الإيرانيون يمارسون لعبة القط والفأر مع الرقابة

  • 7/27/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

قبل أن تتمكن نازيلا أكبري من الاطلاع على تويتر ويوتيوب، تجولت عبر مجموعة من الأيقونات على هاتفها الذكي باحثة عن الطريقة المثلى لتجاوز الرقابة التي تفرضها الدولة على شعبها. أصبحت لعبة القط والفأر روتينية في إيران، حيث تقيد الحكومة التي يديرها رجال الدين حق الوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعي. كما تخلق العقوبات الأميركية حواجز أخرى. وقالت أكبري، وهي مطوّرة برامج إلكترونية تبلغ من العمر 30 عاما، “أقضي 40 دقيقة كل يوم حتى أتمكن من الوصول إلى شبكة الإنترنت التي لا تخضع للرقابة. وحتى بعد أن أنجح في ذلك، تبقى الإنترنت بطيئة إلى درجة أنني أواجه صعوبة في مشاهدة مقطع فيديو قصير”. سعت السلطات الإيرانية إلى الحدّ من تأثير الثقافة الغربية منذ الثورة التي أطاحت بالشاه سنة 1979. واليوم، تحجب الحكومة عددا من المواقع الشهيرة مثل تويتر وفيسبوك ويوتيوب بعدما تفطن النشطاء إلى استخدامها في تنظيم احتجاجات وتوثيق حملات قمع شهدتها البلاد بعد انتخابات سنة 2009. وتطرقت أكبري إلى الفترة التي احتاجت فيها إلى شراء لوحة مفاتيح جديدة لجهازها. وعندما رفضت شركة أمازون إرسالها إلى إيران، طلبت من أحد أقاربها في دبي شراءها من أجلها. وقالت “يبقى هذا مجرد مثال. نرى الآلاف من المنتجات على الإنترنت ونرغب في شرائها، لكننا لا نستطيع ذلك”. وعلى الرغم من القيود (أو ربما بسببها) أصبح الإيرانيون ماهرين في فنون التهرب من الرقابة من خلال خوادم البروكسي والشبكات الخاصة الافتراضية. وقال مطور البرامج مهدي بايجي إنه تلقى رسالة إلكترونية من منصة برمجة معروفة قيل له فيها إن حسابه معلق بسبب العقوبات الأميركية. وأضاف “يعد هذا الأمر طبيعيا. سأتجاوز الحظر كما أفعل دائما”. ولم تمنع الرقابة الإيرانيين من الوصول إلى هذه المواقع من خلال شبكات خاصة افتراضية أو غيرها من الخدمات. كما لم تمنع عددا من كبار المسؤولين الإيرانيين من استخدام المواقع لبث مواقفهم وردودهم الرسمية. وكثيرا ما ينشر وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، تغريداته باللغة الإنكليزية. كما أن مكتب المرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس حسن روحاني ينشطان على هذه المنصات بانتظام نيابة عنهما. وحث خامنئي شباب إيران على “استخدام الفضاء الإلكتروني بذكاء” لمواجهة العدو، وانتشرت الحسابات المؤيدة للحكومة على تويتر وإنستغرام. كما تعهد روحاني، المعتدل مقارنة بالمؤسسة الدينية الإيرانية، بتوسيع حرية الإنترنت عندما انتخب سنة 2013. لكنه فشل في الوفاء بتلك الوعود، ويعود ذلك إلى سيطرة المتشددين على صناع هذا القرار ومنفذيه. وفي سنة 2018، منعت السلطات تيليغرام، وهو تطبيق استخدمه عشرات الملايين من الإيرانيين لإرسال رسائل مشفرة لتنظيم الاحتجاجات على المصاعب الاقتصادية. ويبقى يوتيوب بعيد المنال، حيث يصعب تنزيل مقاطع الفيديو ومشاهدتها حتى مع الحلول البديلة. وقالت أكبري “يشبه يوتيوب جامعة محظورة على الإنترنت”.ويخشى المتشددون من الوصول الكامل إلى الإنترنت حتى لا تؤجج الاضطرابات ضد رجال الدين. وطورت السلطات نظامها المغلق الخاص، والمعروف باسم “شبكة المعلومات الوطنية الإيرانية”، ويشير البعض إليها بـ”الإنترنت الحلال”، وباتت تحجب المواقع الأجنبية وتعطل الوصول إلى المواقع الأخرى. يقول المسؤولون إن الشبكة مصممة لحماية البلاد من الهجمات الإلكترونية والعقوبات الأميركية. كما تعمل إيران على تطوير خدماتها الخاصة للمراسلة والعمليات المصرفية والترفيه على الشبكة كجزء من حملة أكبر لتحقيق الاكتفاء الذاتي وسط العقوبات الغربية. اتخذت الحكومة خطوات لتوسيع نطاق الوصول إلى الشبكة، وزعم روحاني خلال الشهر الحالي قدرة جميع المدن و78 بالمئة من القرى الإيرانية على التمتع بالإنترنت السريع. لكن، معظم الإيرانيين يؤكدون أن تصفح الإنترنت في بلادهم لا يتجاوز تجربة مخيبة للآمال. وقال دانيال بهزادي، وهو خبير في تكنولوجيا المعلومات “تعدّ زيادة عدد المستخدمين أسرع من الإنترنت في البلاد. وتبقى الإنترنت في إيران بطيئة ومكلفة وغير محايدة”. من جهة أخرى، خلقت العقوبات عددا من الحواجز، حيث تمنع الحكومة الأميركية شركات التكنولوجيا من تقديم خدماتها إلى إيران. ويواجه المستخدمون الذين يحاولون تنزيل التطبيقات رسائل تفيد بأن هذه الخدمات محظورة، وتعلق بعض الشركات الأميركية حسابات المستخدمين عندما يدركون أنهم من إيران. كما قيدت العقوبات قدرة الإيرانيين على التسوّق عبر الإنترنت. ولا يستطيع الإيرانيون استخدام بطاقات الائتمان الدولية أو خدمات الدفع وتحويل الأموال عبر الإنترنت مثل “باي بال” لأن البلاد معزولة عن النظام المصرفي الدولي. كما ترفض أمازون الشحن إلى إيران بسبب العقوبات. وفي تقرير حديث لهيئة الأوراق المالية والبورصات، قالت عملاقة البيع عبر الإنترنت إنها تشتبه في شراء السفارات الإيرانية والبعثات الدبلوماسية في الخارج لما يزيد عن 50 ألف دولار من البضائع، من الكتب والملابس إلى الألعاب والمنتجات الخاصة والحيوانات الأليفة.

مشاركة :