شوبنهاور.. فيلسوف متشائم ألهم الفنانين والمفكرين

  • 7/26/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة: «الخليج» يعد «شوبنهاور» أكثر الفلاسفة المقروئين من بين الفلاسفة الألمان، ويقدم «كريستوفر جاناواي» في كتابه «شوبنهاور.. مقدمة موجزة» الذي ترجمه إلى العربية سعيد توفيق، وصدر عن المركز القومي للترجمة في القاهرة، شرحاً بليغ الإيجاز لمذهب شوبنهاور الميتافيزيقي، مركزاً على الجوانب الأصيلة من أفكاره التي ألهمت كثيراً من الفنانين، والمفكرين.يواجه كريستوفر جاناواي رؤية شوبنهاور العنيدة التي تذهب إلى أن إنكار الذات، أي الفرار من الإرادة، هو وحده ما يمكن أن يجعل للحياة قيمة، وشوبنهاور يتبدى في هذا الكتاب مفكراً مثيراً وتقدمياً واسع التأثير، حيث يهدف الكتاب إلى تقديم تفسير متعاطف مع فلسفة شوبنهاور، وإن كان ناقداً لها.لقد شيد شوبنهاور مذهباً ينطوي على الميتافيزيقا، ونظرية المعرفة، وفلسفة العقل، وعلم الجمال، وعلم الأخلاق، ومعنى الحياة، لكن فلسفته كمذهب كامل كان لها قليل من الأتباع، ولم يؤسس أبداً مدرسة فكرية، فتأثيره في تاريخ الفكر، بخلاف ذلك كان يتمثل في إثارته وإلهامه لأجيال من المفكرين والفنانين، بدءاً من فاجنر، حتى فتجنشتاين.ويرى البعض أن أفكار شوبنهاور تعد تصوراً مسبقاً لآراء فرويد، وكان وقع تأثيره الأهم في نيتشه، الذي وجد نتائجه التشاؤمية جذابة في البداية، ثم اعتبرها منفرة بعد ذلك، لكنه كان دائماً في حالة تحاور مع «معلمه العظيم». لقد شكك شوبنهاور بشكل أساسي في قيمة الوجود، فالوجود عنده بلا هدف، وصراع أليم، والخلاص من عناء هذا الوجود يأتي بفقدان المرء لفرديته في التجربة الجمالية، في ما يتعلق بالعالم، وإذ يدرس هذا الكتاب كل الجوانب الأساسية في مذهب شوبنهاور الفلسفي، فإنه يأمل في إظهار طابع التحدي في الأسئلة التي يثيرها حول الوجود الإنساني.ويوضح الكتاب أنه على الرغم من أن معظم كتابات شوبنهاور قد كتبها في فرانكفورت حينما كان في الخامسة والأربعين من عمره، ومع ذلك فإن السنوات الواقعة بين عامي 1810 و1818 هي السنوات التي أنتج فيها مجمل مذهبه الفلسفي الذي بفضله كانت شهرته، وينبغي أن نتذكر أن الطاقة الإبداعية - كما ذكر نيتشه - المتمردة لرجل في العشرينات من عمره، هي التي أنتجت «العالم إرادة وتمثلاً»، أما سنوات نضج العمر، فقد انشغل فيها شوبنهاور بتعزيز الموقف الذي قدمه في عمله الأساسي، وفي إضافة الملاحق الشارحة، لكن ذلك العمل ظل يلقى تجاهلاً من العالم الثقافي، حتى أوشكت حياة مؤلفه على النهاية.ويشير الكتاب إلى أن الروح الاستقلالية هي أكثر السمات المميزة لطبيعة شوبنهاور، فهو يكتب بلا خوف، وبقليل من الاحترام للسلطة، ويمقت الخضوع للتقاليد السائدة، التي وجدها في المؤسسة الأكاديمية الألمانية، لكن وراء هذا تكمن حقيقة لها دلالتها، هي أنه كان أيضا ًمستقلاً مادياً، فحينما أصبح بالغاً ورث ثروة كانت كافية لتؤمّن معاشه بقية حياته.

مشاركة :