سجل بغداد بونجاح الهدف الوحيد في الدقيقة الثانية ليقود منتخب بلاده الجزائر إلى اللقب الثاني بعد الأول على أرضه عام 1990 في ثالث مباراة نهائية له في العرس القاري بعد الأولى التي خسرها أمام نيجيريا عام 1980، فيما فشلت السنغال التي كانت خسرت أمام الجزائر بالنتيجة ذاتها في دور المجموعات، للمرة الثانية في النهائي بعد الأولى أمام الكاميرون عام 2002 في مالي. وتوجت الجزائر مشوارها الرائع في البطولة وحققت فوزها السابع تواليا لتحرز اللقب الأول لها خارج قواعدها، وتلحق بالكونغو الديمقراطية (1968 و1974) وساحل العاج (1992 و2015) اللتين ظفرتا بلقبين حتى الآن في المركز الخامس على لائحة المتوجين بالألقاب في العرس القاري. وعلّق مدرب الجزائر جمال بلماضي على إنجاز لاعبيه قائلا “هذا إنجاز رائع وتاريخي، هذه أول كأس خارج القواعد، إنها فترة طويلة لم نصعد فيها إلى قمة منصة التتويج، لدينا بلد كرة قدم ونستحق اللقب”. وأضاف “المباراة كانت معقدة جدا وصعبة، واجهنا فريقا قويا لعب كأس العالم الأخيرة، حُسم النهائي بتفاصيل صغيرة والفضل يعود إلى اللاعبين وأنا دونهم لا أساوي أي قيمة. اللاعبون هم الفاعلون الحقيقيون، أنا وعناصر الطاقم الفني قدمنا مساهمة بسيطة لهذا الجيل، هم من يلعبون ويطبقون الأوامر بأفضل طريقة”. وحققت الجزائر الأهم في المباراة النهائية وهو النتيجة، لأنها لم تقدم أداءً جيدا وكانت الأفضلية للسنغال منذ بداية المباراة بسبب الهدف المبكر لرجال المدرب جمال بلماضي الذين دافعوا عن تقدمهم وتركوا المبادرة للسنغال دون جدوى. وأكدت الجزائر تفوقها على السنغال في العرس القاري وحافظت على سجلها خاليا من الخسارة في 5 مواجهات بينهما، محققة الفوز الرابع بعد نصف نهائي نسخة 1990 ودور المجموعات في نسخة 2015 ودور المجموعات ونهائي النسخة الحالية (تعادلا في دور المجموعات عام 2017). هدف مبكرفاجأت الجزائر الدفاع السنغالي الذي غاب عنه قطب دفاع نابولي الإيطالي كاليدو كوليبالي بسبب الإيقاف، بهدف مبكر من أول هجمة، وأغلقت بعدها جميع المنافذ حتى النهاية خصوصا في الشوط الأول الذي وجد فيها زملاء نجم ليفربول الإنكليزي ساديو مانيه صعوبة كبيرة في اختراق خط الوسط، فغابت الفرص عن مرمى الحارس رايس مبولحي الذي اختير أفضل لاعب في المباراة. وقال مبولحي “إنجاز لا يصدق، إنه فوز بلد بأكمله، نحن سعداء. كنا مدينين لهم (الناس في الجزائر)، قاتلنا مثل الرجال، كوفئنا بفضل بلماضي. الحالة كانت معقدة في السابق، لكن وصول بلماضي غيَّر كل شيء، إنه أخ كبير، أريد التفكير في الناس الموجودين في الجزائر، هذا اللقب لهم. من الصعب تصديق ما حققنا، ولكن بمجرد عودتنا إلى البلاد، سنصدق ذلك”. ولجأ المنتخب السنغالي إلى الكرات الطويلة في الشوط الأول دون جدوى، قبل أن يتحسن أداؤه في الشوط الثاني دون أن يتمكن من إدراك التعادل، علما بأن الحكم الكاميروني أليوم نيان احتسب له ركلة جزاء مطلع الشوط الثاني إثر لمسة يد للاعب الوسط عدلان قديورة داخل المنطقة، لكنه تراجع عن قراره بعد لجوئه إلى تقنية المساعدة بالفيديو “في.