حذرت منظمة هيومن رايتس ووتش، اليوم الاثنين، من خطر أن تشهد مدينة البصرة في جنوب العراق تكراراً لأزمة المياه الكبيرة على غرار العام الماضي، في حال لم تصحح السلطات عقوداً من الإخفاقات الإدارية "المزمنة". ونقل نحو 120 ألف شخص إلى المستشفيات في المحافظة النفطية الجنوبية، جراء تلوث المياه الصيف الماضي، ما أثار احتجاجات كبيرة ضد انعدام الخدمات في بلد يحتل المركز 12 على لائحة البلدان الأكثر فساداً في العالم. ووجدت هيومن رايتش ووتش في تقريرها الاثنين أن الحالة السيئة عموماً لنوعية المياه قد تضاعفت على الأرجح، بسبب ازدياد الطحالب العام الماضي في ممر شط العرب المائي بالبصرة. وأشارت إلى أن الطحالب والتلوث وارتفاع نسبة الملوحة، يمكن أن تسبب معاً أزمة صحية جماعية. واعتبرت المنظمة أن "هذه الإخفاقات مجتمعة، تنتهك حق سكان البصرة في الماء، والصرف الصحي، والصحة، والمعلومات، والبيئة الصحية والملكية (الأراضي والمحاصيل) التي يكفلها القانون الدولي وكذلك القانون الوطني". وانتقدت هيومن رايتس ووتش في تقريرها السلطات العراقية التي "تقاعست عن تحذير السكان بشكل صحيح أو فوري من آثار المياه الملوّثة وكيفية تجنب الضرر، أو عن التحقيق بشكل مناسب في الحالات الجديدة لمحاولة تقييم الأسباب المحتملة للمرض. كما أنها لم تُعلن بعد عن سبب الأمراض المرتبطة بالمياه". وتقول نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة لما فقيه إنه "في حين أن حل أزمة المياه في البصرة سيتطلب التخطيط والمال ويستغرق الوقت، فمن الممكن معالجته ما دامت السلطات تأخذ مسؤولياتها على محمل الجد"، معتبرة أن "البديل قاتل". ويعتمد التقرير على عشرات المقابلات مع سكان البصرة، وخبراء ومسؤولين حكوميين، إضافة إلى تحليل صور الأقمار الاصطناعية للبصرة. وكشفت تلك الصور تسربات نفطية في مياه شط العرب، وازديادا في الطحالب الضارة التي يمكن أن تسبب آلاماً في البطن، والحمى والقيء والإسهال الدموي عند استهلاكها من قبل البشر. إلى جانب التأثير الصحي المباشر، أجبرت أزمة المياه العائلات على الفرار من البصرة بحثاً عن مياه صالحة للشرب، أو شراء مياه معلبة باهظة الثمن، أو إبقاء أطفالها في المنزل إذا لم يكن هناك تمديدات سباكة في المدارس. ومع ندرة المياه وتغير المناخ والتلوث، حذرت هيومن رايتس ووتش من أن البصرة ستعاني من أزمات مائية حادة في السنوات المقبلة في غياب حلول إستراتيجية. وحضت السلطات على تعويض المتضررين وتطوير إستراتيجيات شاملة لمنع التلوث والاستغلال غير المشروع للمياه. كما اعتبرت أنه يتعين على الحكومة إنشاء نظام استشاري صحي للحفاظ على وعي المواطنين بمعايير جودة المياه والأزمات الوشيكة وكيفية التعامل معها.
مشاركة :