عمون - اصدرت جمعية إدامة للطاقة والمياه والبيئة ورقة موقف بعنوان "الطاقة المتجددة: تحديات وفرص" حول القرار الصادر عن وزارة الطاقة والذي أوقف جميع مشاريع الطاقة المتجددة لمدة ستة أشهر، وعدم انتهاء الاستراتجية ولا القرار الصادر على الرغم من انتهاء الستة أشهر. وقالت الجمعية إن التركيز على التحديات الآنية دون الاخذ برؤية واستراتيجية بعيدة المدى، هي التي اوصلتنا الى نقطة نختار فيها اليوم وبإرادتنا عدم الاعتماد على الطاقة المحلية المنتجة بأسعار مخفضة، إذ لايمكن النظر الى التوجهات الرسمية الاخيرة بغير هذا المنظور. وتاليا ورقة الموقفالطاقة المتجددة: تحديات وفرصصدر قرار مجلس الوزراء بتاريخ 13 كانون الثاني 2019 بإيقاف العمل على جميع مشاريع الطاقة ومنها مشاريع الطاقة المتجددة التي تزيد سعتها عن 1 ميجاواط، وتم عزو ذلك الى أن وزارة الطاقة والثروة المعدنية تعمل على إعداد استراتيجية ودراسات جديدة للطاقة في ضوء الاستطاعة الفائضة من الطاقة والطلب المتزايد من القطاع الخاص والعام للاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة. وصرحت الوزارة أن الإيقاف سيكون مؤقتاً الى حين الانتهاء من الاستراتيجية والدراسات وذلك بعد ستة اشهر من هذا التاريخ، ستشمل تلك الدراسات دراسة استطاعة شبكة الكهرباء وقدرتها على استيعاب الطاقة المتجددة والتشريعات الناظمة والاقتصاديات الخاصة بها. لم تنتهِ الاستراتيجية والدراسات بَعد بالرغم من انقضاء فترة الستة أشهر واستمر قرار الإيقاف، وكَثُر الحديث في الآونة الاخيرة عن حلول لمشكلة قطاع الطاقة ككل والتي جاءت مقتصرة وبشكل مجحف على قطاع الطاقة المتجددة، وركزت على ضرورة تحميل مالكي انظمة الطاقة المتجددة كُلفاً إضافية بدل استخدام الشبكة الكهربائية من قبل الطاقة الفائضة عن حاجتهم واحتسابها لمالك النظام الى حين استخدامها في وقت لاحق وتصويرها على انها خزنت للمالك رغم انها لاتخزن وانما تستهلك من قبل مستخدمى الشبكه الأخرين وبنفس اللحظة، وتصوير الطاقة النظيفة والوحيدة التي يتم إنتاجها محلياً بصورة "طاقة يتكلّفها المواطن الغيرمنتج للطاقة من جيبه الخاص".وفي ضوء ما سبق يجب التأكيد على بعض النقاط المهمة:- إن جميع الدول التي تقوم بالتخطيط لإدماج الطاقة المتجددة ضمن خليط الطاقة الكلي، تقوم بالإعداد لدخول كميات مدروسة من هذه المصادر إلى النظام الكهربائي سنوياً وذلك بشكل يراعي قدرة المحطات ومواقع تواجدها على شبكتي التوزيع والنقل .- إن الدراسات الفنية وبالتحديد "دراسة أثر الربط" المطلوبة للحصول على الموافقة لتركيب مشاريع الطاقة المتجددة، تحدد نقاط ومحددات الربط على الشبكة، وتدرس وبشكل أساسي وجود احمال قريبة من موقع التركيب قادرة على استهلاك فائض انتاج النظام إن وجد، وبناءً على ذلك يتم منح الموافقات؛ مما يشكك بصحة المجاز المستخدم باعتبار "مالك نظام الطاقة المتجددة يستخدم الشبكة الكهربائية للتخزين" وفيما إذا كان التخزين حقيقة فنية وخصوصاً في الانظمة الصغيرة ومتوسطة الحجم.