قال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية الجمعة إن الولايات المتحدة ستدمر أي طائرات إيرانية مسيرة تحلق على مقربة من سفنها، فيما تسعى واشنطن إلى تشكيل تحالف عسكري دولي لحماية الملاحة الدولية في مضيق هرمز. وأضاف المسؤول أن بلاده لديها أيضا “دليل واضح” على أنها أسقطت طائرة مسيرة إيرانية الخميس، مؤكدا “إذا حلقت أي طائرة على مسافة أقرب من اللازم من سفننا سنستمر في إسقاطها”. ويأتي الحادث الأخير في مضيق هرمز الاستراتيجي وسط تصاعد التوتر بين الخصمين، وبعد إسقاط إيران طائرة مسيرة أميركية الشهر الماضي. وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخميس أن سفينة حربية أميركية أسقطت طائرة مسيرة إيرانية هددت السفينة لدى دخولها المضيق، وهو ما نفته إيران بشدة. وقالت وزارة الدفاع الأميركية إن السفينة “كانت في المياه الدولية” عندما اقتربت طائرة مسيرة، فيما أكد المتحدث باسم البنتاغون جوناثان هوفمان أن “السفينة قامت بعمل دفاعي ضد الطائرة المسيرة لضمان سلامة السفينة وطاقمها”. ورد المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية العميد أبوفضل شكارجي “جميع الطائرات المسيرة للجمهورية الإسلامية الإيرانية في منطقة الخليج ومضيق هرمز ومن بينها الطائرة التي تحدث عنها الرئيس الأميركي عادت بسلام إلى قواعدها”. وأضاف شكارجي “لم يرد أي تقرير يشير إلى مواجهة عملانية للسفينة يو.إس.إس بوكسر الأميركية”.ويأتي ذلك بعد إسقاط طهران في يونيو طائرة استطلاع مسيرة أميركية، قالت إنها خرقت أجواءها وهو ما نفته الولايات المتحدة. وقال ترامب إنه تراجع في اللحظة الأخيرة عن شنّ ضربات انتقامية في أعقاب الحادثة. ورفضت إيران بدورها الاتهامات الأميركية لها بالوقوف خلف سلسلة الهجمات الأخيرة على ناقلات قبالة سواحل دولة الأمارات وفي خليج عمان، فيما أكدت واشنطن ذلك. وتفاقمت الأزمة في 4 يوليو مع احتجاز سلطات جبل طارق سفينة إيرانية، بمساعدة من البحرية الملكية البريطانية. ويقول المسؤولون الأميركيون إن الناقلة كانت في طريقها لتسليم النفط إلى سوريا، في انتهاك لعقوبات يفرضها الاتحاد الأوروبي وأخرى تفرضها الولايات المتحدة. ووصفت إيران احتجاز الناقلة بعمل “قرصنة” وبعد أسبوع قالت لندن إن زوارق إيرانية هددت ناقلة بريطانية في الخليج قبل أن تقوم فرقاطة تابعة للبحرية الملكية بإبعاد تلك الزوارق. وأدى ذلك إلى مطالبات أميركية بتأمين مواكبة دولية للسفن المحملة بالمحروقات من حقول النفط الخليجية والتي تعبر مضيق هرمز. وأثارت تلك الأحداث مخاوف من نزاع إقليمي تشارك فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها في منطقة الخليج التي تعبر منها ثلث كميات النفط العالمي المنقول بحرا. وقال قائد الحرس الثوري الإيراني إن إيران لا تسعى “لبدء حرب” لكنها سترد على أعمال عدائية. ونقلت وكالة سيبا نيوز التابعة للحرس الثوري، الذي تصنفه واشنطن منظمة إرهابية عن اللواء حسين سلامي قوله “إذا ارتكب العدو خطأ في الحسابات، تتغير استراتيجيتنا الدفاعية وكافة قدراتنا إلى استراتيجية) الهجوم”. وجاءت تصريحاته في أعقاب إعلان الحرس الثوري الخميس احتجاز “ناقلة أجنبية” يعتقد أنها السفينة “رياح” التي ترفع علم بنما، وطاقمها، فيما اتهم الحرس الثوري السفينة بنقل حمولة مهربة من الوقود الإيراني. وتعهد قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينيث ماكنزي الخميس العمل “بقوة” مع شركاء لضمان حرية الملاحة في مياه الخليج، غير أن نائب قائد الحرس الثوري قال