تشير الأبحاث إلى أن شرب فنجانين أو أكثر من القهوة يوميا أثناء الحمل قد يؤدي إلى تلف الكبد. فقد يؤدي الكثير من الكافيين إلى إبطاء تطوره وزيادة خطر إصابة الطفل بمرض الكبد الدهني أو مرض السكري في مرحلة البلوغ. وجدت دراسة أجريت على الفئران، نشرتها صحيفة دايلي ميل البريطانية، أن 120 ملغ من الكافيين يوميا كان كافيا لخفض مستويات هرمون حيوي لنمو الكبد. ويقول العلماء إن نفس التأثير ينطبق على البشر عندما تتناول النساء مشروبات تحتوي على مادة الكافيين أثناء الحمل. وأوضح الباحثون أن هذه العادة “شائعة”، حيث تحظى القهوة والشاي والمشروبات الغازية بشعبية بين الأمهات الحوامل. ومع ذلك، قال أحد الخبراء إن البحث كان ضعيفا للغاية وليس مبررا كي لا يُسمح للنساء بتناول الشاي والقهوة أثناء الحمل، ولا يوجد أي ضمان للتأثير على البشر. مرض الكبد الدهني غير الكحولي ينجم عن تراكم الدهون في الكبد، بينما لا يحتوي الكبد الصحي على الدهون اختبر باحثون من جامعة ووهان في الصين نظريتهم عن طريق تغذية الكافيين للجرذان الحوامل واختبار حالة أطفالها. ووجدوا أن المجموعة التي تناولت الكافيين، بدءا بجرعة 120 ملغم يوميا (متوسط فنجان القهوة يحتوي على حوالي 95 ملغم)، لديها ذرية أقل صحة. في الدراسة، أعطى العلماء الفئران كميات من الكافيين تعادل تسعة أكواب من القهوة. فتسبب الكافيين في انخفاض هرمون يسمى عامل النمو الشبيه بالأنسولين (آي.جي.اف-1)، والذي يشجع النمو في الجسم ويمكن أن يقلل من مستويات السكر في الدم. ونتيجة لذلك، وجدوا أن الصغار قد أصيبوا بنمو “تعويضي” في كبدهم بعد الولادة، مما قد يؤدي إلى نمو غير طبيعي، على حد قول الفريق. وتجدر الإشارة إلى أن إرشادات الخدمة الصحية الوطنية في إنكلترا توصي النساء الحوامل بألا يشربن أكثر من 200 ملغ من الكافيين يوميا وهو ما يعادل حوالي كوبين من القهوة. ويفسر الأخصائيون أن الكثير من الكافيين يمكن أن يسبب انخفاض الوزن عند الولادة وقد يزيد أيضا من خطر تعرض الأم للإجهاض. وقال الدكتور ينكزيان وان، مؤلف الدراسة، “تشير نتائجنا إلى أن الكافيين قبل الولادة يسبب زيادة في نشاط هرمون الإجهاد لدى الأم”. كما يمكن أن يمنع الكافيين نشاط (آي.جي.اف-1) المسؤول عن نمو الكبد قبل الولادة.ومع ذلك، فإن الآليات التعويضية تحدث بعد الولادة لتسريع النمو واستعادة وظائف الكبد الطبيعية، مع زيادة نشاط (آي.جي.اف-1)، وتناقص إشارة هرمون التوتر. وأضاف وان “إن زيادة خطر الإصابة بمرض الكبد الدهني الناجم عن التعرض للكافيين قبل الولادة هي على الأرجح نتيجة لنشاط (آي.جي.اف-1)، المعزز للتعويض بعد الولادة”. وينجم مرض الكبد الدهني غير الكحولي عن تراكم الدهون في الكبد، بينما لا يحتوي الكبد الصحي على الدهون داخله أو حوله، على الإطلاق. وتعتبر حالة الكبد الدهني أكثر شيوعا بين الناس الذين يعانون من زيادة الوزن. وقد يقلل ذلك من وظائف الكبد ويزيد من خطر الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض الكلى في مرحلة البلوغ. وقال الدكتور ون “إن عملنا يشير إلى