ومن الجدير بالذكر أن أنظمة الطاقة المتجددة اللامركزية والمنتجة للطاقة فى اماكن الإستهلاك تساهم في خفض الفاقد على الشبكة الكهربائية والذي يزيد مع نقل الكهرباء المنتجة من قبل الأنظمة المركزية الى مراكز الإستهلاك البعيدة عن موقع التوليد ويتحمل المواطن المستهلك للطاقة كلف هذا الفاقد.- إن من اهم الشروط التي تُطالب بها محطات الطاقة المتجددة المتوسطة وكبيرة الحجم ومن خلال اتفاقية الربط؛ أن يقوم مالك المحطة وعلى نفقته بتركيب نظام مراقبة وتحكم حتى تتمكن شركات توزيع الكهرباء من التحكم بإنتاج الكهرباء او ايقافه بحسب وضع الشبكة لحظياً وبما يخدم فنيا مصلحة شبكة التوزيع ويعمل على تعزيزها ليستفيد منها كافة مشتركى الشبكة.- إن انتقال مالك نظام الطاقة المتجددة الصغير الى الشرائح الكهربائية المدعومة هو أمرمتوقع؛ نتيجة الاختلال والتشوه الواضح في بنية التعرفة الكهربائية والذي من الممكن ببساطة تعديله دون الحاجة لتصوير ذلك بالتعدي على حقوق الفئة الاقل حظاً. - إن خيار الاستهلاك الذاتي (يستهلك مالك نظام الطاقة المتجددة كامل الانتاج دون ان يصدر الى الشبكة) هو خيار مطروح على الطاولة منذ البداية وتطور بشكل كبيرمؤخراً، إذ اصبح بالامكان الجمع بين تغطية كامل الاستهلاك من المصادر المتجددة مع التحكم بـعملية التصدير الى الشبكة وذلك باستخدام البطاريات، وهو ما تتوجه له العديد من دول العالم بهدف الحد من التصدير خلال فترة الذروة. يتطلب ذلك العمل على أُطر تشريعية جديدة لإطلاق فرص الاستثمار في موضوع الاستهلاك و التخزين الذاتى، وهو خطوة إلى الامام لتحفيز المواطنين نحو الطاقة المتجددة ومصادرها الطبيعية المحلية كالشمس والرياح.إنّ موضوع الشراكة في اتخاذ القرارات الجوهرية التي تخص قطاع الطاقة المتجددة لا يُنادى به من باب الشعارات، إذ أن طبيعة القطاع تتطلب الاطلاع على كافة الجوانب الفنية وآثارها على مختلف المعنيين تجنبا لاتخاذ قرارات متسرعة ترتكز على التحصيلات المالية وتثبت عدم صحتها بعد حين.كما نؤكد أن النظر بصورة مجتزأة لما يقدمه قطاع الطاقة المتجددة هو خطوة الى الوراء ولا يأخذ بعين الاعتبار المصلحة الوطنية العليا ويدلل على عدم وضوح الرؤية، وبكل حال يجب عدم تحميل قطاع الطاقة المتجددة الناشيء والواعد أخطاء وتراكم ضعف التخطيط لسنوات في قطاع الطاقة، كما أن الاستغراق في التفاصيل المالية دون النظر الى الصورة الشاملة، سيؤدي بنا الى زيادة الكلف والأعباء على المواطن.إن تقييم تجربة قطاع الطاقة المتجددة أو التخطيط للمرحلة القادمة يتطلب العمل على إستراتيجية تسعى إلى تحقيق المنفعة الوطنية على الصعيد الإقتصادي والبيئي، وللقيام بذلك يجب النظر فيما يلي واخذه في عين الاعتبار:- الطاقة المتجددة هي من اهم مصادر الطاقة المحلية في الاردن من هنا يجب أن تكون البداية، بحيث تكون الطاقة المتجددة خياراً استراتيجياً وليس مرحلياً وعليه يجب أن يتم تعديل كيفية التعامل مع التحديات الفنية والمالية وهيكلة قطاع الكهرباء للعمل على زيادة الاعتماد على الذات وتحقيق أمن التزود الذي لم يعد ترفاً بعد كل التجارب التي مررنا بها للاعتماد على مصادر طاقة من خارج الاردن، فالطاقة المتجددة هي المحور الاساسي ونقطة الارتكاز والمنطلق ولأجلها يتم تكييف ما بقي من التفاصيل.