رؤى اخترقت حاجز الزمان والمكان

  • 7/20/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يفرض المحيط الذي نعيش فيه أفكاراً ومفاهيم وقوانين تكون أقرب إلى المُسَلمات عند الفرد، أي أنه يعتبرها أشياء ثابتة غير قابلة للفحص أو التعديل أو التغيير، وإن استوقفته فكرة ما ووجد نفسه يستطيع أن يضيف لها، يستسلم إيماناً منه أنه لو وجدت الفائدة من هذه الفكرة لسبقه بها أحد من قبله.لم يكن هذا حال العظماء في سابق العصر وحاضره، عظماء غيرت رؤاهم وأعمالهم حياة شعوب بأكملها وساهمت في خلق آفاق جديدة تؤسس لمستقبل واعد، ولو بحثنا في بدايات هؤلاء العظماء لوجدنا أنهم ذاقوا الأمرين للتمسك بما يؤمنون به مقاومين الأفكار السائدة، يسعون جاهدين لإثبات أفكارهم ونظرياتهم بالرغم من عدم تقبل المحيطين بهم وعدم جاهزيتهم وانفتاحهم على أفكار جديدة. ولنأخذ على سبيل المثال العالم الفيزيائي العظيم ألبيرت أينشتاين، صاحب نظرية النسبية الخاصة والنسبية العامة في الفيزياء، واللتان خالفتا الكثير من نظريات ومفاهيم العالم إسحاق نيوتن وفيزيائيين آخرين حول الجاذبية والزمان والمكان، المفاهيم التي تم اعتبارها قواعد ثابتة غير قابلة للتعديل على مدار مايقارب القرنين من الزمن، حتى أتى هذا الشاب البسيط المدعو ألبرت أينشتاين بخيالاته ورؤاه الفيزيائية، سامحاً لنفسه الخوض في غمار المحظور، غير آبه بالأصوات التي تعالت مانعة إياه والتي سعت جاهدة أن تقول له أنه لا يوجد جدوى من إضافة شيء جديد إلى ماهو كامل بالأصل. آمن أينشتاين بأن هناك ماهو أبعد مما توصل إليه الذين سبقوه في مجال الفيزياء وعمل جاهداً لإثبات ذلك، وبالفعل لم تذهب جهوده سُدى، ونجح في الوصول إلى مراده وتحققت الكثير من رؤاه، ووجد الإجابات لتساؤلاته حول نظرية النسبية، كما أسس ومهد الطريق لنظرية الكم أو مايعرف بميكانيكا الكم، والثقوب السوداء، والانفجار الكبير. حتى أصبح أيقونة عصره في مجال الفيزياء، وبشهادة الكثيرين، يعتبر ألبيرت أينشتاين واحداً من أعظم الفيزيائيين الذين عرفتهم البشرية ومن أكثرهم تأثيراً.ما يثير الدهشة بالفعل أن التكنلوجيا الحديثة المتمثلة بالتلسكوبات والمراصد الفضائية وأشعة الليزر أكدت دقة وصحة رؤى أينشتاين حول الكون، والتي كان يستحيل التأكد منها آنذاك لانعدام الوسائل اللازمة للقياس والفحص، إلا أن أينشتاين كان يراها واضحة، لإيمانه واجتهاده في أعماله ولتوسيعه نطاق اللاحدود. شهدنا ونشهد في عالمنا الحديث شخصيات عديدة من أصحاب الرؤى والابتكارات والأعمال غير المسبوقة، ولنستذكر عمود شركة أبل، الراحل ستيف جوبز، والذي أحدث نقلة نوعية في تكنلوجيا الحواسيب والهواتف الذكية واستخداماتها، التكنلوجيا التي أرست معايير لا يمكن للمطورين من الشركات الأخرى أن تتجاهلها. لم تكن اسهامات ستيف جوبز في الابتكارات التكنلوجية وليدة اللحظة، وإنما كانت ثمار رؤاه وتعطشه لتأسيس مفاهيم جديدة في هذا المجال وتطويره. ولايسعنا أن نتجاهل ما يقوم به إيلون ماسك ذو السبعة وأربعين عاماً، المالك والرئيس التنفيذي لشركة تيسلا والمؤسس والرئيس التنفيذي لشركة سبيس إكس لتكنلوجيات استكشاف الفضاء ومؤسس موقع تحويل الأموال بايبال، حيث اعتاد إيلون ماسك أن يكون ذلك الفارق ونقطة التحول في كل المجالات التي خاضها، فبعدما كانت السيارات الكهربائية لاتتعدى كونها مشاريع مستقبلية وتطويرية تقوم بها الشركات الكبرى في عالم صناعة السيارات، أصبحت شركة تيسلا اليوم من أكبر مصنعي السيارات الكهربائية في العالم. وأيضاً بعدما كانت الاستكشافات والأبحاث الفضائية حكراً على المنظمات الكبرى مثل ناسا، قرر إيلون ماسك أن يغزو الفضاء بشركته سبيس إكس بعد أن انتهى من التوغل في عمق الأرض من خلال مشروعه التجريبي (هايبرلوب) وهو نفق تحت الأرض يهدف ويمهد إلى أن يكون وسيلة مواصلات مستقبلية جديدة تنقل الركاب بسرعات عالية جداً، بعيداً عن الاختناقات المرورية والتلوث. وبالطبع لا يرجح أن تكون الصدفة رفيقة إيلون ماسك فيما يقوم به من إنجازات وابتكارات وإنما العمل الدؤوب وتمسكه برؤاه وأحلامه للتقدم والتطور وإضافة الجديد. أجد أن الرؤية هي الأمل بأن غداً هو يوم أجمل، هي الطموح والهدف الذي يسعى له الكثيرون، هي العمل بجد والثقة بأن الفرد قادر على أن يبتكر ويأسس لمفاهيم جديدة، هي التغيير.

مشاركة :