ضوضاء تُرافِق تسوية «الخطوة خطوة» لكسْر المأزق السياسي في لبنان

  • 7/24/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لم تحجبْ الضوضاءُ السياسيةُ وطفْرةُ التناقضاتِ التي خيّمتْ على المَشهد في بيروت أمس، الاختراقَ الذي شكّلتْه إحالةُ ملف «حادثة البساتين» (عاليه) على المحكمة العسكرية من ضمن مسارِ تسويةِ «الخطوة خطوة» التي يُعْمَلُ عليها لاحتواء الأزمة التي عبّر عنها احتجازُ جلساتِ مجلس الوزراء منذ نحو شهر. وإذا كان استمرار «معاندة» النائب طلال أرسلان ركوب الحلّ الذي بدأ مسارُه القضائي بإحالة حادثة البساتين على «العسكرية» وإصراره على اعتماد «المجلس العدلي» بعد طرْح الأمر على طاولة مجلس الوزراء والتصويت عليه يطْرح علامات استفهام حول خلفياته ولا سيما أن أرسلان «يحارب بعضلات حلفائه»، أي «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس ميشال عون)، فإن أوساطاً مطلعة تتحدّث عن أن رئيس الجمهورية كما الحزب يريدان الانتهاء من هذا الملف ومعاودة إطلاق عجلة العمل الحكومي تفادياً لترْك البلاد بلا «مظلّة أمان» في لحظة داخلية وخارجية حساسة.وإذ فُهم أن «حزب الله» مع خيار المحكمة العسكرية، الذي كان عرّابُه فريق عون، ولا يحبّذ اللجوءَ الى طرْحِ مسألةِ الإحالة على «العدلي» على التصويت داخل الحكومة أولاً لأن التصويت هو خارج الاتفاق العام المعمول به ولأنه يناقض التوافقية، وثانياً تفادياً لإرساء سابقةٍ لا يريدها الحزب وقد لا تصبّ بمصلحته لاحقاً، أثار كلامٌ لوزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي أسئلةً حول حقيقة موقف فريق عون من التسوية التي يُعمل عليها، كما من خلفيات خطوة الإحالة على المحكمة العسكرية التي يفترض أن تعني واقعياً تعليق المطالبة بـ«العدلي» بانتظار ما سيخلص إليه هذا المسار القضائي لجهة تحديد طبيعة ما حصل في 30 يونيو الماضي وإذا كان مخطّطاً لاغتيال الوزير صالح الغريب (من حزب أرسلان) الذي سَقَطَ اثنان من مرافقيه، أو اشتباكاً مسلحاً بين المرافقين وبين مناصري «التقدمي» الذين كانوا يقيمون وقفةً احتجاجيةً على زيارة رئيس «التيار الحر» الوزير جبران باسيل لبلدة كفرمتى.فجريصاتي، أعلن أن عون أرسى معادلة ثلاثية في مقاربة حادثة البساتين «وهي القضاء والأمن والسياسة، وقد رست الدعوى قضائياً لدى المحكمة العسكرية، وأمنياً استتبّ الوضع في الجبل والاستنابات ستُنفّذ بسوق المتهَّمين الى العدالة كما بجلْب الشهود، أما في السياسة فالمقصود فيها التسوية أي الذهاب بقرار سياسي الى المجلس العدلي، الذي هو بوابة هذه المصالحة (...) ويبقى مجلس الوزراء هو المرجعية (...) واذا تمّ التصويت على المجلس العدلي فإن الإحالة يجب أن تنال النصف زائد واحداً من الحضور، وعلى الجميع الالتزام بنتائج التصويت».وفيما قوبل هذا الموقف بحذَرٍ كبير في أوساط رئيس الحكومة سعد الحريري، «الصامد» برفْضه الحاسم إدراجَ مطلب «العدلي» على جدول أعمال أي جلسة حكومية أو حتى طرْحه كبند من خارج جدول الأعمال كما الزجّ بمجلس الوزراء في انقسامٍ كبير ستُظَهِّرُه أيّ عمليةِ تصويتٍ، وسط انتظارٍ سادَ لعودة باسيل من واشنطن لتبيان الخيط الأبيض من الأسود في موقف فريق رئيس الجمهورية، فقد برزت ملامح لعبة «عض أصابع» في الطريق الى اتضاح الصورة الكاملة للمَخارج التسْووية ولا سيما التي تحْفظ ماء الوجه لأرسلان، وهو ما عبّرت عنه مناخاتٌ لمّحت إلى أن الحريري قد يذهب الى الاعتكاف أو أكثر بحال التمادي في تعطيل الحكومة وتفخيخها بـ«العدلي»، رغم أن أوساطه قلّلت من شأن هذه المناخات. في السياق نفسه، ارتسم ما يشبه «شدّ حبال» على خط «العسكرية» الذي بات المعبر الرئيسي للتسوية، عَكَسَ جانباً منه الوزير وائل أبو فاعور (من فريق رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط) الذي أبدى حذراً حيال خيار «العسكرية»، انطلاقاً من الخشية من جعْله ممراً لسلوك طريق المجلس العدلي.وقال أبو فاعور «المحكمة العسكرية نثق بها ولكن إذا كان البعض يحاول استغلال هذه المحكمة لسلوك طريق مختصرة ولكن غير نزيهة تجاه المجلس العدلي يكون واهماً ومخطئاً، لأن القرار يعود أولاً وأخيراً الى مجلس الوزراء ولن يكون قرار حول المجلس العدلي في مجلس الوزراء».

مشاركة :