خفض صندوق النقد الدولي أمس، توقعاته للنمو العالمي هذا العام والعام المقبل، محذرا من أن مزيدا من الرسوم الجمركية الأمريكية الصينية أو خروج بريطانيا غير منظم من الاتحاد الأوروبي قد يؤدي إلى تباطؤ النمو وإضعاف الاستثمار وتعطيل سلاسل الإمداد. وبحسب "رويترز"، قال "صندوق النقد"، إن المخاطر اشتدت وإنه أصبح يتوقع نمو الاقتصاد العالمي 3.2 في المائة في 2019 و3.5 في المائة في 2020، بانخفاض 0.1 نقطة مئوية لكلا العامين مقارنة بتوقعاته في نيسان (أبريل) الماضي، وفي خفض هو الرابع له منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وتشير البيانات الاقتصادية منذ بداية العام وتباطؤ التضخم إلى نشاط أضعف من المتوقع، حسبما ذكر المقرض الدولي، في حين تنطوي التوترات التجارية والتكنولوجية وضغوط انكماش الأسعار المتنامية على مزيد من المخاطر المحتملة في المستقبل. وقلص صندوق النقد توقعه لنمو التجارة العالمية 0.9 نقطة مئوية إلى 2.5 في المائة في 2019. ومن المنتظر أن تنتعش التجارة لتنمو 3.7 في المائة في 2020، لكن بانخفاض نحو 0.2 نقطة مئوية عن التوقع السابق. وقال إن نمو حجم التجارة تراجع إلى نحو 0.5 في المائة في الربع الأول من العام، مسجلا أبطأ وتيرة له منذ 2012، مع تأثر الاقتصادات الآسيوية الناشئة على نحو خاص بالتباطؤ. وقالت جيتا جوبيناث، كبيرة اقتصاديي الصندوق، خلال مؤتمر صحافي في سانتياجو، تشيلي، إن الاقتصاد العالمي عند "مفترق دقيق"، وحثت الدول على تحاشي فرض الرسوم لمعالجة اختلالات التجارة الثنائية أو كسبيل لحل الخلافات الدولية. وأضافت، "أحد المخاطر الرئيسة التي تشوب التوقعات يظل يتمثل في تصاعد التوترات التجارية والتكنولوجية التي يمكن أن تعطل سلاسل الإمداد العالمية بشكل كبير"، مجددة تأكيد تقديرات صندوق النقد أن الرسوم المفروضة في 2018 والرسوم الجديدة التي جرى التلويح بها في أيار (مايو) قد تخفض الناتج الاقتصادي العالمي 0.5 في المائة في 2020. وقالت إن من بين المخاطر الكبيرة الأخرى حدوث تباطؤ مفاجئ في الصين وعدم تعافي منطقة اليورو وخروج بريطانيا دون اتفاق من الاتحاد الأوروبي وتفاقم التوترات الجيوسياسية. وقالت، "لا يوجد ركود في تصورنا الأساسي، لكن ثمة مخاطر كبيرة.. التعافي يعتمد على تعافي الاقتصادات الناشئة والمتقدمة المتأزمة، ومن ثم يوجد عدم تيقن كبير في هذا الصدد". وحذر "صندوق النقد" في تقريره ربع السنوي من أن مزيدا من الرسوم الأمريكية الصينية، وفرض رسوم أمريكية على السيارات، أو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، قد يتمخض عن تآكل الثقة وإضعاف الاستثمار وخلخلة سلاسل الإمداد العالمية ونمو عالمي بطيء للغاية عن التصور الأساسي. وتوجد توقعات التجارة الضعيفة أوضاعا غير مواتية للاستثمار، بينما تبدي الشركات تشاؤما بشكل خاص حيال طلبيات التوريد الجديدة، وإن كانت المعنويات في قطاع الخدمات، قد أثبتت متانتها، ما عزز التوظيف وثقة المستهلك. وتنامت في الأشهر الأخيرة مخاطر أخرى مثل التوترات في الخليج، والقلاقل الداخلية في عديد من الدول، ما يثير شبح "تكلفة إنسانية مروعة وضغوط هجرة.. وتقلبات أعلى في أسواق السلع الأولية". وقال صندوق النقد إن النمو أفضل من المتوقع في اقتصادات متقدمة مثل الولايات المتحدة، وإن العوامل الاستثنائية التي كبحت النمو في منطقة اليورو تتلاشى، كما كان متوقعا. وزاد الصندوق توقعه لنمو الاقتصاد الأمريكي إلى 2.6 في المائة في 2019، لكن أبقى على توقعه لعام 2020 عند 1.9 في المائة دون تغيير. ورفع توقعه لنمو منطقة اليورو إلى 1.6 في المائة في 2020، بينما أبقى على توقع 2019 كما هو عند نمو يبلغ 1.3 في المائة. وخفض "صندوق النقد" توقعاته للنمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى أدنى مستوى منذ أكثر من عشر سنوات، وذلك بسبب التوتر في المنطقة. في المقابل، رفع الصندوق توقعاته للنمو الاقتصادي في السعودية، أكبر اقتصاد في المنطقة، بمقدار 0.1 في المائة إلى 1.9 في المائة، ويرتفع إلى 3 في المائة بحلول عام 2020، مقابل 2.1 في المائة في نيسان (أبريل) الماضي، وفقا لـ"الفرنسية". وبحسب الصندوق، فإن هذا يعود إلى التوقعات باكتساب القطاع غير النفطي في السعودية مزيدا من القوة في عام 2019. وقال "صندوق النقد" في تحديث لتقريره بشأن "آفاق الاقتصاد العالمي"، إنه يتوقع أن يبلغ النمو في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان 1 في المائة، وهو أدنى معدل على الإطلاق منذ وضع الصندوق دول هذه المنطقة في مجموعة واحدة في 2009. وهذا التخفيض، الخامس في عام واحد، هو أقل بنصف نقطة مئوية عن توقعات نيسان (أبريل) الماضي. وأكد صندوق النقد أن السبب في هذا التخفيض يرجع بشكل كبير إلى تعديل توقعاته للنمو في إيران. وأضاف الصندوق "أن الآفاق المتوقعة لهذه المنطقة تزداد صعوبة في ظل الصراعات الأهلية في اقتصادات أخرى، منها سورية". وحسب "صندوق النقد"، فإن أسعار النفط، وهي المحرك الرئيس للعائدات في المنطقة، ستؤثر أيضا في النمو. وفي تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لشهر نيسان (أبريل)، توقع الصندوق انكماش الاقتصاد الإيراني بنسبة كبيرة بلغت 6.0 في المائة لعام 2019، في أسوأ أداء لهذا الاقتصاد منذ تقلصه بنسبة 7.7 في المائة في عام 2012 بسبب العقوبات على النفط الإيراني وانخفاض عائدات النفط. وذكر تقرير مشترك بين معهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز و"أكسفورد إيكونومكس"، أنه من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد الإيراني بمقدار 7 في المائة هذا العام. وبرر الصندوق أيضا تخفيض توقعاته إلى تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وطهران و"تصاعد التوترات الجيوسياسية في منطقة الخليج". ولفت الصندوق إلى أن "الصراعات الأهلية في كثير من البلدان تؤدي إلى ضغوط الهجرة في البلدان المجاورة، كما يفضي اقترانها بالتوترات الجيوسياسية إلى زيادة التقلب في أسواق السلع الأولية".
مشاركة :