إن الولايات المتحدة ستدرك قريبا “أنه ليس من مصلحتها أبدا البقاء في المنطقة”. وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال جوزيف دانفورد إن الولايات المتحدة تريد تشكيل تحالف عسكري لحماية المياه الاستراتيجية قبالة إيران، حيث تنحو واشنطن باللوم على إيران ومقاتلين تدعمهم طهران في تنفيذ هجمات. وستوفر الولايات المتحدة بموجب الخطة، التي لم تتبلور بعد، سفن قيادة للتحالف العسكري وستقود جهوده للمراقبة والاستطلاع. وأوضح دانفورد “نتواصل مع عدد من الدول لتحديد ما إذا كان بإمكاننا تشكيل تحالف يضمن حرية الملاحة في كل من مضيق هرمز ومضيق باب المندب”. ونقلت وكالة تسنيم عن الأميرال علي فدوي قوله إن القوات الأميركية تواجه “ضغوطا نفسية” متزايدة في الخليج. وتأتي حادثة الطائرة وسط مخاوف إزاء مصير الاتفاق النووي الموقع عام 2015 وفرض الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية خانقة على طهران بعد عام على انسحابها الأحادي من الاتفاق.وفي وقت سابق هذا الشهر تجاوزت طهران سقف تخصيب اليورانيوم منتهكة أحد التزاماتها بموجب الاتفاق، سعيا إلى زيادة الضغط على الأطراف الأخرى الموقّعة للوفاء بوعودها في دعم إيران اقتصاديا. ورجّحت تقارير إعلامية أميركية في الفترة الأخيرة أن تقبل إيران التفاوض مع الولايات المتحدة بشأن اتفاق نووي جديد، في ظل تعرّضها لعقوبات أثّرت بشكل كبير على اقتصادها. ويرى مسؤولون أميركيون أن “إدارة الرئيس دونالد ترامب تفضل حلا سياسيا مع طهران على أساس أن التجارب السابقة أظهرت أن الدخول في حرب أسهل بكثير من الخروج منها، فالحرب ستكون باهظة الثمن للطرفين”. وقالت مصادر دبلوماسية إن “واشنطن تهدف بشكل أساسي إلى إنهاء دعم إيران للإرهاب والميليشيات الحليفة لها في المنطقة، وفرض قيود على برامجها الصاروخية، والتفاوض بشأن اتفاق نووي جديد يحل مكان اتفاق عام 2015″. وحتى الآن يقول الخبراء إن النهج الأوسع للسياسة الخارجية لإدارة ترامب، يعتمد على ممارسة أقصى الضغوط على الخصوم لإجبارهم على تقديم تنازلات. والشهر الماضي قال وزير النفط بيجان نمدار زنقنة إن إيران تواصل بيع النفط بطرق “غير تقليدية” للالتفاف على العقوبات الأميركية. وكثيرا ما هددت إيران بإغلاق مضيق هرمز في حال حظر صادراتها النفطية من خلال العقوبات. ولا يمكن لإيران من الناحية القانونية أن تغلق الممر المائي لأن جزءا منه يقع في المياه الإقليمية لسلطنة عمان، لكن السفن تمر في مياه إيرانية تحت مسؤولية سلاح البحرية بالحرس الثوري الإيراني. وفي 2016 استجوب الحرس الثوري واحتجز بحارة أميركيين أثناء الليل بعد أن دخلوا إلى المياه الإقليمية الإيرانية في منطقة أخرى في الخليج. وتجري إيران مناورات حربية سنوية وتختبر صواريخ كروز وصواريخ باليستية. وفي 2014 قال حسين سلامي نائب قائد الحرس الثوري الإيراني إن إيران قد تستخدم ما لديها من صواريخ وطائرات دون طيار وألغام وزوارق سريعة وقاذفات صواريخ في منطقة الخليج للتصدي للولايات المتحدة. وجاء في تقرير المكتب الأميركي للمخابرات البحرية العام الماضي أن القوات البحرية التابعة للحرس الثوري حصلت على زوارق هجومية سريعة وزوارق صغيرة وصواريخ كروز وألغام مضادة للسفن. وأضاف أن تلك القدرات لا يمكنها منافسة التكنولوجيا الغربية. وقالت الولايات المتحدة إنها ستستخدم كاسحات ألغام وسفنا حربية وربما ضربات جوية لحماية حرية تدفق التجارة لكن إعادة فتح المضيق قد تكون عملية تستغرق وقتا طويلا خصوصا إذا قام الحرس الثوري بزرع ألغام.
مشاركة :