فقد نجح الأردن من انشاء ما يقارب من 1200 ميغا واط من استطاعات الطاقة المتجددة وسوف يفوق 2300 ميغا واط خلال السنوات القليلة القادمة، منها 500 ميغا واط من مشاريع صافي القياس والعبور – ما يعدل فقط 20% من الاستطاعة الاجمالية للطاقة المتجددة و التي مصدرها استثمار محلي. - توفير في الكُلف بالرغم من كل ما قيل حول ارتفاع كلف انتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة فإن الارقام الاخيرة التي صدرت في التقرير السنوي لشركة الكهرباء الوطنية لعام 2018 تشير الى أن معدل سعر الشراء الطاقة المتجددة بلغ 70.25 فلس لكل كيلوواط ساعة لطاقة الرياح و80.14 فلس لكل كيلو واط ساعة للطاقة الشمسية مقارنةً ب81.8 فلس لكل كيلو واط ساعة من الكهرباء المنتجة من الوقود والغاز. ومن المتوقع ان تقل اسعار الشراء من الطاقة المتجددة في الاعوام المقبلة بالتزامن مع ربط مشاريع المرحلة الثانية والثالثة من العروض المباشرة وبشكل ملحوظ إذ يبلغ سعر الشراء ما يقل عن 20 فلس لكل كيلوواط ساعة. وبالرغم من أن تخصيص استطاعات أكبر من الطاقة المتجددة على الشبكة قد يحتاج الى كلف إضافية، إلا أن فائدة المشاريع المركزية تصب في صالح المنفعة العامة.كما أن الطاقة المتجددة الصديقة للبيئة تساهم في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والتي تحد بدورها من التغير المناخي، حيث لا تترافق مع أي كلف بيئية كما هو الحال في المحطات التقليدية.- تشغيل الايدي العاملة ورفد الاقتصاد المحلي النظر الى القطاع كجسم مصمت والتغافل عن حقيقة وجود 352 شركة مرخصة تشغل ما يزيد عن 7928 موظف حتى نهاية 2016، عدا عن اضعاف هذا الرقم من الاعمال والخدمات المساندة التي نشأت وارتبطت بقيام هذا القطاع، هو بالحقيقة عدم تقدير حقيقي لدور القطاع وقصر في النظر الى الكلف والوفر على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة الى استفادة الشركات والمؤسسات المحلية التي يتاح لها الفرصة أن تزيد من تنافسيتها بعد تقليص كلف الطاقة لديها. - جذب رؤوس الاموال والاستثماريقدر حجم الاستثمارفي القطاع بما يقارب 4 مليارات دولار بحلول عام 2020، وفي هذه الفترة التي يواجه فيها الاردن صعوبة في جلب رؤوس الاموال وخلق فرص عمل جديدة في ضل تحدي البطالة القائم حالياً. من جانب آخر فإن الطاقة المتجددة تساهم في توجيه احتياطي العملة الصعبة الى تنمية قطاعات حيوية ومنتجة، ففي العام 2018 قامت شركة الكهرباء الوطنية بشراء 3729.3 ألف طن مكافىء نفط لعام 2018 وذلك لتزويد شركات التوليد المعتمدة على الوقود لانتاج ما يقارب 17182.9 جيجاوات ساعة، في حين ان انتاج 1541.55 جيجا واط ساعة من المصادر المتجددة قام بتوفير ما يقارب 10% من ما تم انفاقه لشراء الوقود.يضاف الى ذلك قدرة الطاقة المتجددة على فتح افاق جديدة للصناعة المحلية في حال تم تقديم تسهيلات لهذا القطاع المهم.إن التركيز على التحديات الآنية دون الاخذ برؤية واستراتيجية بعيدة المدى، هي التي اوصلتنا الى نقطة نختار فيها اليوم وبإرادتنا عدم الاعتماد على الطاقة المحلية المنتجة بأسعار مخفضة، إذ لايمكن النظر الى التوجهات الرسمية الاخيرة بغير هذا المنظور.
مشاركة :