أشهر ما يُعرف به أرتور شوبنهاور التشاؤم والسوداوية، سوى أن ذلك حجب عنا الكثير من علمه وحكمته، فعلى سبيل المثال، قل أن ينتبه أحد إلى كتابه المهم «فن العيش الحكيم»، ولا إلى تبصراته الروحية، ونصائحه حول الطريقة التي يجب أن تُعاش بها الحياة. وهو كان أستاذًا لفلاسفة عظام، على رأسهم فردريك نيتشه الذي كتب كتابًا عنه أسماه «شوبنهاور مُربيًا»، صحيح أن خلافًا حدث بين الرجلين بسبب مسألة فلسفية بحتة، لكن هذا لا ينفي الأثر الحاسم الذي تركه أرتور شوبنهاور في الحركة الفلسفية والفكرية بعده. وفي الحادي والعشرين من سبتمبر غادر العالم هذا الفيلسوف المتوحد، واحتفاءً بهذه المناسبة، يقدم «رواد الأعمال» نبذة عن حياته وأعماله. اقرأ أيضًا: فريدريك إنجلز.. الرجل الموسوعةوُلد أرتور شوبنهاور عام 1788، في دانزينغ، وكان والداه من نسل العائلات الأرستقراطية الألمانية الغنية.انتحر والده في عام 1805، وبعدها أقامت أمه صالونًا أدبيًا في فايمار؛ حيث أصبحت صديقة غوته وبعض الأدباء البارزين وكتبت اثنتي عشرة رواية رومانسية، لكن أسلوبها لم يرق لابنها.اشتغل بأعمال التجارة نزولًا على رغبة والدة؛ حيث أراد أن يكون ابنه خليفته في إدارة شركته، ولم يرد أن يخون ثقة والده بعد وفاته.لكنه في النهاية ترك هذا العمل ليتفرغ لفلسفته، وحثته أمه على ذلك في رسالة أرسلتها له تطلب منه أن يسير في الدرب الذي يحبه ويرغب فيه.التحق بجامعة غوتينغن في 1809م، وهناك درس الميتافيزيقيا وعلم النفس على يد الفيلسوف “جوزيف إرنست شولز” وتأثر بشكل خاص بأفكار أفلاطون وإيمانويل كانط.حضر محاضرات للفيلسوف البارز يوهان جوتليب فيشته؛ وعالم اللاهوت فريدريك شليرماخر في برلين خلال الفترة من 1811 إلى 1812م.قام بعدها بإعداد رسالتين فلسفيتين وقدمهما للأكاديمية الملكية الدنماركية، وفازت إحداهما بجائزة بينما تم التغاضي عن الثانية، وبعدها قدم رسالة الدكتوراه والتي حملت عنوان “الجذر الرباعي للعلة الكافية” والتي ينظر إليها باعتبارها مدخلًا إلى فلسفته.بدأ العمل على كتاب “العالم إرادةً وتمثلًا” في عام 1814. استغرق الأمر منه بضع سنوات لاستكمال العمل الذي تم نشره في نهاية المطاف في عام 1818.قام بالتدريس بجامعة برلين (1820 – 1831م) ولم يكن موفقًا ولا مقبولًا من الطلاب، وعزا هو ذلك إلى غيرة الأساتذة الآخرين منه، وتآمرهم ضده، كما لم تكن كتبه تلقى رواجًا، ما سبب له إحساسًا مضاعفًا بالشقاء والتعاسة.في عام 1831، كتب مقالة ساخرة بعنوان “فن أن تكون دائمًا على صواب»، وفيه قدم 38 طريقة للتغلب على الخصوم في النقاش.نشر بعدها مقالة بعنوان “عن حرية الإرادة” حاول فيها الإجابة عن السؤال الأكاديمي “هل من الممكن إظهار إرادة الإنسان الحرة من الوعي الذاتي؟”.نشر طبعة ثانية من كتاب “العالم إرادة وتمثلًا” في عام 1844. وكان يحتوي على مجلدين.دفع مزاج شوبنهاور به إلى اختيار نوعية معينة من الكتب، وكان اختياره منصبًا على دراسة بوذا، ثم كتب الديانة الهندية.كان له بعض المال الذي ورثه عن أبيه، ومكّنه استغلاله لهذا المال من الحصول على غرفتين بأحد الفنادق المتوسطة، عاش فيهما طوال الثلاثين عامًا الأخيرة من حياته.لم يتزوج شوبنهاور أبدًا، ولكن كان له علاقة مع كارولين ريختر؛ مغنية الأوبرا، ابتداءً من عام 1821م.عند تفشي الكوليرا غادر برلين إلى فرانكفورت في عام 1833 وعاش هناك وحيدًا، باستثناء كلبه الصغير الذي كان مرافقه دومًا.توفي أرتور شوبنهاور بسبب قصور في القلب في 21 سبتمبر عام 1860 أثناء جلوسه داخل المنزل على أريكة مع قطة له. اقرأ أيضًا: هانس كريستيان أندرسن.. الأب الأدبي للأطفال أهم المعلومات عن جوزيف كونراد مؤلف «قلب الظلام» معلومات عن هيرمان ملفيل مؤلف رواية “موبي ديك”
مشاركة :