أن الكافيين قبل الولادة ليس جيدا للأطفال وعلى الرغم من أن هذه النتائج لا تزال بحاجة إلى تأكيد لدى الناس، فإنني أوصي النساء بتجنب الكافيين أثناء الحمل”. وقالت الدكتورة ميشيل بيلينجهام، محاضرة العلوم في جامعة غلاسكو، “في حين أن هذه دراسة شيقة ومكثفة وتستند إلى المعرفة السابقة بأن تناول الكافيين المرتفع للأمهات قد يسبب آثارا ضارة على الجنين، فإنه يجب أن نضع في اعتبارنا أن هذه النتائج ارتبطت بالفئران”. وهذا يعني أنه قد لا يكون للكافيين نفس التأثيرات تماما كما في البشر بسبب الاختلافات الكامنة في الأنواع (مثل الاختلافات في التمثيل الغذائي والتأثيرات الوراثية والبيئية). وأردفت “نحتاج إلى إجراء المزيد من الأبحاث على البشر قبل أن نعرف ما إذا كانت هذه النتائج تترجم إلى أشخاص وقد تختار بعض النساء الحوامل تجنب الكافيين، الذي لن يسبب أي ضرر، لكن ذلك سيكون احترازيا ولا تبرره هذه الدراسة وحدها”. كما قالت باحثة أخرى، الدكتورة سارة ستوك من جامعة إدنبرة، “تظهر هذه الدراسة أن الفئران التي تعطى كميات كبيرة من الكافيين أثناء الحمل لها جراء أصغر حجما وبعض التغييرات في نمو الكبد”. وعلى الرغم من أن هذه دراسة مثيرة للاهتمام في نموذج حيواني، إلا أن الصلة بالحمل البشري ليست واضحة للغاية. كما أن جرعات الكافيين المستخدمة في الدراسة كانت أعلى بكثير من توصيات الحمل الحالية. وأوضحت ستوك “التوصيات في المملكة المتحدة تدعو النساء الحوامل للحد من الكافيين إلى أقل من 200 ملغ في اليوم ومعظم النساء الحوامل في المملكة المتحدة يستهلكن أقل من هذا في الواقع”. وجدير بالذكر أن الكلية الأميركية لأطباء التوليد وأمراض النساء توصلت إلى أن مخاطر الولادة المبكرة أو ولادة أطفال أقل وزنا تزيد حتى لدى النساء اللاتي يتناولن أقل من 200 مليغرام من الكافيين يوميا وهي الكمية الآمنة خلال أشهر الحمل. وقال لينج وي تشين، قائد فريق الدراسة وهو باحث في جامعة دبلن بأيرلندا في رسالة بالبريد الإلكتروني، “استنادا إلى الصلات الثابتة التي لاحظناها، ولأن العديد من حالات الحمل غير مخطط لها فإننا ننصح الحوامل أو النساء الراغبات في الحمل على الأقل بالحد من استهلاك القهوة والشاي اللذين يحتويان على الكافيين”. وأضاف أن الدراسة لا يمكنها تفسير العلاقة بين السبب والنتيجة. وكتب تشين وزملاؤه في الدورية الأميركية للتغذية السريرية أن العديد من الدراسات السابقة ربطت التعرض للكافيين في الرحم بتأثيرات سلبية. وفي معظم هذه الدراسات كانت القهوة هي المشروب الرئيسي الذي يحتوي على الكافيين. وخلال الدراسة فحص فريق تشين 941 زوجا من الأمهات والأطفال في أيرلندا حيث يحتسي الناس الشاي أكثر من القهوة. وكان أكثر من نصف الأمهات في الدراسة يحتسين الشاي بينما كان نحو 40 بالمئة منهن يفضلن القهوة. وكانت كل 100 مليغرام إضافية من الكافيين يوميا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل ترتبط بانخفاض وزن المولود 72 غراما وبانخفاض كبير في فترة الحمل وتقلص طول الطفل ومحيط رأسه عند الولادة.
مشاركة :