افتتاح متحف نجيب محفوظ في ثاني أهم مجموعة أثرية في القاهرة التاريخيةشهدت القاهرة حدثاً ثقافياً طالَ انتظاره، وهو افتتاح متحف نجيب محفوظ، الذي نشط العمل الرسمي لإنجازه عقب وفاة صاحب رواية "أولاد حارتنا" في 30 آب (أغسطس) 2006. وتعاون في إنشاء هذا المتحف في تكية أبو الدهب، وهي مبنى أثري ذو طراز مملوكي، وزارتا الثقافة والآثار. وحضرت ابنة نجيب محفوظ، أم كلثوم، مراسم الافتتاح، مع وزيرة الثقافة إيناس عبدالدايم ووزير الآثار خالد العناني وحشد من المثقفين.ومنذ أن رحل نجيب محفوظ عن عالمنا، لم يتوقف التصريح رسمياً بأن اسمه سيوضع "قريباً" على متحف يضم مقتنياته. مفردة "قريباً"، هذه مضى على تكرارها أكثر من عشر سنوات من دون أن تتحقق؛ على أرض الواقع. والغريب هو أنه لم يجد أي متابع لهذا الأمر مبرراً منطقياً للتلكؤ في إقامة المتحف، بعد مرور سنوات عدة على تحديد مكانه، كما لم يُعرف ما يفسر "تزييف" قلادة النيل التي حصل عليها محفوظ عقب فوزه بجائزة نوبل في الآداب عام 1988، علماً أنها تتصدر مقتنيات صاحب رواية "الحرافيش" التي يضمها المتحف الذي قيل إنه سيفتتح في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي في الذكرى الثلاثين لفوزه بأرفع جائزة عالمية أو في ذكرى ميلاده الـ106 في كانون الأول (ديسمبر) 2018. التصريح بذلك جاء على لسان وزير الثقافة في حينه حلمي النمنم، خلال تفقده العمل في تكية محمد بك أبو الدهب التي وافقت وزارة الآثار على مشروع تحويلها إلى "متحف نجيب محفوظ"، مع أن الموافقة على المشروع نفسه صدرت أصلاً قبل إنشاء تلك الوزارة، عندما كانت "الآثار" أحد قطاعات وزارة الثقافة.ورافقت ابنة نجيب محفوظ؛ أم كلثوم؛ الوزير حلمي النمنم ووزير الآثار خالد العناني، في الزيارة التفقدية، وبعدها بأيام قليلة تحدثت في برنامج تلفزيوني عن تزوير قلادة النيل التي منحها الرئيس السابق حسني مبارك لوالدها. ونسب إلى الوزير حلمي النمنم قوله إن تجهيز المتحف "بات ضرورة ثقافية"، ليتزامن افتتاحه مع حلول الذكرى الـ30 لحصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل. وقال النمنم، إن تأخر افتتاح المتحف يرجع إلى "مسائل تقنية"، منها رفض وزارة الآثار تركيب أحهزة تكييف مركزي في المبنى، وهو ما تم تجاوزه بالاتفاق على الاكتفاء بتركيب مراوح للتهوية. وعشية زيارة النمنم التفقدية؛ هدَّدت ابنة نجيب محفوظ بسحب مقتنيات والدها التي سلمتها قبل سنوات عدة إلى وزارة الثقافة، "لفقدها الأمل في افتتاح المتحف".وفي سياق متصل، أعلنت جامعة جوهانسبرج في جنوب إفريقيا، عن نيتها تأسيس مكتبة كبيرة باسم نجيب محفوظ، تقديراً لدوره في الأدب العربي والعالمي، فيما أبدى الوزير السابق حلمي النمنم الاستعداد لإمداد تلك المكتبة بكتب نجيب محفوظ. ويشار إلى أن السيدة أم كلثوم أو هدى، والتي تخطت الستين من عمرها تعد الوحيدة المتبقية مِن أسرة نجيب محفوظ بعد رحيل شقيقتها الصغرى فاتن قبل نحو عامين، ورحيل والدتهما السيدة عطية الله إبراهيم في العام 2016.أما تكية أبو الدهب، فتعد ثاني أهم مجموعة أثرية في القاهرة التاريخية، وتقع قرب الجامع الأزهر، في محيط شديد الازدحام بالمحال التجارية التي تشغل غالباً أبنية مسجلة باعتبارها آثاراً إسلامية. وفي هذا النطاق الجغرافي التابع لحي الجمالية، ولد نجيب محفوظ وقضى طفولته، قبل أن تنتقل أسرته إلى حي قاهري جديد في ذلك الوقت هو حي العباسية، ومِن هنا ارتبط إنتاجه الأدبي الرفيع بالحارة التي هي الحيز المكاني المميز للقاهرة الفاطمية، ومنها "زقاق المدق"، و"السكرية" و"قصر الشوق"، و"بين القصرين"، فضلاً عن "أولاد حارتنا" و"الحرافيش" و"قشتمر".
مشاركة :