«دَيلي تليجراف»: حان الوقت لطرد تركيا من «الناتو»

  • 7/18/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

طالبت صحيفة «دَيلي تليجراف» البريطانية بطرد تركيا من حلف شمال الأطلسي «الناتو» بشكلٍ فوري، رداً على إمعانها في تهديد أمن وسلامة دول الحلف، عبر شرائها منظومة الصواريخ الروسية المتطورة للدفاع الجوي «إس - 400»، رغم التحذيرات الأميركية التي تلقتها في هذا الشأن. وفي مقالٍ شديد اللهجة للكاتب المخضرم كون كوجلين، قالت الصحيفة، إن إصرار نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على شراء هذه المنظومة التي صُمِّمَت خصيصاً لإسقاط طائرات «الناتو» يثير «تساؤلاتٍ جديةً بشأن استمرار عضوية أنقرة في هذا الحلف». وتحت عنوان «أردوغان مضى إلى أبعد مما ينبغي والوقت حان لطرد تركيا من الناتو»، وشدد كوجلين على أن تلك الرؤية لتحركات تركيا، على صعيد ملف صفقة الأسلحة الروسية المثيرة للجدل، تسود بالتأكيد في واشنطن، وهو ما حدا بإدارة الرئيس دونالد ترامب لتهديد النظام الحاكم في أنقرة، بإنهاء مشاركته في برنامج تصنيع وصيانة أجزاء من المقاتلات المتطورة من طراز «إف - 35» المعروفة باسم «الشبح»، طالما أنه يتشبث بشراء الصواريخ الدفاعية الروسية. وأوضح الكاتب البريطاني أن الـ«إس - 400» التي بدأت السلطات التركية تسلم مكوناتها، تشكل خطراً على ذلك الطراز المتقدم من المقاتلات «الذي سيلعب دوراً رئيساً في عمليات الناتو لعقودٍ قادمةٍ، في ضوء أن الكثير من الدول الأعضاء، بما فيها بريطانيا، تشتري أعداداً كبيرةً من الطائرات المندرجة في إطاره». وشدد كوجلين على ضرورة أن يدرك أردوغان أنه «لا يمكن السماح له بشراء أكثر المقاتلات الأميركية تطوراً واقتناء منظومات الصواريخ الدفاعية الروسية، التي صُمِّمَت لإسقاط هذه الطائرات في الوقت نفسه»، قائلاً إن قرار الرئيس التركي استثمار نحو مليارين ونصف المليار دولار للحصول على بطاريات الصواريخ هذه «وضعه في موقفٍ يتصادم فيه بشكلٍ مباشرٍ مع بقية أعضاء حلف الناتو الذين يعتبرون أن موسكو تشكل في الوقت الراهن التهديد الأكبر للأمن الأوروبي». وأبرز المقال في هذا الصدد كون هذا «التهديد الروسي، قد هيمن على جدول أعمال الاجتماع الذي عقده وزراء دفاع الحلف الشهر الماضي في بروكسل والذي انتهى بمطالبة وزير الدفاع الأميركي بالوكالة مارك أسبر لتركيا بالتخلي عن صفقة الصواريخ الروسية، وإلا فقدت إمكانية شراء 100 من مقاتلات إف - 35 كانت قد وُعِدَتْ بها في السابق». وأكد كوجلين أن إصرار النظام التركي برغم ذلك «على المضي قدماً على صعيد شراء منظومة الأسلحة الروسية، لم يضعه فقط على مسارٍ تصادميٍ مع واشنطن، وإنما يُظهر كذلك ازدراء أنقرة الكامل لحلف الناتو، وهو توجهٌ يتوجب أن تُظهر الدول الأوروبية الكبرى الأعضاء في الحلف مثل بريطانيا، أنه لم يعد من الممكن التسامح معه». وأشار الكاتب إلى أن «مغازلة أردوغان للمجموعات المتطرفة في الشرق الأوسط شيءٌ، وتقاربه مع دولةٍ مارقةٍ كبرى مثل روسيا شيءٌ مختلفٌ تماماً»، مُذكراً الجميع بأن الفكرة من وراء ضم تركيا لحلف شمال الأطلسي عام 1952 كانت تتمثل في أن هذا البلد سيساعد على «حماية الجناح الشرقي للناتو من عدوان موسكو، لكن ذلك لم يعد الحال الآن بوضوح». ودعا كوجلين القادة الأوروبيين إلى الوقوف بجانب الولايات المتحدة لمواجهة حقيقة أن تركيا تحت حكم أردوغان أصبحت قضيةً خاسرة، مؤكداً أن «الأيام التي كان فيها لدى أنقرة اهتمامٌ حقيقيٌ بتعزيز علاقاتها مع الغرب، عبر الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، قد ولّت. وبدلاً من ذلك، أصبحنا الآن إزاء دولةٍ تتقارب علناً، مع أولئك الذين يأملون في إلحاق الضرر بنا»، في إشارةٍ إلى الروس. واعتبر الكاتب البريطاني أن أوضاعاً مثل هذه، تؤكد بالتبعية أن «أردوغان صار يُظهر أنه يشعر بالراحة في موسكو أكثر مما يحس بذلك في بروكسل، ما يوجب علينا الإقرار بالجهة التي باتت توجد فيها المصالح الحقيقية لتركيا وهي روسيا، وأن ننهي عضويتها في الناتو». وشن كوجلين في مقاله هجوماً ضارياً على أردوغان، قائلاً إنه اعتمد أسلوب «المناورة» في التعامل مع الغرب منذ وصوله إلى الحكم قبل 16 عاماً، واستغل في ذلك «رغبة أوروبا في الإبقاء على علاقاتٍ وثيقةٍ مع بلاده، التي اعتُبِرَت ذات أهميةٍ جيوسياسيةٍ حيويةٍ». وشدد الكاتب على أن الرئيس التركي سعى دائماً إلى «تنفيذ أجندته الخاصة، وهو يعلم أن الأوروبيين سيعملون على الدوام على الحفاظ على علاقاتٍ وديةٍ مع أنقرة»، مُشيراً إلى أنه «عندما كانت الأولوية الأوروبية الأولى في مجال الأمن تتمثل في محاربة الجماعات الإرهابية مثل القاعدة وداعش، كان الرئيس التركي يواصل دعم قوى التيارات المتشددة، مثل جماعة الإخوان» الإرهابية. وأبرز المقال، في هذا الشأن، تصريحاتٍ أدلى بها سفيرٌ أميركيٌ سابقٌ لدى أنقرة، وقال فيها إن «تركيا أبدت الدعم لجماعةٍ مرتبطةٍ بالقاعدة خلال الحرب الأهلية في سوريا». وحذر كوجلين من أن هناك إمكانيةً لـ«أن تعود علاقة العشق التي تجمع أردوغان بالجماعات المتشددة بنتائج عكسيةٍ عليه، إذا ما خَلُصَ المسؤولون البريطانيون الذين يتولون التحقيق في الهجمات التي وقعت في مدينة مانشستر عام 2017، إلى أن إحدى الجماعات الليبية المتشددة التي تحظى بالدعم التركي، تورطت في هذا العمل الوحشي». وأكد الكاتب البريطاني أن شعور أردوغان بأن الوضع الجيوسياسي الحيوي لتركيا يُمَكِنُهُ «من التصرف متمتعاً بحصانةٍ من العقاب»، جعله يُقْدم على خطوة شراء الصواريخ الروسية المتطورة وهو يشعر بالثقة من ألا عواقب سلبية ستنجم عن ذلك. واستنكر كون كوجلين الطريقة التي تعاملت بها الدول الغربية مع الرئيس التركي في السابق، وتغاضي القوى الكبرى في أوروبا عن التصرفات الاستفزازية لهذا الرجل، قائلاً إن «النظر إلى سجل الغرب على صعيد التعامل مع أردوغان في الماضي، يُظهر أن الرغبة في الإبقاء على العلاقات مع تركيا ستَغْلُب دائماً على اتخاذ مواقف حازمة إزاء أكثر مواقفها استفزازاً»، وهو ما يدعو الكاتب إلى تغييره بشكلٍ فوريٍ وحاسم.

مشاركة :