بعد 10 سنوات من الزواج وإنجاب ابنتين، توجّه زوج إلى مركز الشرطة ليقدم بلاغًا يتهم فيه زوجته بأن لديها علاقات مع آخرين، إلا أنه طلب سحب البلاغ وعدم إعلام زوجته به، لكنها علمت بالواقعة ولم تتحمّلها فطلبت الطلاق، وحكمت لها المحكمة بذلك، للضرر، فحاول الزوج استئناف الحكم وإرجاعها لعصمته، لكن محكمة الاستئناف الشرعية رفضت الطعن، وقالت المحكمة إن التنازل عن البلاغ لا يعفي صاحبه من تبعات ما تلفّظ به من ضرر على زوجته، وألزمت الزوج بالمصروفات وأتعاب المحاماة.القضية بحسب ما ذكرته وكيلة الزوجة المحامية فوزية جناحي تتحصل في أن موكلتها تزوّجت بالمستأنف في عام 2009، وأنجبت منه ابنتين، لكن الخلافات بينهما استمرت حتى أنه كان يعتدي عليها بالضرب والسب، وقد صدر ضده أمر جنائي بتغريمه 100 دينار في هذه الواقعة.لكن الزوج توجّه في أحد الأيام إلى مركز الشرطة وتقدم ببلاغ قال فيه نصًا: «أتهمُ زوجتي بأن لديها علاقات مع أشخاص آخرين، ولا أعلم بعدد العلاقات التي لديها، فأرجو الكشف عليها عند الطبيب الشرعي والتحقيق مع الأشخاص المذكورين ومدى علاقتهم بزوجتي..»، إلا أنه عاد لمركز الشرطة وطلب إلغاء البلاغ وعدم إعلام زوجته بتفاصيله، لكنها علمت.وتقدّمت المحامية فوزية جناحي بدعوى أمام محكمة أول درجة وطلبت تطليق موكلتها للضرر، وقدّمت مذكرة اشتملت على مستند نسخة من بلاغ مفاده اعتداء الزوج على زوجته بالضرب والسب، وصدور أمر جنائي بتغريمه 100 دينار، فحكمت المحكمة بتطليق الزوجة، واعتبرت البلاغ وما ذكره الزوج في حق زوجته، ضررًا موجبًا للتطليق.وطعن الزوج على الحكم بالاستئناف وطلب إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا بإلزام المستأنف ضدّها بالرجوع إلى منزل الزوجية والاستقرار فيه، وأن تلتزم بحسن العشرة وطاعة المستأنف، وفي حال رفضها، الحكم بنشوزها وإسقاط كافة حقوقها الشرعية، بينما طلبت وكيلة الزوجة تطليقها طلقة بائنة تحرّر لها وثيقة طلاق بعد صيرورة الحكم وإلزام المستأنف بالرسوم. ودفع وكيل الزوج بالخطأ في تطبيق القانون الذي اشترط جسامة الضرر الذي يتعذّر معه دوام العشرة بين الزوجين بحسب نص المادة 101 من قانون الأسرة، وقال إن البلاغ الذي استندت إليه المحكمة لا عبرة به؛ لأن الحياة الزوجية بين الطرفين عادت إلى مجراها بعد ذلك البلاغ، كما أشار دفاع الزوج إلى أنه استعمل حق التبليغ استعمالاً مشروعًا كفله له الدستور، وقد تنازل عن ذلك البلاغ قبل اتخاذ أي إجراء فيه رغبة في الحفاظ على أواصر الحياة الزوجية.ولفت وكيل المستأنف إلى أن الأمر الجنائي الذي استخرجته الزوجة والذي تمت إدانة المستأنف فيه، قد تم إلغاؤه من قبل المحكمة الجنائية لعدم ثبوت التهمة، لكن المحامية فوزية جناحي وكيلة الزوجة دفعت بثبوت الضرر الموجب للتطليق والمتمثل في قيام المستأنف باتهام المستأنف ضدها بوجود علاقات تجمعها مع رجال آخرين، وقالت إن ذلك اتهامًا دون دليل، وردت على تبرير وكيل المستأنف لما أسماه «الحق المكفول له»، قائلة إن حق التبليغ المسموح به قانونًا، هو التبليغ عن وقائع صحيحة يجوز إثباتها، وأن تكون تلك الوقائع معاقب عليها جنائيًا، أما ما قام به المستأنف من قذف في عرض زوجته واتهامها بأنها تقيم علاقات مع رجال آخرين فهذا يتخطى حدّ التبليغ المشروع ويصل إلى حدّ الإساءة في استخدام الحق والتعسف فيه بغرض الكيد للزوجة، والدليل على ذلك التنازل عن البلاغ وطلبه عدم إبلاغ زوجته بهذا البلاغ.وعرضت المحكمة الصلح على الطرفين فرضته الزوجة وتمسّك به الزوج، وقالت المحكمة في حيثيات الحكم إن محكمة أول درجة قد عولت على البلاغ بأنه ضرر موجب للتطليق وقد أصابت في قضائها، وأشارت إلى أن المقرر شرعًا «القذف» يترتب عليه الحد، وهو أعظم الأضرار التي تلحق بالمقذوف لذلك رتبت الشريعة عقوبة القذف وجعلته من كبائر الذنوب، وأضافت: أما اعتذار المستأنف وتنازله عن البلاغ فلا يعفيه من تبعات ما تلفظ به من ضرر على المستأنف ضدها، وحيث إن المتبصر في أوراق الدعوى يجد حجم الشقاق بين الطرفين، وحكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام الخاسر بالمصروفات.
مشاركة :