الخرطوم - الوكالات: أكد قادة حركة الاحتجاج في السودان أمس الاتفاق مع قادة مجموعات متمردة على العمل سويا من أجل تحقيق «سلام شامل» في مناطق النزاع، بعد أن أبدت حركات مسلحة شاركت في الاحتجاجات تحفظاتها حيال اتفاق لتقاسم السلطة مع المجلس العسكري الحاكم. ووقع تحالف قوى الحرية والتغيير الذي يقود الاحتجاجات والمجلس العسكري الحاكم اتفاقا لتشكيل مجلس عسكري مدني مشترك يؤسس لمرحلة انتقالية تدير البلاد 39 شهرا، وهو مطلب رئيسي للمحتجين. لكنّ ثلاث مجموعات مسلحة منضوية في حركة الاحتجاج عارضت الاتفاق، معتبرة أنه فشل في إبراز أولوية إحلال السلام في مناطق النزاع في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. وتطلب ذلك توجه مجموعة من قادة الاحتجاج إلى اديس ابابا لمباحثات مع المتمردين. وبعد أيام من المباحثات المكثفة أعلنت حركة الاحتجاج امس التوصل إلى اتفاق. وأعلن «تجمع المهنيين السودانيين» الذي أطلق حركة الاحتجاجات في ديسمبر الفائت، في بيان على صفحته على فيسبوك، أنّ «الاتفاق ناقش قضايا الحرب والسلام الجوهرية وجذور المشكلة السودانية». وأوضح أن «قوى الحرية والتغيير تهدف عبره إلى فتح الطريق واسعا من أجل الوصول إلى اتفاق سلام شامل مع كل حركات الكفاح المسلح»، مؤكدا أن «الاتفاق يمهد للوصول إلى السلام الشامل بصورة عاجلة فور البدء في عملية الانتقال إلى الحكم المدني». وقال التجمع إنّ الاتفاق الذي يحمل اسم «إعلان أديس أبابا» هدفه الإسراع في تشكيل السلطة المدنية الانتقالية. وأكد أن «أولى مهام السلطة المدنية الانتقالية تحقيق اتفاق سلام شامل يبدأ بإجراءات تمهيدية عاجلة تم الاتفاق عليها تعمل على خلق المناخ المؤاتي للسلام». وأوضح التجمع ان الحركات المتمردة المسلحة التي تطلق على نفسها الجبهة الثورية «توافقت مع قوى الحرية والتغيير حول الانتقال إلى السلطة المدنية والربط العضوي بينها وبين قضايا السلام». من جهته، قال نور الدائم محمد طه أحد ممثلي الحركات المتمردة لوكالة فرانس برس في اديس ابابا: «بهذا الاتفاق سنكون متحدين، سنكون أكثر قوة. هذا الاتفاق سيدعم انتقال السلطة من حكومة عسكرية إلى حكومة مدنية». وتابع: «انها المرة الاولى في التاريخ أن يعالج اتفاق الاسباب الجذرية للنزاعات في السودان». واحتشد عشرات من أنصار تجمع المهنيين أمام مقره في حي بوري في شرق العاصمة ابتهاجا بالتوصل إلى الاتفاق. وقال المتظاهر عمر الداير الذي وضع علم بلاده حول رقبته إنّ «تحقيق السلام مهم جدا لأن كل السودان لا بد أن يكون موحدا بعد انتهاء الفترة الانتقالية». وتابع أن ذلك «لا بد أن يشمل عودة النازحين إلى ديارهم أيضا». واعتبر المتظاهر مصعب الشريف أنّ «اتفاق السلام في اديس ابابا خطوة جيدة للغاية من أجل الاستقرار في السودان». ولوّح المتظاهرون بأعلام بلادهم وسط هتافات «مدنية مدنية» الداعمة لمطلب المحتجين الرئيسي بتسليم الجيش السلطة إلى حكومة مدنية. وتقاتل الحركات المسلحة حكومة الرئيس السوداني المعزول عمر البشير منذ اعوام في إقليم دارفور بولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. وأدت هذه النزاعات إلى مقتل الآلاف ونزوح الملايين، فيما لا يزال مئات الالاف يعيشون في مخيمات لجوء في ظروف مزرية. ويحكم المجلس العسكري السودان منذ أطاح الجيش الرئيس البشير في 11 أبريل الفائت بعد أشهر من التظاهرات في أرجاء البلاد احتجاجا على عهده الذي استمر ثلاثة عقود. ومن المقرر أن يواصل المجلس وقادة الاحتجاجات المفاوضات من أجل التوقيع على الإعلان الدستوري الذي يتضمن مسائل خلافية معقدة، وتطالب الحركات المتمردة أن ينص هذا الإعلان على أنّ تولي الحكومة الجديدة مفاوضات السلام أولوية قصوى. وقالت مصادر إنّ الحركات المتمردة تريد ان يتولى ممثلوها مناصب في الحكومة الانتقالية، كما تطالب بتسليم المتهمين من قبل المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وبينهم البشير. ويواجه البشير الذي حكم السودان ثلاثة عقود اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية لدوره في النزاع الذي اندلع في عام 2003 في إقليم دارفور.