ارتفعت الثلاثاء، حصيلة ضحايا المواجهات بين متظاهرين شيعة والشرطة في العاصمة النيجيرية أبوجا إلى 11 قتيلا على الأقل والعشرات من الجرحى وذلك على إثر احتجاجات نظمتها الحركة الإسلامية للمطالبة بإطلاق سراح زعيمها الشيخ إبراهيم زكزكي، المسجون منذ أواخر 2015 مع زوجته بتهمة “القتل والتجمع غير القانوني”. وقبل خروج مسيرة الثلاثاء، حذّر الرئيس محمد بخاري، وهو سني مثل الغالبية الساحقة من المسلمين في نيجيريا، في بيان “أي شخص أو جماعة من التشكيك في، أو اختبار، عزمنا على اتخاذ الإجراء الذي يخدم المصلحة العليا لغالبية مواطنينا”. ويتواجه الزعيم الشيعي إبراهيم زكزكي منذ سنوات مع السلطات، وهو يدعو إلى ثورة إسلامية مستوحاة من إيران الشيعية في بلد يشكل السنة غالبية المسلمين فيه.وفي نهاية أكتوبر، نظّم أنصار حركة نيجيريا الإسلامية تظاهرة حاشدة في أبوجا. وأسفر قمع التظاهرة عن سقوط 47 قتيلاً، بحسب الحركة ومراقبين، وستة قتلى بحسب الأرقام الرسمية. ويحاكم زكزكي، الموالي لإيران، عن اتهامات بالقتل العمد والتجمهر وتكدير السلم العام واتهامات أخرى منذ أعمال العنف عام 2015. وكان الجيش النيجيري نفذ عملية ضد حسينية “بقية الله” في مدينة زاريا التابعة لولاية كادونا (وسط)، إثر منع مجموعة شيعية عبور قافلة للجنرال توكور بوراتاي في 12 ديسمبر 2015. ويدور خلاف بين زكزكي والسلطات منذ سنوات بسبب دعوته إلى ثورة إسلامية على غرار الثورة الإيرانية، فيما يدين معظم سكان شمال نيجيريا بالإسلام السني. ودفع الدعم الإيراني السخي الحركة الإسلامية النيجيرية إلى تحدّي الدولة، ومواجهتها بالقوة، فضلا عن استهداف خصومها السنة الذين لا يحصلون على دعم سخي مثلها من الخارج. وتقول تقارير مختلفة إن الحركة الإسلامية النيجيرية تلقت من إيران دعما عسكريا وتدريبات على حروب العصابات واستخدام الأسلحة الخفيفة وتصنيع القنابل اليدوية، فضلا عن الدعم المباشر للدعاية الدينية وسفر قياداتها إلى إيران لتلقي التكوين الديني وإعلان الولاء للمرجعية هناك. ويأتي التركيز على نيجيريا ضمن خطة أشمل للتوسع في أفريقيا، وتستفيد إيران في ذلك من تراجع الجمعيات المدعومة من دول الخليج تحت وطأة الحرب على الإرهاب. وتسعى إيران إلى تأسيس أذرع سياسية وعسكرية لها في عدد من الدول ذات الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية لتكون أداة في تمرير وتنفيذ مخططاتها، وداعما لها عند الحاجة، ومنفذا يتنفّس من خلاله ذراعها الرئيسي حزب الله ويوظّف أمواله.وقال الباحث المتخصص في الإسلام السياسي رشيد الخيون في تصريح لـ”العرب”، “إن الكسب المذهبي جار بالبلدان الأفريقية، وبرز أكثر بنيجيريا، بين غير المسلمين والوثنيين، وإن مؤسسات دينية غير حكومية كانت تبعث بمبشريها إلى هناك، لكن بعد الثورة الإيرانية الإسلامية وتربع رجال الدين على السلطة بطهران، أخذ التنافس في الكسب منحى رسمياً”. وأضاف الخيون “صار المتشيعون الجدد يمثلون نواة لأتباع ولاية الفقيه، وليس لمرجعيات أخرى، وقد ترتب على ذلك وجود تنظيم حزبي، على شاكلة حزب الله، فإبراهيم زكزكي فقيه الشيعة هناك يتبع ولاية الفقيه بطهران”. وتابع “الأخطر في الوقت الحاضر، والماضي أيضاً، هو الكسب المذهبي، لأنه يؤدي إلى صدامات ومعارك، كالتي تواجهها نيجيريا بين وقت وآخر، إلى جانب ضياع الانتماء الوطني بحضور الانتماء المذهبي بقوة، مع علمنا أن تلك الشعوب التي دخلت إلى التشيع أو ما تركه الكسب السلفي، والذي ظهر منه تنظيم داعش تحت اسم بوكو حرام النيجيرية، لم تفهم شيئاً من الإسلام بقدر ما غرست فيها الكراهية المذهبية”. واستدرك الباحث في الإسلام السياسي “إيران تنظر إلى الوجود الشيعي في أي مكان على أنه حاضنة لفكرة ولاية الفقيه، وامتداد لإيران الإسلامية، وتلك الجماعات الشيعية بنيجيريا أو غيرها أكثر طاعة من الشيعة العرب لإيران، والسبب أنها تجهل ما قبل ولاية الفقيه من التشيع، والذي أكثره ضد تلك الولاية، والحال ينطبق على الجماعات الجهادية السلفية”.
مشاركة :