حظي الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي الذي توفي اليوم (الخميس)، عن 92 عاماً، بسجل سياسي حافل يعود إلى النصف الأول من القرن الماضي. وأعلنت الرئاسة التونسية، اليوم، خبر وفاة السبسي عقب نقله، أمس (الأربعاء)، إلى المستشفى العسكري بالعاصمة تونس. كان السبسي، المولود بضاحية سيدي بوسعيد الراقية بالعاصمة عام 1926 وخريج كلية الحقوق في باريس عام 1950، شاهداً على بدايات تأسيس الدولة التونسية الحديثة إبان الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي في عام 1956، وقد تقلد عدة مناصب في حكومات متعاقبة منذ ذلك الحين. لكن تاريخ السبسي كمحامٍ وسياسي بدأ فعلياً قبل ذلك، حينما كان عضواً بالحزب الحر الدستوري الجديد الذي ناضل ضد الاستعمار، كما كان مستشاراً للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، باني دولة الاستقلال وأول رئيس لتونس. وقد ظل السبسي ينظر إلى بورقيبة حتى بعد وفاته عام 2000 كأبيه الروحي ولطالما كرر ذلك في خطاباته، على الرغم من مغادرته الحزب الاشتراكي الدستوري الحاكم عام 1974، لتأييده الدعوات إلى إجراء إصلاحات سياسية قبل أن يعود إلى الحكومة في عام 1980. وشغل السبسي طيلة فترة حكم بورقيبة حقائب وزارية مهمة، بينها أساساً الدفاع والداخلية والخارجية. وبعد صعود الرئيس السابق زين العابدين بن علي إلى سدة الحكم في انقلاب أبيض عام 1987، انتُخب في البرلمان وتولى رئاسته بين عامي 1990 و1991. وبعد فترة توارى فيها عن العمل السياسي، عاد السبسي إلى الواجهة بتوليه رئاسة الحكومة المؤقتة إثر الإطاحة بحكم بن علي في ثورة شعبية عام 2011، ليقود البلاد إلى أول انتخابات ديمقراطية ونزيهة في نفس العام أفرزت فوز الإسلاميين بالحكم. وأسس السبسي حزب «حركة نداء تونس» بعد ذلك بعام، وكان الهدف التصدي لهيمنة التيارات الإسلامية على المشهد السياسي والحكم، وقد نجح في إزاحتهم من السلطة بعد فوز حزبه بالانتخابات التشريعية التي جرت في عام 2014 وصعوده إلى الرئاسة بفوزه في الدور الثاني على حساب الرئيس السابق المنصف المرزوقي. ويُحسب للسبسي أنه أسهم في تجنيب تونس الانزلاق إلى الفوضى بتفادي الصدام مع التيارات الإسلامية، في ذروة الأزمة السياسية التي شهدتها البلاد في عام 2013 عقب اغتيال السياسيَّين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، بأن انتهج سياسة التوافق مع زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي. لكن الرئيس الراحل لقي انتقادات من داخل حزبه لتحالفه مع حركة النهضة في الحكم عقب انتخابات 2014، وكان ذلك أحد أسباب الخلافات التي عصفت بـ«نداء تونس»، حيث شهد انشقاقات أدت إلى إضعافه وخسارته الأغلبية وانقسامه. وصدر للسبسي كتاب «الحبيب بورقيبة... الأهم والمهم» عام 2011 وكتاب «الحبيب بورقيبة... البذرة الصالحة والزؤام» عام 2009.
مشاركة :