إيه.آر”.وافتتحت الجزائر التسجيل من أول هجمة عندما تلقى بونجاح كرة من إسماعيل بن ناصر من الجهة اليسرى فانطلق وسددها قوية من خارج المنطقة، فارتطمت بقدم المدافع ساليف سانيه وهبطت ساقطة داخل المرمى خادعة الحارس ألفريد غوميس الذي كان متقدما عن عرينه في الدقيقة الثانية. وهو الهدف الثاني لبونجاح في البطولة، والأسرع في تاريخ المباريات النهائية للمسابقة. وكان أول تهديد حقيقي للسنغال من ركلة حرة بعيدة انبرى لها هنري سايفيه وتصدى لها مبولحي بصعوبة في الدقيقة 27، ثم تسديدة قوية لمباي نيانغ فوق العارضة بسنتمترات قليلة في الدقيقة 38. وزاد ضغط السنغال في الشوط الثاني، وجرب سايفيه حظه مرة أخرى من ركلة حرة مباشرة بين يدي مبولحي في الدقيقة 59. ومنح نيان ركلة جزاء عندما لمست الكرة يد قديورة داخل المنطقة قبل أن يتراجع عن قراره بعد لجوئه إلى تقنية المساعدة بالفيديو في الدقيقة الـ60. وتلقى نيانغ كرة خلف الدفاع وتوغل داخل المنطقة وراوغ الحارس مبولحي، لكنه سددها بعيدا عن الخشبات الثلاث في الدقيقة 66. وتألق مبولحي بإبعاده تسديدة قوية ليوسف سابالي إلى ركنية في الدقيقة 69، وتابعت السنغال ضغطها في الدقائق المتبقية دون نتيجة. الدموع والتاريخ قبل انقضاء الدقيقة الثانية من المباراة النهائية لكأس الأمم الأفريقية في كرة القدم، كان بغداد بونجاح قد وضع الجزائر في المقدمة، بهدف كان كافيا لمنح بلاده اللقب القاري الثاني في تاريخها. وتسديدته البعيدة التي ارتدت من المدافع السنغالي ساليف سانيه وسقطت “لوب” في مرمى الحارس ألفريد غوميس، كانت كفيلة بمنح الجزائريين، بالآلاف في ستاد القاهرة الدولي الذين لوحوا بالعلم الأبيض والأخضر، والملايين في بلادهم والعالم، فرحة مرتقبة منذ نحو ثلاثة عقود. ويوم توجت الجزائر باللقب القاري على أرضها عام 1990، لم يكن بونجاح قد أبصر النور بعد، لكن ابن السابعة والعشرين ساهم، مع العديد من “محاربي الصحراء”، في كتابة تاريخهم الخاص، كما أراد مدربهم جمال بلماضي في تصريحات على هامش البطولة التي انطلقت في مصر في 21 يونيو الماضي، وانتهت، الجمعة، بفوز الجزائر على السنغال بهدف نظيف، في استعادة لنتيجة مواجهتها في الجولة الثانية من منافسات المجموعة الثالثة في الدور الأول. ويصعب اختصار مهاجم السد القطري بكلمة واحدة، لكن الأولى التي تحضر إلى الأذهان خلال الحديث عنه هي “فعّال”. رأس الحربة صاحب البنية الجسدية الضخمة، والشاربين واللحية الصغيرة عند الذقن، وفيّ بشكل مثالي إلى الدور المنوط به: تسجيل الأهداف. ويتلمّس بونجاح طريق الكرة “للشباك ولو في أصعب الظروف. مثابر، عنيد، ولا يتخلى عن أدنى فرصة متاحة له، ولا ينكفئ حين تضيع منه، بل يُثابر محاولا استعادة الكرة، كما عادة المحاربين”.