطفأ الحماس فلقد وقفت أمام موهبتها وقفة جادة.. الإصرار يتولد من الموهبة وليس العكس، فسهولة صناعة الأسماء لا تتطلب جهداً وإنما صعوبة صناعة التأثير تفعل. r مقالة كتبتها وندمت على كتابتها وما أبرز المشكلات التي عولجت من خلال مقالات قمت بكتابتها؟ - أحاول بكل ما أملك من حدس استشعار اللغة والتوقيت المناسبين لتناول موضوع ما، أحياناً معالجة بعض القضايا في التوقيت الخطأ تربك الرأي العام الذي لا يحتمل شحناً عاطفياً بلا توجيه أو توعية، فإذا كنت ساخطة أو محتدة من موضوع يشغل الناس أحاول كبح جماح الرغبة العارمة في المشاركة حتى ينجلي الغموض ونمسك بمجموعة خيوط تدل على استنتاج معين، الكاتب الأسبوعي هو محقق تحريات وراصد فلكي وطباخ ومُخرج ومراقب جوي وطبيب ومزارع ومحصّل ديون! لم أندم على مقال كتبته، بل هناك مقالات عندي كان لها أصداء قوية أكثر من غيرها من بينها عنوان الكتاب (بتونس بيك، عبدالله فدعق كافر، وناسة وزارة الصحة، عاطلون بشهادات عليا، مطلوب معرف يا أولاد الحلال، الولاية ليست في الصوت العالي)، فالنقد والمعالجة والإلهام رايات حملناها جميعاً وغيري من الزملاء والزميلات لصناعة التغيير الذي نشهد ثماره اليوم. r كل جنس من الأجناس الأدبية لهُ مكانة فأين موقع المقالة من ذلك؟ - المقالة هي المدخل لقراءة مجتمع ووسيلة لكشف خباياه رأيك بحيادية فيما يكتبُ (فهد عامر الأحمدي ــ الدكتورة عزيزة المانع ــ حليمة مظفر ــ رحاب أبو زيد ــ خلف الحربي ــ الدكتورة زينب الخضيري ومن الراحلين توفيق الحكيم؟ فهد الأحمدي: خسر الكثير بمحاولته تغيير تخصصه في أدب الرحلات والسفر، يظن أن الهجوم على الأدباء انحياز للعلماء. د. عزيزة المانع: مثقفة حتى النخاع، سخّرت علمها لدعم توجهها في الكتابة. خلف الحربي: كتب المقالة الصحفية بتميز يفوق في الواقع كتابته السيناريو والشعر. حليمة مظفر: كاتبة شمولية استطاعت فرض اسم يُحترم بين الرجال. رحاب أبوزيد: ترجو أن تكون كلمتها سبباً في إشعال شمعة أو إطفاء فتنة. د. زينب الخضيري: تتخذ من المقالة بوابة للحلم. توفيق الحكيم: خرج بالمقالة الصحفية إلى آفاق الأدب، وطوّع الأدب ليصبح في متناول المقالة، كما أسس توفيق الحكيم للأدب المسرحي أسس للمقالة الأدبية منزلة تُخلّد. r باقة ورد من أسماء كتاب المقال تنصحيني بالقراءة لهم، ولماذا على خفيف؟ - للأمانة أقرأ لكثير من الأسماء، البعض يحتل بداخلي مكانة وثيقة فأبحث عما يكتب، والبعض أتخلى عن فكرة العودة للقراءة له، وقسم ثالث يروق لي أحياناً ولا يروق في أحيان أخرى، لذلك أعتقد أن التفضيلات وتحديد أسماء مجانب للصواب نوعاً ما.

مشاركة :