تمدد داعش: فرصة لكسر المأزق السياسي في العراق

  • 6/23/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

خلال الأسابيع الماضية، تمكنت «الدولة الإسلامية في العراق والشام» «داعش» وهي مدرجة على لائحة الولايات المتحدة للإرهاب - من السيطرة على الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق كما تمددت في أجزاء أخرى «الانبار ونينوى والحود العراقية - السورية» وفي الواقع أن «داعش» وأسلافها لطالما تواجدوا سرًا في المدينة وقاموا بعمليات مختلفة، شملت جمع التبرعات الكبرى عبر شبكات الجريمة المنظمة، لكن حالة الانهيار الراهنة أظهرت سيطرةً علنية للإرهابيين على الشوارع إلى حدٍّ لم تشهده (المنطقة) منذ عام 2005. وقد باشر تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» هجومه بعمليات تقصّي معمقة أجرتها قوافل مقاتليه عند الأطراف الشمالية والغربية للمدينة في 6 حزيران/يونيو، لكنه سرعان ما تعاظم هذا الهجوم شأنًا وحجمًا. واليوم يتنازع مئات المتشددين علنًا ​​مع القوات الحكومية في الأحياء ذات الأغلبية العربية إلى الغرب من نهر دجلة. وقد اضطر مجلس المحافظة والمحافظ إلى الانسحاب من مكاتبهم، التي تم اجتياحها في 9 حزيران/يونيو؛ وأفادت الأنباء أنهم تحت حماية الأكراد في شرق الموصل. وعند كتابة هذه السطور تسيطر قوات «داعش» على محيط المطار الدولي والقاعدة الجوية العسكرية في المدينة؛ والأسوأ من ذلك، نجح تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» في الاستحواذ على ما يزيد عن 200 مركبة مدرعة زودتها الولايات المتحدة فضلًا عن كميات كبيرة من الأسلحة، مما يعزز قدراته بشكل كبير في العراق وسوريا. وفي الوقت نفسه، تردد أن أكثر من150.000 شخص قد غادروا المدينة، ويمكن رؤية تدفق النازحين على طول الطرق المتجهة خارج المنطقة.وإلى جانب الفاجعة التي ألمّت بالموصل، كان تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» قد نفذ هجمات هذا الشهر على عدة مناطق أخرى: في 5 حزيران/يونيو، شنّ المئات من مقاتلي «داعش» هجومًا كبيرًا على الأجزاء الشرقية من مدينة سامراء، تلك المدينة التي ساهم تفجير المقام الشيعي»هادي العسكري» فيها في شباط/فبراير 2006 في اندلاع حربٍ طائفية منذ عدة سنوات. لكن هذه المرة، أدت الهجمات المضادة الفورية فقط التي قامت بها قوات الأمن - والتي شملت أيضًا اشتراك الميليشيا الشيعية «عصائب أهل الحق» - إلى منع اجتياح المقام وما كان ليستتبعه من سيناريوهات طائفية سلبية. ولا تزال الفلوجة بيد الثوار، وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» يشنّ هجمات مضادة محلية من أجل الحفاظ على خطوط تواصله مع المناطق الريفية في الرمادي وضواحي بغداد الجنوبية. ويقوم تنظيم «داعش» بشن هجمات على طول الخط المتنازع عليه بين العرب والأكراد في شمال العراق، باستغلاله التوترات بين قوات الأمن الاتحادية وقوات البشمركة الكردية. وتواجه بغداد عمليات استهداف مستمرة من قبل موجات من السيارات المفخخة. دحر داعش مصلحة مشتركة للجميع لكلّ فصيلٍ بارز في العراق مصلحة في دحر تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» في الموصل وأماكن أخرى. فالفصائل الشيعية، التي تشمل المعارضين لرئيس الوزراء نوري المالكي، تعتبر «داعش» نموذج الحركة السنية المتسلطة، التي تسعى إلى قتل أو طرد أو قمع الشيعة. أما العرب السنة، حتى أولئك الذين يعارضون المالكي بمرارة، فيجدون في «الدولة الإسلامية في العراق والشام» تهديدًا لوجودهم - إذ إن صمودهم كطبقة سياسية يعتمد على هزيمة «داعش» إلى حدٍّ أكبر من أي فصيل آخر. وقد جاء تنامي قوة هذا التنظيم في العراق في المقام الأول على حساب السلطة السياسية والقبلية والدينية للعرب السنة. إن سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» في الموصل تهدد مباشرة مصالح الأسرة السياسية السنية الأبرز التي تشمل المحافظ أثيل النجيفي وشقيقه رئيس البرلمان والسياسي العربي السني الأكثر تأثيرًا في العراق أسامة النجيفي. وفي الوقت نفسه، شاهد الأكراد السنة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» يزداد قوةً ويصبح أكثر جرأة على مرمى حجرٍ من «حكومة إقليم كردستان» التابعة لهم في الشمال وفي المناطق الكردية من سوريا عبر الحدود. ففي 29 أيلول/سبتمبر 2013، قام تنظيم «داعش» باستهداف العاصمة الكردية أربيل بسيارة مفخخة وإطلاق نار كثيف. إن حكومة إقليم كردستان هي الآن في حالة تأهب قصوى تحسبًا لوقوع هجمات جديدة على المدن الكردية واحتمال شن غارات من قبل تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» على مجتمعات كردية معرضة للخطر في المناطق المتنازع عليها. ولعل بصيص الأمل المحتمل في الأزمة الراهنة هو أنها قد تحث الفصائل العراقية على وضع الاستقرار السياسي نصب أعينها من جديد. ويناقش السياسيون حاليًا قضيتين ذات أهمية حاسمة وهما: تشكيل الحكومة المقبلة عقب الانتخابات البرلمانية في نيسان/أبريل، والخلافات المستمرة حول الإيرادات والتراخيص النفطية بين الحكومة الاتحادية و»حكومة إقليم كردستان». وبغض النظر عن التوازن الدقيق للمقاعد في البرلمان الجديد، تعد كافة المجموعات العرقية والمذهبية الكبرى ضروريةً لتشكيل الحكومة. علاوة على ذلك، في الوقت الذي تتصاعد فيه حدة العنف، يسيطر الأكراد على الاحتياطي الوحيد من القوات العسكرية غير المرتبطة (بالجيش العراقي) وهي «البشمركة». إلا أن «حكومة إقليم كردستان» وجدت نفسها أمام مهمة شاقة في بغداد بسبب حجب مخصصاتها من الموازنة والتدخل في مبيعاتها النفطية المستقلة بواسطة التهديدات القانونية.

مشاركة :