يختلف بونجاح عن غيره من لاعبي المنتخب الجزائري، فهو ليس نجما في إنكلترا مثل رياض محرز لاعب مانشستر سيتي، أو اسما لمع في فرنسا مثل يوسف عطال لاعب نيس. بونجاح ابن بلده، من نادي شباب الرائد غرب وهران، إلى اتحاد الحراش، ومنه عبر الحدود إلى تونس مع النجم الساحلي، وصولا إلى ناديه الحالي السد القطري، حيث برزت موهبته التهديفية الفتّاكة. وفي قطر، ظهر بونجاح كماكينة أهداف لا تستكين، لاسيما في موسم 2018-2019 حيث سجل 39 هدفا في الدوري المحلي، وساهم في عودة السد إلى عرش الدوري القطري للمرة الأولى منذ 6 أعوام. رأى فيه النجم السابق وصاحب الرقم القياسي في الأهداف المسجلة في أمم أفريقيا، الكاميروني صامويل إيتو، “أحد أفضل المهاجمين الأفارقة”. وفي الموسم الماضي، طبع في الذاكرة تسجيله 7 أهداف من أصل العشرة التي سجلها فريقه في مرمى العربي في أغسطس 2018. ومع هدفه الـ12 مع المنتخب في 29 مباراة دولية، دخل بونجاح تاريخ محاربي الصحراء من الباب العريض، وانضم إلى شريف وزاني الذي سجل هدف الفوز بالنتيجة نفسها على نيجيريا في النهائي، قبل 29 عاما. هذا وأنهى النيجيري أوديون إيغهالو كأس الأمم الأفريقية في كرة القدم التي أقيمت في مصر في صدارة ترتيب الهدافين مع خمسة أهداف، على رغم خروج منتخب بلاده من الدور نصف النهائي على يد الجزائر.بين ماجر وبن ناصر في جانب متصل، لحق لاعب كرة القدم الجزائري إسماعيل بن ناصر بمواطنه الأسطورة رابح ماجر في القائمة الذهبية لأفضل لاعبي بطولات كأس الأمم الأفريقية بعد فوزه بلقب النسخة الثانية والثلاثين من البطولة. ورغم وجود العديد من اللاعبين الموهوبين في المنتخب الجزائري، مثل رياض محرز نجم مانشستر سيتي، توج بن ناصر بالجائزة ليصبح ثاني جزائري يفوز بها على مدار تاريخ كأس الأمم الأفريقية. وجاء تتويج بن ناصر بالجائزة بعد المستوى الراقي الذي قدمه على مدار فعاليات البطولة وتوّجه، الجمعة، بأداء اتسم بالإثارة والحماس. ورغم مشاركة أبرز نجوم القارة المحترفين في أكبر الأندية الأوروبية خلال النسخ الماضية لكأس الأمم الأفريقية، كان لنجوم المنتخب المصري الفائز باللقب 7 مرات سابقا نصيب الأسد في الفوز بلقب أفضل لاعب في البطولة.وسبق لنجوم المنتخب المصري أن توجوا بلقب أفضل لاعب في البطولة ثلاث مرات في منتصف القرن الماضي، وذلك في أعوام 1957 و1959 عندما فازت مصر بلقب أول بطولتين و1963 عندما أحرزت غانا لقب البطولة. وبعدها، فاز أحفاد الفراعنة بلقب أفضل لاعب في البطولات الثلاث المتتالية التي فاز بها الفريق بلقب البطولة في السنوات القليلة الماضية وذلك في أعوام 2006 و2008 و2010. وأصبح نجوم المنتخب المصري هم الأكثر فوزا بلقب أفضل لاعب في البطولة برصيد 6 ألقاب مقابل خمسة للكاميرون وثلاثة لغانا، كما أصبح أحمد حسن (الصقر) هو اللاعب الوحيد الذي توج بهذا اللقب في بطولتين وذلك في 2010 بمصر و2006 بأنغولا.
مشاركة :